هل اخلّت الدول الداعمة للمعارضة السورية بوعودها ؟روزانا رمال

روزانا رمال
هل اخلّت الدول الداعمة للمعارضة السورية بوعودها ؟

لم يعد يهم بعد الان اذا تم تشكيل حكومة انتقالية كما تسميها المعارضة السورية او لم يتم فالذي حصل خلال اجتماع تركيا للاتفاق على تشكيلها في 21 كانون الثاني الفائت و فشل المجتمعين بالاتفاق على انشاء هذه الحكومة كان كافيا للاشارة الى عدة دلالات تؤكد ان هناك متغيرات طرأت على الساحة الدولية بخصوص الازمة السورية و تشير الى الاهم من ذللك الى شيئ اساسي و مهم جدا لقراءة المشهد و هو ان "هذا الزخم المشهود من الدول و الاطراف الداعمة للمعارضة السورية بدأ يتقلص شيئا فشيئا" و قد اكد على هذا الرئيس الاميريكي باراك اوباما في خطابه بمناسبة تنصيبه لولاية اميريكية ثانية رسميا بتركيزه على شؤون بلاده الرئيسة و ازماتها الاقتصادية و متجاهلا اي خصوصية للمعارضة و المشهد السوري الذي كان يطمح بتغيير مساره بزخم اكبر ببداية الازمة مبقيا على استبعاده التدخل العسكري و رفضه للحروب هو و ادارته الجديدة ...

لم يعد مهم شكل او تكوين هذه الحكومة لانها ستفتقد باعتراف مؤيديها الى العديد من المرتكزات الاساسية الرئيسية لثباتها و ثبات اي حكومة حديثة المنشاْ حتى لو كانت حكومة مؤقتة و محددة زمنيا لانها تحتاج عناصر ارتكاز باي حال او شكل من الاشكال ليتم البناء عليها , فما هي هذه المرتكزات التي تفتقدها الحكومة السورية ان كان لناحية نشوئها او لناحية استمراريتها و فعاليتها ؟

تحتاج اي حكومة الى مجال حيوي لفرض السلطة اي تحتاج كما هو معهود بعلم السياسة و حسب كبار المفكرين و فلاسفة السياسة القدامى و المعاصرين و بمناقشتها علميا و بالتفصيل الى عناصر مكونة كما ان انشائها يتعلق بجوانب اخرى مرتبطة كل بكل و بعضها ببعض بشكل منسجم و متوازي منها الجانب الاقتصادي و الاجتماعي و ما هو متعلق بالانتربولوجيا اي الجانب الانساني و الى الديموغرافيا - الشعب و الارض و الامن كل هذا يجب ان يتوفر ليمثل ارضية الانطلاق للبحت في العناصر القانونية المؤسسة لاي حكومة

اولا : بحالة المعارضة السورية بالتحديد و بعيدا كل البعد عن اي بحث في الجانب السياسي فان المعارضة تفتقر الى اي من الارضية المتماسكة فيما بينها للانطلاق منها الى بناء موؤسسات الحكومة فلو اخذنا اهم العناصر و هي الارض التي ستبسط هذه الحكومة سيادتها عليها لوجدنا ان هذه الارض غير متوفرة بشكل امِن اي " الامان " و لو سلمنا جدلا ان خلال المعارك سيطرت قوات المعارضة على بعض الاراضي و لا يهم مساحتها هنا بالتحديد فان هذه الارض غير امنة او صالحة لاستقبال او احتضان اهلها لان المعارضة غير قادرة على توفير الامن المستتب فيها و المعارك ما زالت موجودة و الازمة موجودة و الجيش السوري يقاتل و بعقيدة ما زالت ايضا موجودة و بالتالي فان الارض غير صالحة في حال توفرت لبسط السلطة عليها و الاستقرار فيها .

ثانيا : بالنسبة للشعب او سكان المناطق التي لو سلمنا جدلا انها بيد المعارضة السورية فان المجتمع السوري متداخل و اثبتت الازمة ان سوريا منقسمة كبلد بين موالي للنظام و معارض و لن نتطرق ايضا الى النسبة لانها ليست موضوع البحث الان و هذا ايضا عامل غير مشجع قد يزيد من التناحر على وقع الازمة لذلك فمن الناحية الديمغرافية او الاجتماعية- الفكرية تواجه هذه الحكومة مشاكل اساسية .

