الإخوان و تفاحة الاستبداد – غالب قنديل

الإخوان و تفاحة الاستبداد – غالب قنديل

الإخوان و تفاحة الاستبداد
غالب قنديل

من المسلم به ان فرع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في مصر هو الأنشط فكريا و سياسيا و الأكثر جماهيرية و انفتاحا وقد تقدم منذ كمب ديفيد في مجابهة نظام رجعي تابع للغرب الاستعماري يرتبط باتفاقات تعاون امني و سياسي و اقتصادي مع العدو الصهيوني و بالتالي فهو يمثل بيئة و بنية على العكس من فرع الإخوان في سورية الذي تربى في حضن المخابرات الغربية و الخليجية على خصومة مع النظام السياسي الوطني المقاوم الذي شكل مركز القلعة العروبية التحررية خلال العقود الماضية .
اولا يتبين أن تنظيم الإخوان في المنطقة العربية يقدم أرقى ما لديه في تجربته المصرية و حصيلة تلك التجربة تصح معيارا لمستقبل قيادة الإخوان و مشروعهم و نموذجا لنهجهم الفكري و السياسي في التعامل مع قضايا الأمة الكبرى .
طبعا نتخطى حقيقة أن قيادة الإخوان المسلمين في مصر سقطت مرتين في زمن الانتفاضة الشعبية و ما يسمى بالثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس مبارك مرة عندما تأخرت في مواكبة الهبة الثورية للشعب المصري و كانت ما تزال على اتصال مع نظام مبارك و جهاز امن الدولة الذي كان للتنظيم مندوب موثوق لديه هو الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي كما تباهت الواشنطن بوست غداة انتخابه رئيسا و المرة الثانية كانت عندما صب زعماء الإخوان في مصر جام غضبهم على شباب التنظيم الذين شاركوا في اقتحام السفارة الإسرائيلية بينما تبارى الزعماء و القادة الإخوانيون في الحديث عن واجب إكرام الضيف و حفظ العهود و المواثيق في معرض الكلام عن الصهاينة الذين يدنسون مصر المحروسة .
ثانيا إن خلاصة ما قام به الرئيس مرسي و قادة الإخوان في مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية التي شهدت اشتعال هبة شعبية ثورية عارمة بعد الإعلان الدستوري الرئاسي تكشف حقيقة نظرة الإخوان المسلمين الاستراتيجية للعديد من الأمور المحورية في واقع مصر و المنطقة و اخطرها التعامل مع الغرب الاستعماري بمنطق مقايضة دعمه لاستيلاء الإخوان على الحكم مقابل تقديم الخدمات لإسرائيل و اداء الوظيفة التي اختص بها نظام مبارك على أساس اتفاقيات كمب ديفيد .
جاء الإعلان الدستوري بعد الدور الوظيفي الذي قام به الرئيس مرسي في حرب غزة و قاد من خلاله عمل المخابرات المصرية وفقا للطريقة ذاتها التي درج عليها مبارك أي تأمين مصالح إسرائيل و امنها و الوزن المضاف في ذلك الدور المشبوه كان تسخير علاقة الإخوان بحركة حماس لصالح فرض الشروط الإسرائيلية في صيغة التهدئة لدرجة ان قيادة حماس وقعت على إعلان يعتبر نضال المقاومة عمليات عدائية إضافة إلى مباشرة تنفيذ حصار محكم بالاشتراك مع المخابرات الأميركية و الإسرائيلية في أعقاب الدور النشط لحكم مرسي في تدمير الأنفاق و هي ميزات لم تكن إسرائيل تحلم بالحصول عليها مع نظام مبارك.
ثالثا حصل مرسي على مباركة كلينتون لإعلانه الدستوري كمكافأة على دوره في حرب غزة و لشروعه مع اخوانه بمعونة قطر و تركيا في مباشرة ترويض و احتواء حركة حماس تمهيدا لمشروع المصالحة على حساب خيار المقاومة و هذا ما تحدثت عنه الصحافة الأميركية التي قالت إن الإعلان الدستوري صدر بمباركة هيلاري كلينتون التي أعجبت بتجاوب الرئيس مرسي مع طلباتها و مع شروط إسرائيل الأمنية المتعلقة بتشديد الحصار على القطاع لمنع استقدام الأسلحة و الصواريخ .
و الإعلان الدستوري الرئاسي لم يكشف فقط استنساخ عقلية المقايضة التي ميزت نظام مبارك بل ايضا تخطى ما كان عليه نظام مبارك في الحكم الاستبدادي من حيث المحتوى ، عندما جعل الرئيس الإخواني حاكما إمبراطوريا مطلقا و هو ما ادى لتفاعلات خطيرة في المجتمع المصري الذي لم يعد بمستطاع اي قوة سياسية إعادة حبسه و منع قواه الحية من التعبير عن خياراتها و توجهاتها في القضايا الوطنية الكبرى و هذا ما فضح المضمون السلطوي الاستبدادي لمشروع الإخوان و كذب ادعائهم عن الديمقراطية حيث ظهر في مصر انهم يتوسلون الشعارات بانتهازية مفرطة لتحين فرص مواتية لفرض حكم استبدادي مطلق.
رابعا السقوط الأخلاقي لتنظيم الإخوان يتثمل بعدم التزامهم بما يتعهدون به للشركاء فقد سبق للرئيس مرسي بعد انتخابه أن تعهد للقوى الوطنية الراديكالية التي وهبته فرص الفوز بالرئاسة مقابل احمد شفيق الذي لا يستهان بما حصده من نتائج و من احدث فرقا هم الوطنيون من الناصريين و الإسلاميين المقاومين انصار حامدين صباحي و عبد المنعم أبو الفتوح و غيرهم الذي تجمعوا في جبهة الإنقاذ ضد الإعلان الدستوري و حققوا فرصة انتفاضة شعبية ثانية تشابه ثورة يناير التي كان الإخوان آخر الملتحقين بها و اول من حصدوا ثمارها بسبب تنظيمهم القوي آنذاك و الدعم الخارجي الذي تلقوه.
تعهد مرسي فور انتخابه بالتشاور و الشراكة و لكنه انفرد عندما اعتبر ان الدعم الأميركي الإسرائيلي يكفيه لتغطية تدابيره الديكتاتورية و هذا مشين سياسيا و وطنيا و تنبغي الإشارة إلى ان هذه الخلاصات المنهجية تستوجب النظر في سلوك الإخوان في بلد كسورية يعملون لتدميره بإمرة أميركية و بالدعم التركي الخليجي الذي يقودون بفضله عمليات إرهابية على امتداد الأراضي السورية و حيث يتضح أن الشعارات هي وسائل عابرة تخلع عند التمكن و اهم التحالفات هي الرضى الأميركي الإسرائيلي و أبرز الأهداف هو التسلط و ليس محتوى السلطة الاقتصادي الاجتماعي ... تفاحة السلطة اخرجت الإخوان من جنة الادعاء الرسالي و التطهري التي ليست سوى مزاعم وهمية لأكثر الجماعات التصاقا بالغرب و ارتباطا بالسلوكيات الانتهازية و بالنفعية الذرائعية .

» الإخوان و العدوان على غزة بقلم : غالب قنديل
» درس لبناني من غزة>>>غالب قنديل
» حزب الحرب الأهلية – غالب قنديل
» حول الحملة الخليجية – غالب قنديل
» حول الدور المصري...غالب قنديل