مرسي فرعون مصر الجديد.. قلق غربي وصدام مع الشارع
24/11/2012
شوكوماكو || وكالات
في انتهاك واضح لإستقلالية السلطة القضائية في مصر نصب الرئيس المصري محمد مرسي نفسه فرعوناً جديدا لمصر، واقر عدة قرارات جرئية أبرزها إصدار إعلان دستوري جديد يوسع به صلاحياته ويحصن قراراته من أية رقابة قضائية، ومنع بموجبها أي حل قضائي لمجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، وأقال النائب العام.
لكنّ الأخطر في قرارات الرئيس "الإخواني" التي هزت الطبقة السياسية والشارع المصري، وأتت بعد أقل من 24 ساعة على الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى القاهرة، تمثلت في أنه منح نفسه الحق في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية "ثورة 25 يناير"، في ما وصفته المعارضة بأنه "نسخة معدّلة من قانون الطوارئ" الذي حكم به مبارك مصر طوال 30 عاماً.
وفيما قال مرسي، في خطاب أمام أنصاره الذين احتشدوا أمام قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة، إن مصر تسير نحو "الحرية والديموقراطية"، أعلنت المعارضة، التي اتّحدت بأجنحتها اليسارية والليبرالية والقومية ضد القرارات، بدء اعتصام في ميدان التحرير ممهلة الرئيس سبعة أيام لسحب الإعلان الدستوري الجديد.
وأثارت قرارات مرسي غضب الشارع المصري، حيث تظاهر الآلاف في ميدان التحرير تنديداً بـ«عودة الديكتاتورية»، فيما شهدت مدن مصرية أخرى تظاهرات شعبية تخللتها هجمات على مقارّ "الإخوان المسلمين".
وتضمن الإعلان الدستوري: وهو الثاني الذي يتخذه مرسي منذ توليه الرئاسة: سبع مواد - أبرزها المادة التي أعطته الحق في اتخاذ الإجراءات والتدابير الواجبة في حال وجود خطر يهدد "ثورة 25 يناير" أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن، أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها.
وتضمن الإعلان الدستوري كذلك مادة تحصّن جميع قرارات مرسي من الطعن أمام القضاء. ومدد الإعلان الدستوري كذلك عمل الجمعية التأسيسية لمدة شهرين، وحصّن أعمالها من رقابة القضاء، كما حصن مجلس الشورى من الحل.
وشملت قرارات مرسي إقالة النائب العام عبد المجيد محمود، وتعيين المستشار طلعت إبراهيم خلفاً له لمدة أربعة أعوام، وإعادة محاكمة جميع رموز النظام السابق في قضايا قتل الثوار.
في ما يذكر بالطريقة التي أقيل فيها وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي ورئيس الاركان سامي عنان، أذيع قرار إقالة عبد المجيد محمود تزامناً مع أداء النائب العام الجديد طلعت إبراهيم اليمين القانونية.
وكشفت صحيفة "الشروق" أن النائب العام الجديد «ليس له انتماء سياسي معين، وليس عضواً فاعلاً في تيار الاستقلال القضائي، وعلاقته قوية بالمستشارين محمود وأحمد مكي، نائب رئيس الجمهورية ووزير العدل، ودرجته الوظيفية نائب رئيس محكمة النقض. يبلغ من العمر 53 عاماً، وهو أصغر من تولى منصبه في تاريخ مصر القضائي، وله ثلاثة أبناء، ويعيش مع أسرته في طنطا».
المعارضة المصرية، التي توحّدت بأجنحتها الليبرالية واليسارية والقومية ضد قرارات مرسي، رفضت الإعلان الدستوري الجديد، ووصفته بأنه محاولة من الرئيس لإحكام قبضته على مفاصل الدولة، وانقلاب على مؤسساتها الدستورية والقانونية.
وكتب رئيس "حزب الدستور" محمد البرادعي عبر حسابه على موقع "تويتر" ان «مرسي نسف اليوم مفهوم الدولة والشرعية ونصّب نفسه حاكماً بأمر الله.. الثورة أجهضت حتى إشعار آخر».
