سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: سوريا والنظام الجديد العالمي: افق الازمة وسيناريوهات الحل ...حسن غندور الأحد يونيو 10, 2012 2:44 am | |
| سوريا والنظام الجديد العالمي : افق الازمة وسيناريوهات الحل ...حسن غندور
عام 1989 سقط النظام الاشتراكي حين باع غورباتشوف الاتحاد الروسي مقابل سلسلة مطاعم ماكدونالدز في روسيا , وحين تغاضى العجوز “يلتسين ” عن فساد المافيا الروسية مقابل عمولات هزيلة من صفقات الغاز للعملاقة “غاز بروم” ..يومها , كانت الضربة القاضية قد وجهتها اميركا عبر حليفتها اسرائيل لتشكف ظهير الجيش الروسي واجنحة مخابراته عبر منظومة كومبيوترات “أبل” العسكرية المتطورة التي اهدتها للجيش الروسي عام 87 والتي تنقل كل ما يلقن بها الى مركز ال “سي اي اي ” في لندن مقابل اطلاق قمر “عاموس 2″ الاسرائيلي على منصات القواعد الفضائية الروسية , فكانت النتيجة تفكك المنظومة الروسية وانكشافها وغياب الدعم الشعبي لها لانغماسه في ويلات الحاجة وتردي الاوضاع الاجتماعية .
اما في عام 2008 , فلقد جاءت فضيحة المصرفي اليهودي برنارد ماديف “رئيس بورصة ناسداك ” الذي اختلس 50 مليار دولار , لتلقي بظلالها على البورصات الاميريكية ولتؤسس لانكشاف البنوك ( العمولات الخيالية للمدراء التنفذيين) ولتطفو ازمة الرهن العقارى على السطح فتبدأ معها حقبة الانهيارات البنكية (افلاس 300 بنك امريكي في سنة) التي ما لبثت ان امتدت كأحجار الدومينو لتصيب اوروبا بالعدوى وتلحق بها كبرى العواصم الاقتصادية في العالم ولتنهي عصر هيمنة الاحادية الاقتصادية السياسية التي امتدت منذ سقوط حائط برلين الى زمن المحافظين الجدد (الصهيو –مسيحيين) ولتؤسس لمرحلة انتقالية اشبه بالفوضى او البلطجة الاقتصادية على العالم وليستدعى بعدها اطلاق اجراس الانذار من كبريات دول العالم وعلى رأسها الصين ودول البريكس النامية .
وفي المقلب الاخر , كان الدب الروسي على موعد مع انتهاء فصل الشتاء , فالقيصر الطموح بوتين كان يعلم جيدا ان استعادة الحلم الروسيّ بحاجة لاكثر من فترة رئاسية رئاسية ولذالك استعان بمدفيدف كنسخة طبق الاصل , و بدأ يحضر الداخل الروسي لتبني قضية استعادة امجاد روسيا وحضورها في العالم وقد نجح في استقطاب اكثر من 60% من الناخبين , وهو الان يتحضر لاعادة ترميم الترسانة العسكرية وتحفيز العقيدة القتالية عبر التخويف من الدرع الصاروخية وخطرها على الامن القومي لروسياوايضا عبر التخويف من الاصولية الاسلامية المتنامية على تخوم روسيا وفي الاتحادات الروسية السابقة .
اما في بلاد ” القهر الذي لا ينضب ” , فأن مخططاً زرعه كيسينجر في السيتينات (النقطة الرابعة) ,وطوره كل من صموئيل هننغتون وبرنار لويس (صراع الحضارات) وتبناه المحافظون الجدد وتكفلّ بتنفيذه لورانس العرب الجديد ,برنار هنري ليفي , بمساندة الاخوان الطامحون للخروج من القمقم وبترتيب مع بعض دول الاعتلال العربي كقطر وغيرها وبتحضير اعلامي ممنهج وضخم وبشرارة انطلاق شعبية “بوعزيزية” ضُخِمت وكبَرت واستُغلت ك “لقد هرمنا ” او ك ” انا بني ادم …مو حيوان ” …. لتشتعل المنطقة “بربيع لهّاب” حمل الدمار والفوضى والقتل والتخريب وانتشر كالنار في الهشيم من تونس الى مصر الى ليبيا الى اليمن الى سوريا والبحرين ولتدخل المنطقة في صراع دموي تزدهر فيه تجارة الاسلحة وترتهن الاموال والثروات وتروق اللعبة للاعبيها الذي يعيشون حضاراتهم على جسد هذا الشرق وخيراته .
