لم يصلح سفر ما أفسده عطري.. وحكومة انتهت بخفي حنين
"يُنظر إليه على أنه شخصية محترمة في حكومة اُتهمت بالفساد" عبارة اختصرتها وكالة أسوشيتد برس لتصف بها رئيس الحكومة السوري "عادل سفر" في حكومة نُصبت بالرغم عنها على أنها حكومة أزمة، فبعد استقالة حكومة ناجي العطري "وهي الحكومة التي لم يترحم عليها أحد"، كُلف وزير الزراعة السابق "سفر" بالمهمة التي لم يُحسد عليها لظروف البلاد أولاً ولتوارثه حكومة أشبعت المواطن بالتقصير وهرمت بمفاصلها فساداً.
"لتمطر السماء، وليرسموني كما يريدون" رد "سفر" تعليقاً على الرسم الكاريكاتوري الذي نُشر عن علاقة معاليه بالانحباس المطري.
انتقادات كثيرة لاحقت "سفر" خلال ترأسه لوزارة الزراعة أهمها تراجع إنتاج البلاد من بعض المحاصيل الزراعية، "فصفرت" سورية في عهد السفر وعاد قمحها خائباً من التصدير ليلحق قطار الاستيراد، ويُقال أن وزارته وقفت عاجزة عن التعامل مع تأثيرات الجفاف الذي شهدته سورية في ذلك الوقت، فإذا كان الجميع يدرك طبيعة الأحوال المناخية التي عاشتها سوريا خلال السنوات الأخيرةوالارتفاع الحاصل في أسعار المحاصيل الزراعية الغذائية عالمياً، فإن الانتقاد الذي وجه "لسفر" هو عدم المبادرة"بديناميكة" للتحرك لمواجهة هذه المتغيرات في وزارة الزراعة، دون أن يعني ما سبق أن "معاليه" لا يملك خبرة كبيرة في الشأن الزراعي فهذه الخبرة هي التي خولته ليكون أحد أربعة وزراء في الحكومة الحالية رافقوا المهندس محمد ناجي عطري منذ وزارته الأولى.
مهمة "سفر" الجديدة لم تكن سهلة فكان "جريئاً" بقرارٍ سمح فيه للمصارف المرخصة ببيع القطع الأجنبي اللازم لتمويل جميع مستوردات القطاعين الخاص والمشترك المسموح باستيرادها بالعملات الأجنبية، ضارباً بالحائط تعميم مصرف سورية المركزي الذي يقضي بمنع المصارف من بيع القطع الأجنبي.
إعفاءات كانت نائمة في عهد "العطري" أوقظها "سفر" فطالت كل من المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية ومدير عام المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية واللافت إن هذا الإعفاء أتى متزامناً مع إقامة ورشة عمل على غاية من الأهمية تتعلق بالصناعة النسيجية في فندق الفورسيزن بدمشق، بالإضافة إلى إعفاء مديرة مشفى العيون بدمشق من مهامها، على خلفية سوء الخدمات الصحية في المشفى.
مظلوم وحيد عاد إلى منصبه بقرار من "سفر" بعد أن كانت حكومة العطري قد شككت بنزاهته لأسباب ألفتها سطور القرارات دون تعليل أو تبرير منطقي مكتفية بـ لأسباب تمس النزاهة.
إزداد أمل المرأة السورية المتزوجة ممن يحمل الجنسية غير السورية في عهد "سفر" بمنح أبنائها الجنسية السورية حيث أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا شكل بموجبه لجنة برئاسة معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية وعضوية ممثلين عن وزارتي الخارجية والمغتربين والعدل تكون مهمتها دراسة مشروع القانون المعد من قبل الاتحاد العام النسائي والمتضمن تعديل المادة 3 من قانون الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 267 لعام 1969 وكذلك منح الجنسية العربية السورية لأبناء المرأة السورية المتزوجة ممن يحمل الجنسية غير السورية.
تواضع "سفر" وهدوئه لم يقنعا الشارع السوري "فطالبو بالأفعال" ومازال موظفو وزارة الزراعة لا يثقون بقرارته وذكرياته معهم لم تكن بالـ"حسنة" حيث امتنع معظم موظفو الوزارة في استطلاع "عاجل" عن الدلو بدلوهم عن إنجازات سفر، فيما لمح أكثر المواطنين عن "كسل" حكومته.
حكومة سفر التي توعدت "بمقاتلة" الفساد لم تخدش منه موضعاً "وكأنك يا سفر ماغزيت" فتخبطت الحكومة الحالية في كثير من القرارات وتراجعت عنها وفضلت أن تلعب لعبة "القط والفأر" مع المواطن بدلاً من لعبة "بيت بيوت"، لاسيماآليات رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية كالمازوت والبنزين، فلم يكد يجفّ حبر قرار تخفيض أسعار المازوت حتى عادت لترتفع، وطالما عجزت الزميلة السابقة لهذه الحكومة بإيجاد طريقة صحيحة لإيصال الدعم إلى المواطن فإن حكومة "سفر" أضاعت الوقت الكثير بالتفكير في إيجاد آليات لهذا الدعم خاصة إذا علمنا أن نسبة 56% من دعم حوامل الطاقة لا يصل إلى مستحقيه!!
القرارات "غير المدروسة" لم تتوقف عند هذا الحد فبعد أن أعلنت حكومة "سفر" تعليق استيراد السلع والبضائع التي يزيد رسمها الجمركي عن 5% (فارتفعت على أثره أسعار الكثير من السلع الأساسية) تراجعت عنه كرمى لعيون التجار المتذمرين وليس "رأفة" بالمواطن والدليل أن القرار أُلغي والأسعار "تستعر".
ملفات كثيرة واجهت الدكتور "عادل سفر"، بعضها كان قديم فاحتاج إلى استراتيجيات طويلة لمعالجتها، وملفات حديثة أفرزتها الأوضاع في سوريا والتحولات الاقتصادية والمتغيرات المناخية، فكما خلف "سفر" في وزارة الزراعة ملفات التسويق الزراعي وأملاك الدولة وواقع البادية ومستقبل الثروة الحيوانية رغم كل الجهود التي بذلت بلا معالجة جذرية، سيخلف "رئيس الحكومة الحالي" ورائه الكثير والكثير من الملفات التي لم تجد حكومته حلاً لها، حيث تعتبر اليوم حكومة سفر حكومة تسيير أعمال "بحكم المستقيلة"، حكومة اُنتظر منها الكثير فاكتفت بعزف سمفونية لم تختلف كثيراً عن ألحان نظيرتها السابقة.