كذلك، كتب مؤسس «التيار الشعبي المصري» حمدين صباحي عبر "تويتر" ان «قرارات الرئيس انقلاب على الديموقراطية واحتكار كامل للسلطة»، مضيفاً «وطن يبحث عن حلول يدفعه رئيسه إلى مزيد من المشاكل... الثورة لن تقبل ديكتاتوراً جديداً».
بدوره، قال الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى إن «قرارات مرسي ردة ومذبحة جديدة للقضاء وتحد للإرادة الشعبية»، مشدداً على أن هذه الاجراءات «تستدعي موقفاً موحداً من القوى المدنية».
في المقابل، رحبت قوى الإسلام السياسي بقرارات مرسي، معتبرة أنها «تصحيح لمسار الثورة».
ورفض عدد كبير من قضاة مصر قرارات مرسي والإعلان الدستوري، خاصة في ما يتعلق بإقالة النائب العام، وعقدوا اجتماعاً طارئاً في مقر النادي النهري في العجوزة لبحث سبل الرد على قرارات مرسي.
ونقلت قناة "سكاي نيوز ـ ارابيا" عن مصدر في المحكمة الدستورية عدم استبعاده أن تتخذ المحكمة قراراً بعزل مرسي، في ما يعد سابقة في تاريخ مصر، لكن متحدثاً باسم المحكمة نفى أن يكون الأمر قد طرح.
لكن نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي قالت إن مرسي فقد شرعيته الدستورية بعدما أصدر قرارات خالفت الدستور الذي أقسم عليه.
وفي مفاجأة قوية، أعرب عدد من أعضاء تيار الاستقلال القضائي، القريب من السلطة، عن معارضتهم للإعلان الدستوري وقرارات مرسي. وقال عضو التيار المستشار أشرف ندا إن «القضاة يعترفون بنائب عام واحد فقط هو عبد المجيد محمود، وجميع القرارات التي اتخذت لا أساس لها من الواقع والقانون». وأضاف «الرئيس مرسي يقول ان لا أحد يستطيع أن يتكلم عن قراراته أو أن يعلق عليها أو يطعن فيها»، وهو بهذا «يعود بمصر إلى الدولة الفرعونية وليس الديكتاتورية فقط».
وذكرت قناة "العربية" أن عددا كبيرا من مستشاري مرسي، تقدموا باستقالات جماعية، احتجاجاً على الإعلان الدستوري. وكان مساعد رئيس الجمهورية لشؤون التحوّل الديموقراطي سمير مرقس قد أعلن استقالته من الفريق الرئاسي، وتبعته في هذه الخطوة عضو الفريق الاستشاري للرئاسة سكينة فؤاد.
وفي تحدّ واضح لمعارضيه، قال مرسي أمام أنصاره من جماعة "الاخوان المسلمين" والسلفيين الذين تجمعوا أمام قصر الاتحادية، ان «الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتداول السلطة هو ما أريده وأعمل من أجله»، مضيفا «لا خطر على أهداف الثورة وواجبي أن أسير في سبيل تحقيقها».
وأضاف مرسي أنه يريد تحقيق استقلال السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. وأضاف أن هناك من يستظلون بالسلطة القضائية ممن كانوا أنصارا لحكومة الرئيس السابق حسني مبارك وانه سيكشف عنهم الغطاء. وتابع «من يحاولون أن يتغطوا بغطاء القضاء سأكشف عنهم الغطاء».
وفي واشنطن قالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في بيان «ان أحد تطلعات الثورة كانت في ضمان عدم تركز السلطة تركّزاً كبيراً في أيدي شخص واحد أو مؤسسة واحدة»، مضيفة ان الولايات المتحدة تعتبر ان الاعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري الخميس "يثير القلق لدى الكثير من المصريين ولدى المجتمع الدولي".
كما اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية ان القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي لا تذهب "في الاتجاه الصحيح"، فيما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون «رأينا إعلان الرئيس مرسي الأخير. أهم شيء أن تكتمل العملية الديموقراطية وفقا لتعهدات السلطات المصرية بالفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحماية الحريات الاساسية وإجراء انتخابات تشريعية ديموقراطية في أسرع وقت ممكن»