ايران – العملة الصعبة...بقلم: هبة بيرق

ايران – العملة الصعبة

خاص "توب نيوز" - هبة بيرق

كانت العقوبات الاقتصادية والسياسية على ايران هي تكاليف الموقف من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ودعم المقاومة في المنطقة العربية، حيث كان الموقف الإيراني من أكثر المواقف الجذرية على مستوى المنطقة رغم كل الظروف الصعبة، و على ما يبدو أن النماذج الثورية تولد من رحم أقسى الظروف.

ان ايران تسعى لبناء قدراتها كدولة عظمى تفوق بها الغرب واميركا، وفق مؤشرات جلية تعتبر أساسية للدول الكبار وهي:

1- القوة العسكرية، حيث تعلن إيران يومياً عن انجازات هامة على صعيد الصناعات العسكرية بما فيها الصواريخ البالستية يضاف إلى ذلك مجموعة من الإنجازات على الصعيد النووي.

2- القوة الاقتصادية، وذلك من خلال الادارة الذاتية لمواردها، اذ أن القراءات الأولية تقول إن إيران هي القوة الاقتصادية الثالثة في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها القوة الاقتصادية رقم 29 على مستوى العالم بناتج إجمالي قدره (338) مليار دولار تقريباً وفقا لإحصائيات عام 2010، كما تملك إيران 10% من احتياطات النفط المؤكدة في العالم و15% من احتياطيات الغاز وتساهم الصناعة بحوالي 45% من ناتجها الوطني حتى وإن كان الجزء الأكبر من الإنتاج الصناعي يعود إلى الإنتاج النفطي.

3- التطور العلمي التكنولوجي على مختلف المستويات، فإيران حققت انجازات مذهلة في هذه المجالات استفادت من علاقتها مع الصين وروسيا وغيرها من الدول المتقدمة تكنولوجيا، وظهر ذلك في صناعة المصانع البيتروكيميائية، ومولدات الكهرباء، والسيارات، والمحركات على مختلف أنواعها، وكذلك الأجهزة الإلكترونية، والصناعات الثقيلة المختلفة من صناعة السفن، والطائرات المدنية، وإيران اليوم هي مصدّرة لكل هذه المنتجات، والوصول إلى الفضاء، ناهيك عن إنجازات هامة على صعيد تكنولوجيا المعلومات، حتى باتت تُصنّف اليوم على الصعيد العلمي من بين أفضل عشر دول في علم الأحياء، وفي مجال تطبيقات الذرة بعد أن تمكنت من امتلاك ناصية هذا العلم وتطبيقاته وانتاج الأجهزة الخاصة به.

4- الثقافة والفلسفة الوطنية النابعة من الحضارة والتراث الايراني الشرقي، حيث استطاعت إيران أن تتعامل مع العولمة الثقافية التي حاولت بها امريكا والغرب غزو المجتمعات وإفراغها من كل ما هو إيجابي ومحفز للقوى الذاتية، ويتبين ان الارتكاز على الايمان والروح الثورية والحافز الدينی، من عوامل قوة ايران الاسلامية مقابل الادارة الامريكية.

ونتيجة العقوبات الاقتصادية، بل والحرب الاقتصادية التي يشنها الغرب على ايران، والحرب النفسية والاعلامية على سوق الصرف ادى ذلك الى تراجع الريال إلى مستوى متدن قياسي جديد أمام الدولار، حيث ان ايران ومنذ اشهر عدة تعاني من نقص متفاقم في العملات الصعبة، ما يمنع البنك المركزي الايراني من التدخل لدعم الريال في السوق الحرة، وسبب النقص يعود الى العقوبات المصرفية والنفطية التي تفرضها الدول الغربية بسبب الخلاف حول الملف النووي الايراني.

وادى تدهور سعر صرف الريال الى تظاهرات احتجاج عفوية في حي الصيارفة في وسط طهران، ما ادى الى قلاقل وشجار مع قوات الامن التي اعلنت اعتقال 16 شخصا.
وترددت تقارير أن الريال خسر ما بين 75 و80% من قيمته في العام الماضي بعد أن أضرت العقوبات الدولية - التي تشمل حظرا على مشتريات النفط الإيراني.

وامام كل هذه التحديات والضغوط ألقى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد باللائمة في أزمة العملة الوطنية على المعارضة والغرب، و قلل من تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قائلا؛ إن البلاد لن تستسلم للضغوط الدولية وإنها "لن تنهي أبدا برنامجها النووي" واتهم المعارضة الإيرانية ببدء حرب نفسية تستهدف إضعاف الحكومة قبيل الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في شهر يونيو من العام 2013 .
تصب المؤشرات السابقة في تعزيز علاقة التناسب الطردي بين درجة التناقض مع الولايات المتحدة والغرب والكيان الصهيوني من جهة، وبين تطور النموذج الإيراني في الجانب التكنولوجي والعسكري من جهة اخرى.
ومما تقدم ذكره، يمكننا القول ان الواقع الايراني يبنى على معادلة ان العملة الصعبة الحقيقية لإيران هي التطوير التكنولوجي والروح المعنوية.
وبناءا علي، فالغرب بهذه الحالة، امام خيارين كلاهما مر، اما ان يفقدوا عملتهم الصعبة فيرتفع رصيد ايران من عملته الصعبة، او ا ن يسعوا لحرمان ايران من عملتها الصعبة فيفقد عندها الغرب قيمة عقوباته وحصاره ويغرقها بعملته الصعبة.
ويجب ان لا ننسى بأن المكانة التي تنفرد بها ايران علی صعيد الاصطفافات الدولية هامة ومؤثرة، حيث ان المسرح السياسي فی عالمنا الراهن هو ساحة معقدة لصراع الارادات، وفي الحقيقة ايران حكومة وشعبا كانت ولا زالت تلعب دورا مصيريا فی هذا المسرح، حيث يمكن القول ان ايران فجرت قنبلة مدوية فی العالم السياسی قوتها اكبر بآلاف المرات من القنبلة التی فجرها الامريكيون فی هيروشيما اليابانية.

» رعب الجحيم" يشل اميركا" - هبة بيرق
» مخيم الزعتري والتسول الملكي ... بقلم: هبة بيرق
» مليارات الأسد والفرائس الجديدة لغز الأيام القادمة ...بقلم : هبة بيرق
» في ميزان ايران و الحق العربي ...بقلم : د احمد الاسدي
» طائرة استطلاع فوق الضفة ! سوريا , ايران ام حزب الله ؟بقلم : روزانا رمال