مرحلة جديدة في مصر : غالب قنديل

مرحلة جديدة في مصر

غالب قنديل

أظهرت التطورات الأخيرة في مصر حركة استقطاب واسعة في المجتمع ضد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي والذي اعتبر انقلابا ديكتاتوريا على الثورة الشعبية وأهدافها ويبدو انه و أيا كانت الاحتمالات فقد انفتح مسار جديد من الصراع السياسي على مستقبل مصر و خياراتها و موقعها في المنطقة .

أولا: ليس خافيا أن توقيت الإعلان الدستوري قد استظل دعما أميركيا كشفته الواشنطن بوست في تقريرها عن زيارة السيدة كلينتون الأخيرة للقاهرة ، و هو اتخذ صفة "رد الجميل" على دور الرئيس المصري في تلبية الطلبات الأميركية الخاصة بإحكام الحصار على المقاومة في غزة و ضمان الشروط الإسرائيلية الأميركية المتضمنة في اتفاق التهدئة و قدم مرسي كمية من الالتزامات و التعهدات التي تستكمل مسيرة كمب ديفيد و تتخطى في المضمون سقوف المواقف و التعهدات التي صدرت عن النظام السابق في جولات الصراع بين المقاومة و الكيان الصهيوني على جبهة غزة .

ثانيا: نجح الرئيس مرسي في إعادة إنتاج دور السلطة المصرية و اجهزتها الأمنية بما يحقق الشروط الأميركية الإسرائيلية تحت شعار التهدئة و لم يجانب الصواب من عقدوا المقارنات بين سلوك النظام المصري الذي يقوده الأخوان المسلمون و سلوك نظام الرئيس السابق حسني مبارك و لاحظوا ما لدى قادة الأخوان من الجسارة في الذهاب إلى ما هو أبعد من التزامات النظام السابق و خصوصا ما يتصل بقبول تمركز قوات أميركية وربما أطلسية إضافية في سيناء لمراقبة منع تهريب السلاح إلى غزة بالإضافة إلى إحياء جميع تدابير الرقابة و الحصار على المعابر وفقا للائحة الممنوعات الإسرائيلية و يستكمل الحكم المصري الأخواني بذلك تجرأه على تدمير أنفاق عفت عنها آلة اللواء عمر سليمان التي إئتمنها الأميركيون و الصهاينة لأمد طويل على محاصرة غزة و نوهوا بتعاونها و راعوا ظروفها.

ثالثا: إن حجم القوى الشعبية و الكتل الاجتماعية التي تشارك في التحرك ضد الإعلان الدستوري يعكس تخندق غالبية ساحقة في المجتمع المصري ضد خطر الديكتاتورية و تتقدم الصفوف القوى الحية التي شاركت في الثورة الشعبية و انتفضت ضد النظام السابق و هي التي فرضت على الأخوان المسلمين النزول إلى الميدان بعد طول تردد و انتظار و هذا التحرك الجماهيري الكبير الذي برز في القاهرة يوم الثلاثاء يضع الرئيس المصري على مفترق خطر فهو إما ان يتراجع فيخضع لتوازن جديد يتيح للقوى الوطنية الراديكالية التحكم بالمعادلات الجديدة و إما ان يذهب نحو الصدام و هذا ما سوف يقود إلى تصاعد الرفض الشعبي و إذكاء التناقض الذي يصعب حله بدون انتصار احد المعسكرين سواء كان المخرج السياسي الذي قد يتم التوصل إليه هو تقديم انتخابات مجلس الشعب ام غير ذلك من الأفكار المطروحة و المتداولة .

رابعا: على جري النظام السابق يبدو من سلوك الرئيس مرسي ان الاستقواء بالدعم الأميركي و التفويض الإسرائيلي هو عنصر الارتكاز في التحكم بمعادلات الداخل المصري ، بينما تمتد عناصر التناقض و الصراع نحو مستقبل مصر السياسي و الاقتصادي و دورها في المنطقة و في قضية فلسطين بالذات و ما أبداه الحكم الجديد لم يتجاوز أصلا إعادة إنتاج السياسات و الخيارات السابقة التي نادت الهبات الشعبية المصرية بإسقاطها و تغييرها فلا استجداء القروض و المساعدات و لا الوظيفة السياسية و الأمنية الناتجة عن كمب ديفيد وحراسة الهيمنة الإسرائيلية هي ما يصبوا إليه المصريون و يتطلعون عبره لمستقبل بلادهم و لذلك فالأساس المكون لمناخ الهبة الشعبية الجديدة يتجذر إلى هذه الدوافع و لا يقف فحسب عند حدود الالتزام بشروط الانتقال الديمقراطي الذي تم التوافق عليه لمنع العودة إلى الديكتاتورية بقناع جديد .

» هل من يالطا سورية جديدة ؟ - غالب قنديل
» أوهام جديدة تسقط من حلب... غالب قنديل
» مرحلة جديدة.. محاصرة مالية خليجية اميركية لـ«حزب الله»
» العلاقات الإيرانية ـ التركية: مرحلة جديدة
» الحرب على «داعش» تدخل مرحلة جديدة؟