الرئيس الأسد قد يعلن انتصاره في المرحلة اللاحقة ..وحان الوقت كي يعترف أوباما وويليام هيغ وأمثالهما بالواقع

الرئيس الأسد قد يعلن انتصاره في المرحلة اللاحقة ..وحان الوقت كي يعترف أوباما وويليام هيغ وأمثالهما بالواقع
دام برس:

العامل الأبرز الذي يفسر صمود الرئيس بشار الأسد ليس مقوماته الشخصية ولا كيفية مواجهته للاحتجاجات، ولكن قدرته اللافتة على إقناع الأطراف الغربية التي يمكن أن تفكر بالتدخل مستقبلاً بأن المرحلة المقبلة ستكون أسوأ من الوضع الراهن.

في رد غاضب على خطاب الرئيس بشار الأسد الذي دعا يوم الأحد إلى إنهاء حركة التمرد، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن خطاب الرئيس السوري "منفصل عن الواقع". لكن يمكن قول الأمر نفسه عن الولايات المتحدة وخصوم الأسد الغربيين والعرب، فبعد سنتين على بدء حرب استنزاف دموية، لا أحد يستطيع إنكار أن الأسد لا يزال في السلطة وهو لا يُظهر أي استعداد لتلبية المطالب برحيله ولايزال بعيداً عن الهزيمة. تشير التطورات الواقعية إلى أن الأسد قد يتفوق على أعدائه الكثيرين وقد يعلن انتصاره في الحرب الأهلية السورية.

لا يمكن تفسير هذا الصمود استناداً إلى قدرات الأسد الشخصية التي تبقى محدودة،ولا إمكانات داعميه المحليين ، ولا قوة الرئيس في تنفيذ الحملة العسكرية، بل يتعلق العامل الأبرز بقدرته اللافتة على إقناع الأطراف الغربية التي يمكن أن تفكر بالتدخل مستقبلاً بأن المرحلة المقبلة ستكون أسوأ من الوضع الراهن. حين يبدأ أبرز المعلقين في واشنطن، مثل ديفيد إغناتيوس، بالكلام عن "مواجهة الحقيقة والمصالحة"، يسهل أن نستنتج أن المعركة أصبحت خاسرة.كانت هذه العملية المبنيةعلى إعادة تأهيل جيوسياسية (يمكن تسميتها "حملة نفسية لمكافحة التمرد")تدريجية لكن بالغة الفاعلية. يتعلق أحد أبرز الجوانب بتسليط الضوء على تنامي دورالأصوليين الإسلاميين داخل سورية، علماً أن الأسد يعتبرهم دوماً إرهابيين خارجيين يهددون الوطن السوري. ينجم "عامل الرعب" الجهادي عن الرسالة التي وجهها زعيم"القاعدة"، أيمن الظواهري، في شهر فبراير الماضي عبر شريط فيديو حيث دعاالمسلمين المتدينين، لا سيما السنّة المقيمين في لبنان وتركيا والأردن والعراق، إلى المساهمة في تدمير النظام السوري.

قال المحلل توبياس فيكين في صحيفة The Australian: "

منذ ذلك الحين، انتشرت تلك الرسالة على نطاق واسع وبدأت فكرة الانضمام إلىالجهاد في سورية لمواجهة دكتاتور علوي تجذب الشباب من أنحاء العالم". توزعتأعداد المتطوعين المتزايدة (تصل إلى 2500 عنصر وفق التقديرات، وقد حضر البعضمن إندونيسيا ومن شينجيانغ في الصين) ضمن مجموعات كبيرة تشمل "الجيش السوري الحر"، و"لواء الإسلام"، و"كتيبة الأنصار"، و"أحرار الشام"، و"جبهةالنصرة" المرتبطة بعلاقات وثيقة مع "القاعدة في العراق".

تأثر الرأي العام الغربي (لا سيما في الولايات المتحدة) بالاستنتاج القائل إن سورية لاتشبه مصر أو ليبيا حيث أنتجت الثورة نتائج واضحة نسبياً، وأن البلد قد يصبحعبارة عن دولة فاشلة أخرى تؤوي المتعصبين الذين ينتمون إلى "القاعدة"ويميلون إلى خوض مواجهة دولية. تنامت هذه المخاوف بعد صدور تقارير متعددة،تحديداً في إسرائيل والولايات المتحدة، مفادها أن الأسلحة الكيماوية التي يملكها الأسد قد تصل إلى يد المجاهدين. حذر باراك أوباما الأسد من استعمال تلك الأسلحة ضد خصومه، لكن يتعلق الخوف الأكبر الآن باحتمال استعمالها يوماً ضد الأهدافالغربية.