ثالثا: اما من الناحية الاقتصادية و الموارد و العائدات المتوفرة لكي تقوم الحكومة و مؤوسساتها و ما تتطلب من اموال و مصاريف على اشخاصها او مؤوسساتها فهي غير كافية في حالة المعارضة السورية التي ما زالت تعتمد على المؤتمرات الداعمة و هي لم تستلم اي من اموال النظام لدى دول الخارج و حتى داخليا لا تملك المصادر او الموارد او المصارف او البنوك التي ستتكفل ان تعطي حياة اقتصادية لهذه الحكومة حتى لو امنت الدول الداعمة اموال لفترة محدد فالحكومة ستحتاج الى المزيد دائما لذلك فالناحية الاقتصادية غير واعدة لها .

.رابعا : من الناحية الامنية تحتاج اي حكومة الى جهاز امني من جيش او شرطة للدفاع عن اشخاصها و اهلها و هذا الامر غير متوفر عند المعارضة السورية فبدل وجود جهة عسكرية موحدة نجد عدة جهات تتنازع فيما بينها حسب مصالح فئوية و خاصة غير عامة لا يبدو حتى اليوم بعد 22 شهرا ان هناك جهة عسكرية موحدة تاخذ الامرة من مصدر واحد لذلك فان هذا الجهاز الامني يعاني من ضعف في عدة مكامن و هذا يشكل اخطر المشاكل لما للامن من اهمية عليا .

بالانطلاق الى العناصر القانونية بعلم السياسة التي تستند هنا الى الدساتير و التشريعات لتتكون الحكومات يجب ان تتوفر عناصر اساسية في اي حكومة و منها :

1 - القانون او الدستور

2 - الشرعية

3- السلطة القضائية

4- تنفيذ القانون و اليته

5 رئيس الحكومة

انطلاقا من العنصر الاول و هو القانون او الدستور لا يبدو حتى اليوم ما هي الهوية الاساسية للقانون الذي سيتم اتباعه و من هي اللجنة التي ستصيغه و على اي اسس و اولويات ستبنى قواعده و وفق اي مشرع .. اضافة الى ان القانون يجب ان يحظى برضى الشعب عبر التصويت عليه ديمقراطيا اذا ما كان الهدف كما تقول المعارضة الانتقال الديمقراطي و من غير المؤكد ايضا ان هذا القانون اذا وجد سيحظى بالقبول حتى لو كانت الحكومة التي تسعى المعارضة لتشكيلها مؤقتة فهي تحتاج الى ما يسمى" قانون يحفظ قواعد السلوك" و هذا غير متوفر ايضا حتى الان للحالة الانتقالية للحكومة

في ما يخص العنصر الثاني و هو الشرعية فما زالت المعارضة لا تحظى بشرعية تمثيلها للدولة السورية لدى عدة دول رئيسية اقليمية و دولية و بالتالي فان مهمتها تبدو اصعب لا بل مستحيلة لاقناع بعض الدول العظمى كروسيا و الصين او البرزيل او ايران و غيرها من الدول الاساسية ذات العلاقة التاريخية بالشعب السوري و التي تشكل العلاقة معها مصدر خدماتي اقتصادي عسكري سياسي و ثقافي مهم و هي متعارضة جدا معها بالسياسة حتى اليوم ما يشير الى ان المعارضة ستؤثر سلبا على سوريا نواحي عدة ابرزها الناحية الاقتصادية التي تعتبر حيوية للشعب السوري .لذلك تحتاج المعارضة الى حملة اعتراف دولية واسعة و شاملة لكي لا تشكل عبئا على سوريا و اهلها .

عنصر اساسي و هو الثالث ستفتقده الحكومة المؤقتة و هو السلطة القضائية و هذا يعتبر ثغرة كبيرة و خطيرة لقيادة اي جماعة من المجموعات فماذا لو كانت الجماعة هذه تنوي تاسيس دولة كاملة متكاملة تحفظ الحقوق و الواجبات عبر قضاء يرعى حقوق الناس و يحميهم ...

اما العنصر الرابع الذي يتمحور حول الية تنفيذ القانون قد يبدو من المهمات المستحيلة على المعارضة التي ستواجه العديد من حالات العصيان و التمرد و عدم الانصياع و الطاعة من العديد من المواطنين الرافضين للمعارضة و بالتالي رفض التقيد باي من القوانين " ان وجدت " لذلك حتى لو توفرت القوانين فان ذلك لا يكفي بل هناك حاجة الى الية لتنفيذها من هنا يجب ان يتوفر من هو معني بالحفاظ على تنفيذ القوانين اي جهات مختصة بحفظ قواعد السلوك ..