وبما ان حديثنا عن سوريا ,وفقط سوريا ,لانها طالما تمايزت بسياستها منذ بدء المفاوضات لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي وحتى ما قبل , فلقد كان لها حصة “الاسد” في مشروع الشرق الاوسط الجديد و”ربيعه العربي” . ولذالك لا يمكن الا فصلها عن حالات ” التشكُّل” الممنهج في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن لسبب بسيط ان كل من سوريا والبحرين تمثلان صراع على مشروعين اقليمييّن يحددان مصيرالمنطقة سياسيا ومن ثم العالم وشكل نظام الحكم العالمي الذي بدأت طلائعه بتشكيل دول البريكس وتمايز الموقف الروسي والصيني وتنامي الدور الاقليمي لايران.
(( ان الربيع ” العالمي “ الحقيقي بدأ من روسيا والصين ودول البريكس وايران بوجه “بلطجية النظام العالمي” في امريكا واوروبا ))
وما يجري في سوريا اليوم وان قُزِم باهميته عبر تسخيفه بموال “الثورة”” وحرية ” المتأسرل عزمي بشارة , وطائفية القرضاوي . له انعاكاسات عالمية , فمصير روسيا الدولي وتوازن الدروع الصاروخية متعلق بنتائج نهاية الازمة وبمصير النظام وهو بنفس الاهمية لدول البريكس ايضاً وكل المنظومة “المنتفضة” على بلطجية النظام العالمي البائد .
ان هذه القوى تسعى لتعزيز قوتها وفرض ثقلها الاممي من خلال تكريس توازن سيطرة على سواحل الابيض المتوسط ليس فقط لاجل سوريا كسوريا بل ايضا لتامين حماية امدادات الغاز التي ستغذي الشمال عبر خطوط تضمن لمن يسيطر عليها ان يحكم او يتحكم بالعالم كما بتنا جميعا نعلم اهمية الغاز كلاعب اساسي في المستقبل , وتطابقه مع شروط مؤتمر كيوتو اضافة لاكتشافات الغاز تحت مياه الابيض المتوسط والتي تقدر بمليارات الامتار المكعبة (حقل نافتال فقط 474 مليار متر مكعب وهو يشكل 5% من مجمل حقل الغاز).
اذا , فهي حرب ارادات عالمية وحرب سيطرة على القرار الاممي تسمح للمنتصر فيها ان يرسم حدود وعلامات النظام العالمي الجديد وبما ان تجربة الامريكي في العراق وافغانستان اثبتت مما لا يدع مجالا للشك , ان الولايات المتحدة تستطيع ان تغزو بلدا ما وتقوض استقراره ولكنها غير قادرة على البقاء فيه او التحكم بمصيره ,ولذالك فان من خطط لتغيير النظام في سوريا يعي جيدا ان التمادي في العبث ببلاد الشام سينعكس وبالا على المخططين وسيكون له انعاكسات اقليمية لا طائل للولايات المتحدة ولا لربيبتها اسرائيل من تحملها , ولذالك جائت التأكيدات الغربية على ان لا تدخل عسكري في سوريا (وهنا المقصد من ان سوريا ليست ليبيا او غيرها) وجاء كلام كسنجر ليؤكد فرضية التسوية ليس من باب الحفاظ على سورية ولكن من باب الحفاظ على المنظومة الاستراتيجية المنضبطة في الشرق الاوسط , (نظرية وست – فاليا ) سيما وان الخطر الذي تمثله بعض جماعات المعارضة السورية المسلحة (وعلى راسهم القاعدة ) اشد بكثير من خطر وجود النظام السوري الحالي بتأثيراته السلبية عليهم , اضافة الى ان الغرب بات متيقنا ان تماسك النظام لمدة 14 شهرا يعطيه زخما وقوة لتكملة نفس التكتيت والصمود لفترات طويلة تفقد الطرف الغربي زمام المبادرة وتسمح لسوريا بالانتقال من الدفاع الى الهجوم خصوصا بعد سقوط استراتيجية المنطقة العازلة واثبات الجيش انه يستطيع ان يحسم اي مواجهة كلاسيكية وبنفس الوقت هو قادر على هضم خسائر حرب العصابات والتعايش معها .