أصبحت رهانات الغرب على سورية جليّة في الأشهر الأخيرة وقدتصاعدت لهجة الخطاب في هذا المجال. لم تعد المطالب السياسية مرنة بل تجددالتركيز على ضرورة تنحي الأسد فوراً ومن دون شروط مسبقة. أعلن الغرب، بقيادةفرنسا، أنه لن يقبل بأقل من تغيير النظام، لكن في الوقت نفسه، اختفى على ما يبدوالرأي الذي يدعو إلى بذل كل ما يلزم عسكرياً ولوجستياً لضمان تحقيق ذلك الهدفمثل تسليح الثوار (لا شك أن الثوار سيكونون الخاسرين في هذه الحالة). علىالرغم من تجمّع قوى المعارضة تحت مظلة "الائتلاف الوطني السوري"، بدأتإمدادات الأسلحة والمساعدات المالية تتلاشى.

حتى الدول الخليجية السنّية بدأت تعيد النظر بموقفها لأنها تفكر باحتمال أن تغرقسورية في الفوضى بعد حقبة الأسد كما حصل في العراق بعد صدام حسين.

يرمز القرار الإسرائيلي ببناء دفاعات حدودية على طول الجولان وقرار تركيا بنشرصواريخ "باتريوت" على طول حدودها إلى هذا الواقع المتغيّر. لم يعد الهدف المنشود تحرير سورية بل عزلها واحتواء عدوى الصراع.

بما أن الولايات المتحدة وبريطانيا لا تحركان ساكناً وتتفرجان على فشل بعثة السلامالثانية بقيادة الأخضر الإبراهيمي (كانت البعثة الأولى بقيادة كوفي أنان وقد انهارتفي السنة الماضية)، ونظراً إلى غياب أي ضغوط فاعلة على الرئيس الروسي فلاديميربوتين كي يتوقف عن حماية سورية دبلوماسياً،

وبما أن التدخل العسكري يبقى خياراً مستبعداً جداً، ونظراً إلى غياب أيجهود دولية لتقديم الإغاثة الإنسانية ومساعدة اللاجئين السوريين فيتركيا ولبنان والأردن، يمكن استخلاص استنتاج واحد: الغرب ليس جدياًبشأن إسقاط الأسد بأي ثمن. لقد فهم الأسد هذه الرسالة حتماً.

كتب توني كارون في صحيفة "تايم":

"على الرغم من جهود الإبراهيمي- والقوى المتعاطفة مع النظام مثل روسيا والصينوحليف الأسد اللبناني، أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله- للتوصل إلى تسوية يتمالتفاوض عليها، لم يُظهر النظام أي استعداد لإطلاق عملية انتقاليةديمقراطية قد تؤدي إلى إسقاطه. كذلك، يظن قادته أنهم سيتابعون محاربة الثوارمع ضمان استمرار وضع المراوحة".

لكن حرص جوشوا لانديس، خبير بالشؤون السورية في جامعةأوكلاهوما، على إخبار كارون بأن الأسد سيبقى على حاله بغض النظر عنموقف وزارة الخارجية الأميركية.

قال لانديس: "ما لم يرتفع منسوب التدخل الخارجي بشكل جذري، فقد يبقى الأسدفي منصبه في عام 2014. لا شيء في الوضع الراهن يُجبره على الرحيل، لقدحصّن أبرز المدن بطبقات أمنية، فسمح للأراضي الفقيرة بأن تصبح تحت سيطرةالثوار ثم استعمل قواته الجوية ومدفعياته. بعد مرور سنتين تقريباً على بدء الانتفاضة،ورغم ارتفاع زخم الثوار في المرحلة الأخيرة، فإنهم لم يسيطروا بالكامل بعدعلى أي مدينة أو بلدة كبيرة واحدة.....

ورغم التطمينات التي يصدرها الثوار وداعموهم، لا أحد في المعارضة اليوميستطيع شرح الطريقة التي سيفوز بها الثوار. لا يزال النظام موحداً وهويملك جميع الأسلحة الثقيلة اللازمة. يتابع عدد كبير من الثوار نشاطاتهم على افتراضأن الولايات المتحدة ستتدخل وتقلب الوضع لمصلحتهم".

لكن رغم حملة التهديد والوعيد في واشنطن (ولندن)، يبقى خيار التدخل الحاسممستبعداً جداً، وقد حان الوقت كي يعترف أمثال أوباما وويليام هيغ بهذا الواقع كييبدؤوا بالتعامل مع حقيقة ما يحصل بدل التركيز على ما كان يمكن أن يحدث

» أمير قطر يعترف بدور الرئيس الأسد في نصر غزة.. وقلب الطاولة على الملك السعودي
» اعلان ترشح الأسد صورة مقلوبة لاعلان انتصاره في الحرب
» وسائل اعلام أمريكية: مصداقية الرئيس الأسد أكبر من أوباما
» مجلس الدوما الروسي : الرئيس بشار الأسد على حق عندما يعلن "إننا نناضل ضد مؤامرة دولية"
» حان الوقت لإقامة منطقة عازلة في سوريا.. مساعد أوباما السابق: أي طائرة سورية تحلق داخل 75 ميلاً من الحدود يجب إسقاطها