دماء الحسن و شهوة السلطة..بقلم : غالب قنديل

دماء الحسن و شهوة السلطة

كأنه المشهد نفسه يتكرر فور اغتيال العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ، عندما انطلق سيل الاتهامات وانتشرت الغوغاء بقطع الطرق الدولية في البقاع والشمال والجنوب و سيطرت العربدة والتهديدات من قبل ميليشيات المستقبل والقوات اللبنانية وجماعة ما يسمى بالجيش السوري الحر.

أولا: لم يترك أي من السياسيين ووسائل الإعلام التابعة لقوى 14 آذار أي مجال للتحقيقات الأمنية والقضائية التي انطلقت فور وقوع الاغتيال وسيطر على الشاشات مشهد المحاكمات الإعلامية التي تحكمت بالبلد لسنوات منذ اغتيال الحريري ، ليتبين بعد ذلك أن الاتهامات التي قالوا إنها سياسية بنيت على شهود الزور و على أكاذيب فذهب كل منهم في طريقه يسعى إلى كيفية لفلفة الموضوع وطرق باب القيادة السورية للمصالحة والمسامحة.

ثانيا: الحملة الهوجاء التي أطلقت بعد اغتيال الحسن هي بالتمام كالحملة التي أعقبت اغتيال الحريري وأدخلت البلاد في حالة من النزف والفوضى والاضطراب السياسي وفتحت الأبواب أمام العدوان الإسرائيلي عام 2006 وحولت لبنان إلى ساحة مفتوحة لنشاط جميع أجهزة المخابرات في العالم فسقط الأمن الوطني وتناسلت أوكار التجسس والتآمر على الأرض اللبنانية.

الحريري و شركاه لا يتعظون من التجربة و هم يعاودون الكرة بكل خفة و استهتار فلا هم يأخذون العبرة من التجربة و لا حتى يتريثون في إطلاق الأحكام .

ثالثا: ظهر أمس تهافت منطق اتهام سورية بالاغتيال الجديد ، و يحار المتابع في اكتشاف منطق الحريري و صحبه فقد أرادوا لنا أن نصدق أن سوريا صارت قوة بائسة لا تملك أي امتدادات يعتمد عليها في لبنان عندما أعلن عن اكتشاف متفجرات نقلت في سيارة سياسي تحت الأضواء هو الوزير ميشال سماحة ، و أمس صار المطلوب إقناع اللبنانيين فجأة بأن سوريا عادت تمتلك قدرات عجيبة و نوعية أمنيا على الرغم من الاستنزاف الخطير الذي تستغرق فيها مؤسساتها العسكرية و الأمنية التي تواجه حربا كونية متواصلة منذ ربيع العام 2011 .

رابعا منذ اندلاع الأحداث السورية جرت محاولات عديدة لتفجير الوضع اللبناني ولإطلاق فتنة مذهبية تحرق لبنان وتغرقه في بحر من الدماء والفوضى وتسمح بتحويله إلى منصة جاهزة للتورط في الحرب على سورية وقد نجحت الحكومة والقيادات الوطنية المعنية ولا سيما في حزب الله وحركة أمل والقيادات السنية الوطنية في الثامن من آذار بأن تقطع الطريق على هذا المخطط وتحبطه وقد حمت بذلك السلم الأهلي والاستقرار اللبناني الهش ويبدو واضحا أن من خططوا لاغتيال الحسن أرادوا فتح الطريق من جديد أمام مخطط الفتنة والدليل البسيط هو الأحداث التي جرت بعد ساعات من إعلان نبأ اغتيال رئيس فرع المعلومات.

خامسا حدد معسكر 14 آذار أهدافه في استثمار دماء العميد الحسن فهو يعمل لإرغام الحكومة على الاستقالة وقد أجرى مساومات في الليل كما تحدثت الصحف تمحورت على طلب الدخول إلى الحكومة وتسلم وزارات سيادية وبالتالي يتضح تماما انه بالنسبة لقوى 14 آذار ولسعد الحريري وسيمر جعجع بشكل خاص ليست القضية هي معرفة الحقيقة في اغتيال الحسن بل الدخول إلى السلطة ومحاولة تنفيذ الانقلاب الذي عجزوا عن القيام به حتى الآن رغم كل ما تلقوه من أموال ومن مؤازرة مخابراتية من المحور الغربي التركي الخليجي.

مجددا كما في قضية الرئيس رفيق الحريري ليس ما يهم هذا الفريق لا الحقيقة ولا التحقيق ولا الأمن ولا الاستقرار المهم هو مغانم السلطة ودماء قيادي كبير كالعميد وسام الحسن تصبح بكل بساطة عند الحريري وجعجع وفريقهما مجرد ورقة لمحاولة بلوغ الغاية المستحيلة.

» بعد اعتراف الحريري...بقلم : غالب قنديل
» الإخوان و العدوان على غزة بقلم : غالب قنديل
» كلينتون وحل مجلس اسطنبول...بقلم : غالب قنديل
» مساعي لتعويم الفاشلين ...بقلم : غالب قنديل
» حول تورط حماس في سورية ...بقلم : غالب قنديل