ولذالك , فان مرحلة كوفي انان هي اشبه بمرحلة الاخضر الابراهيمي نهاية التسعينات (المبعوث من قبل الجامعة العربية ) لوضع حد للحرب الاهلية اللبنانية ولتثبيت اتفاق الطائف الذي اسس لمرحلة حكم جديدة في النظام اللبناني , ” فالرجل الاممي الدولي ” على مستوى التسوية العالمية القادمة “بطائف” من نسختين : ايرانية (دخول ايران النادي النووي مقابل تنازلات معينة ليس اخرها الانسحاب من افغانستان) وروسية تتعلق بمصير الاتحاد الاوروبي من جهة والمهدد بالتفكك,,, وكيفية فصل الدول الضعيفة منه واعادة رسمه بالوان روسية طاغية تسمح بتقاسم النفوذ الامريكي في القارة العجوز وتبادل المصالح ايضا في الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي …. ومن جهة اخرى مصير الدول العربية , فالسودان لم يعد اكبر دولة عربية من حيث المساحة والعراق لم يعد مولوداً امريكيا عجيبا واليمن سيصبح ثلاثاً وليبيا اربعاً وسيفرز العالم العربي الى دول ضعيفة تابعة لدول قوية حتى يتاهل الى النادي الدولي الجديد كل من ايران وسوريا والعراق ومصر والسعودية وقطر واسرائيل والباقون كيانات تابعة وموزعة على هؤلاء نفوذا وتأثيرا .
حتى نضوج التسوية الكبرى و ” الحتمية “…. ((واشدد على الحتمية لان اي خيار اخر هو جنونٌ لا يريده احد وهو نموذج ليبي قبلي لا يريده الغرب على تخوم اسرائيل على شكل زنتان ومصراتة وهول ما يجري فيهم الان)) …….والتي سوف تمتد الى ما بعد الانتخابات الامريكية بالتاكيد حيث سيأتي رئيسس جديد يسمح له عهده بمقاربة الوضع بطريقة مغايرة لمن سبقه كما سمح وجود اوباما بتغيير الكثير من سياسة سلفه الارعن بوش , فأن على الشعب السوري خلال هذه الاشهر السبع القادمة , تحمل نتيجة شد الحبال في المفاوضات وسياسة عض الاصابع , ومحاولات فرض شروط عبر الضغط الامني في الشارع بما يتضمنه من ارهاب وقتل وتفجيرات ومجازر ..ان روسيا وايران يناقشان مرحلة ما بعد النظام وهذا خطير جدا ويجب مواجهة هذه الحرب الاعلامية والتصدي لها ,, والتيقن ايضاً ان من اهم اسباب “تروّي ” النظام من الذهاب بعيدا في ممارسة القوة هو وعيه ورؤيته لاخر النفق , وتخوفه من حرب اهلية لا تترك حجرا ولا بشرا , واصراره على عدم الذهاب بعيدا في المواجهة حيث لا يوجد خط رجعة وحيث تصبح المواجهة … “ذنبٌ عليه ويندمِ ” ..!!
| |
|