مستنقع الفشل الأميركي – غالب قنديل

مستنقع الفشل الأميركي – غالب قنديل

شكل الإعلان الأميركي عن التوجه لإدراج "جبهة النصرة" على قائمة المنظمات الإرهابية خطوة مفاجئة في موازاة التهديدات المتواصلة بشن الحرب على سورية بذريعة السلاح الكيماوي في حين تدير المخابرات الأميركية محاولة من تركيا لتوحيد الفصائل المسلحة بغياب ممثلي "جبهة النصرة" تحت شعار بناء قوة مقاتلة مركزية بقيادة ائتلاف الدوحة المعارض.

أولا: تشير جميع الوقائع الميدانية إلى ان "جبهة النصرة" القاعدية وما يدعى بفصائل الجهاد العالمي التكفيرية وجميعها حشدت بقرار أميركي وبمساعدة المخابرات التركية والسعودية والقطرية تمثل القوة العسكرية الأساسية على الأرض السورية وهي تدار من غرف العمليات الموجودة في تركيا بقيادة ضباط أميركيين مع التشكيلات الأخرى المتداخلة معها من حيث التكوين وتمثل أقلية ضئيلة الفصائل المسلحة التي قيل أنها مشاركة في الاجتماعات التي جرت منذ أيام في تركيا وشهدت خلافات على الأسماء والمناصب.

ثانيا: المحاولة الأميركية الجديدة تعكس التصميم على مواصلة الحرب العالمية ضد سورية وعلى محاولة إنتاج هيكلية مسلحة غير موسومة بشبهات التكفير والعلاقة بشبكة القاعدة وهذا الوهم ذهبت به بعض التصريحات الأميركية إلى حد القول أن القوة التي يعمل الأخوان المسلمون على تكوينها ستكون مهيأة لمحاربة التشكيلات الأخرى التي أقامت مجلسا عسكريا موحدا أعلنته من حلب ورفضت رسميا أي علاقة بائتلاف الدوحة وجميع الخبراء والمتابعين للشأن السوري يعلمون جيدا أن هذه التشكيلات هي الأقوى وهي التي حظيت بالحصة الرئيسية من المال والسلاح وشبكات الاتصالات التي أرسلت من تركيا بإشراف أميركي وسعودي وقطري أو تلك التي جاءت من لبنان والأردن وليبيا.

ثالثا: يظهر من السلوك الأميركي التصميم على اختبار إطالة أمد الاستنزاف الذي يستهدف الدولة الوطنية السورية وبالذات تفعيل الضغوط السياسية والميدانية ضد الدولة السورية على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة التي تسبق بدء أوباما لولايته الثانية وإعادة تكوين الإدارة الأميركية وهو ما سيواكب مناخ التفاوض المتصل بجميع الملفات العالمية وفي مقدمتها الوضع السوري وبلورة الخيارات الأميركية بشأنها، ولذلك فان التهديد بالحرب على سورية يجب أن يؤخذ بجدية على الرغم من كونه الاحتمال الأضعف في سلة الخيارات التي ستعرض على طاولة البيت الأبيض مطلع الربيع المقبل والى جانبها خيار مواصلة الحرب عبر المزيد من تدفق السلاح والمال للعصابات الإرهابية والخيار الثالث الأرجح سيكون إقرار خطة الخروج من المأزق وقبول الغطاء الروسي المتاح للاعتراف بالهزيمة أمام سورية ورئيسها.

رابعا: إن الحصيلة التي يمكن أن تسفر عنها أي مغامرة عسكرية أميركية في سورية مقروءة مسبقا وهي ستكون حربا إقليمية كبرى تشارك فيها منظومة المقاومة وتدفع كلفتها الرئيسية إسرائيل وجميع المصالح والمواقع الأميركية والغربية في الخليج وكذلك تركيا التي تبدي حكومتها حماسة استثنائية لاستدراج مثل هذه الحرب في حين أن المواجهة لن تكون بعيدة عن الاستقطاب العالمي مع تحول سورية إلى مركز لإعادة صياغة التوازنات الدولية ومع الشراكة الإستراتيجية التي تربط الدولة الوطنية السورية بكل من روسيا والصين ودول البريكس.

خامسا: إن التدقيق بتوازنات المنطقة والعالم اقتصاديا وعسكريا يجعل الكلام عن حرب كالتي يهدد بها المسؤولون الأميركيون والغربيون ويتمناها قادة تركيا وقطر والسعودية وتنظيم الأخوان المسلمين نوعا من التهريج المثير للسخرية ولكن الحماقات في التاريخ موجودة وهي احتمال وارد دائما في معادلات الصراع وفي علم السياسة ومن هنا فان منظومة المقاومة تعمل على أسوء الاحتمالات في خطتها وفي تحركاتها بينما تواصل الدولة السورية وشعب سورية وقواته المسلحة خوض المقاومة الأشرس للغزو الاستعماري في تاريخ المنطقة وتبدو في الأفق القريب تحولات هامة ونوعية في الميدان سيكون لها أثر حاسم في حسابات جميع الأطراف والتوتر والهستيريا الظاهران على معسكر الحرب العدوانية يكشفان جانبا مهما من ضيق الهوامش التي يتحركون عليها بعد الانجازات الهامة التي حققها الجيش العربي السوري

» مصر و سوريا و الفشل الامريكي_ غالب قنديل
» اختبار الوهم و الفشل المحتوم – غالب قنديل
» تخبط تركي وأميركي مع الفشل في سورية - غالب قنديل
» الإرهاب وحزب الحرب الأميركي - غالب قنديل
» خطوط التهرب الأميركي من التسوية – غالب قنديل