العنصر الاخير الذي هو اساس الواجهة او راس الحكومة المتمثل برئيسها بحالة المعارضة السورية غير متفق عليه ايضا بين شخصياتها فيوميا يتم الحديث عن اسم من هنا و من هناك او عن اسماء قيادات منشقة و خلافات و عن اسماء تقبلها بعض الدول و اسماء مرفوضة كليا ...و هذه معضلة جديدة ...

هناك مشكلة ايضا ستواجه المعارضة من ناحية تكوينها و اشخاصها لو دخلنا الى قلبها و هي متوقعة يجب الاشارة اليها و هي ان التيارات العقائدية الاسلامية التي تواجه جنبا الى جنب مع قوات المعارضة المسلحة على نفس الهدف هي واقعا موجودة و هي اعلنت انها تريد بناء جمهورية اسلامية علناو صراحة وسرعان ما تشق الطاعة على الحكومة وتعلن حكومتها وكذلك المكونات الكردية التي اعلنت ان اي حكومة لا تمنح الاكراد حكما ذاتيا مستقلا لن تحظى بثقتها

لذلك و وفق ما ذكر قانونا تبدو مهمة انشاء هذه الحكومة صعبة و ان انشأت فمن الصعب استمراريتها لذلك لم يعد مهم نشوئها لانها غير محظوظة قانونا و لن تكون ارضية متينة لانشاء حكومة اساسية بعد رحيل الاسد حسب طموحات المعارضة

اما بالوقائع وفق منظور المعارضة و ما قد يزيد الامر تعقيدا ما اشار له قادة ائتلاف المعارضة اعلنوا في تبريرهم لفشل اعلان الحكومة و تاجيله وهما شيئين غاية في الخطورة الاول يتصل بالاعتراف الديبلوماسي فقالوا انهم "لا يمتلكون اي تاكيد من حد ادنى من الاعتراف الشبيه بالذي حصل عليه المجلس الانتقالي الليبي قبل تشكيل حكومته داخل ليبيا وهما مقعد ليبيا في الجامعة العربية وسفاراتها في دول المساندة بينما في حالة سوريا لا يزال الاعتراف بالائتلاف كمنظمة شعبية ولم يحظ باي مستوى يبشر ان الحكومة التي سيشكلها ستحظى باكثر...

اما الامر الثاني فهو التمويل الذي يشكل شريان اهلية "الحكومة مع الشعب" فقد كشف قادة الائتلاف انهم لم يتلقوا اي تاكيد بان نفقات الحكومة متوفرة فيما بدات الدول المساندة و الداعمة تتحدث عن سرقات و فساد في وضع المعارضة لا يسمحان باعتماد حكومتها ووضع الاموال بعهدتها ...

اما سياسيا و دوليا فان الحماس و الزخم الذين كانا موجودين لدى الدول الداعمة للمعارضة الذي يمثل "النوايا " اصبح اقل يوما بعد يوم و ما جرى في اجتماع تركيا و الفشل في الاتفاق على الحكومة يشير الى ان هناك صعوبات تواجهها المعارضة ان كان من داخل مكوناتها او شخصياتها او معرقلة خارجيا و ان حصلت على دعم مالي في وقت متاخر من نفس اليوم الا ان هذا الدعم لا يخفي وجود الارتباك و مكامن الضعف و عدم الاحساس بالامان من الدول التي من المفترض ان تكون قدر رسمت كل شيء على اكمل وجه و احسن تقدير بعد 22 شهرا من ازمة غير مسبوقة انهكت دولا عديدة ..

فهل فعلا نكثت الدول الداعمة للمعارضة بوعودها لها بعد ان عجزت عن فرض رؤيتها على الساحة الدولية و عجزت عن قلب المعادلة و قلب سير المفاوضات القائمة و التي على ما يبدو ستفضي الى حكومة وحدة وطنية سورية تضم طرفي الازمة ؟..

الايام المقبلة ستوضح المشهد اكثر فاكثر .. و لم يعد مهما كثيرا تشكيل حكومة مؤقتة من عدمه ! ...

» مصدر عسكري روسي: استخبارات الدول الداعمة "للمعارضة السورية" تحضر لاستخدام مرتزقة من أصول سلافية لتشويه سمعة روسيا
» نقاط ضعف المعارضة السورية...بقلم روزانا رمال
» لم لا تنشق البعثات الديبلوماسية السورية ؟ بقلم: روزانا رمال
» اوباما مختلف !!! روزانا رمال
» على حزب الله ان يحذر -روزانا رمال