فضلا عن تصعيد دولي مبرمج قادته مجموعة الدول الداخلة على خط إسقاط النظام السوري بداية من مجلس الأمن وصولا الى الاتحاد الأوروبي والموقف الذي اتخذه أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي كان منحازا لتركيا بشكل كبير.
في خضم هذه الأزمة تحركت كل من روسيا وإيران على خط الأزمة حيث عملت روسيا على منع صدور بيان صحفي عن مجلس الأمن الدولي يدين فيه سوريا كانت فرنسا وبريطانيا وراء طرحه، والبعض شبه الحماسة الفرنسية لصدور بيان صحفي بالقول أن المندوب الفرنسي ربما نزل بملابس النوم الى مجلس الأمن لكثرة استعجال فرنسا لأي موقف دولي يدين سوريا.
في الطرف الإيراني تحركت طهران على خط الأزمة عبر وصول نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي الى أنقرة ولقائه مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع ملاحظة أن الزيارة أتت بناء على دعوة من رئيس الوزراء التركي ، وخصصت لبحث الأوضاع في سوريا. وحسب مصادر ايرانية عليمة كان كلام رحيمي واضحا مع أردوغان على ضرورة عدم انجرار الى حرب في سوريا أو تدخل عسكري في هذا البلد لأن الحرب سوف تتوسع لتشمل الجميع (سوف تجرنا جميعا الى الحرب) قال رحيمي لأردوغان.
ألتصعيد التركي وأسبابه الحقيقية: التصعيد التركي ضد سوريا جاء بعد عشرة ايام من إعلان المعارضة السورية المسلحة على بدء ساعة الحسم في حلب وبعدما اتضح عجزها عن الحسم بل ان الأمور تسير باتجاه ربح الجيش السوري لهذه المعركة أيضا وإن بوقت طويل نسبيا على غرار ما حصل في بابا عمرو في حمص قبل سنة من الآن. وتبدو التفاصيل الميدانية على الأرض في مدينة حلب في غير صالح المعارضة التي بدأت العمل خارج معركة حسم عسكري تقليدي عبر تنفيذ عمليات انتحارية والقيام بتفجيرات متفرقة وحرائق متنقلة لا تؤدي لحسم عسكري بأي حال وإنما تجعل الوضع الأمني غير مستقر وتؤدي دورا إعلاميا مضخما.
ومن مفارقات المعارك الدائرة حاليا في حلب أن المسلحين المتواجدين في حي بستان الباشا الواقع بين حي الصاخور ذات الغالبية الكردية ووسط المدينة عند ساحة سعدالله الجابري بدأوا شن هجمات من جهة حي الصاخور بعدما سد الأفق العسكري امامهم من جهة وسط المدينة وهذا ما فتح عليهم جبهة مع الأكراد وجهوا خلالها انذار لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ترجم على ارض الواقع في تفجيرات في مدينة القامشلي ذات الأغلبية السكانية الكردية حيث وقع الكثير من الضحايا في مدرسة ابتدائية قريبة من مركز امني سوري.
كما أن الوضع العسكري في الأحياء الباقية في حلب شبيه بالوضع في بابا عمرو قبل فترة وجيزة من الحسم الذي قامت به قوات الحرس الجمهوري السوري الذي تقود بعض وحداته حاليا معركة الحسم في حلب كما حسمت هي نفسها المعركة في منطقة جنوبي دمشق الممتدة من حي الميدان مرورا بحي التضامن الى يلدا فالحجر الأسود والحجيرة وألان عند منطقة السيدة زينب ، وقد رافقت شخصيا قوات الحرس الجمهوري في تلك المنطقة منتصف شهر أيلول الماضي وشاهدت بالعين المجردة على أرض الواقع سيطرة الدولة السورية على تلك المناطق المكتظة والصعبة سكانيا والعشوائية بتركيبتها العمرانية وعليك أيها القارىء الكريم تصور مخيم برج البراجنة مضروبا بخمسين ضعفا و كيف تمكن الجيش السوري من دخول هذه المنطقة المكتظة بالمسلحين والسيطرة عليها، من هنا بالتحديد اتى التصعيد التركي للأسباب التالية:
1 - تخفيف الضغوط عن المسلحين في حلب وإعطاؤهم جرعة دعم معنوي.
2- الهاء الجيش السوري المتواجد في الشمال عن تشديد الضغط على المسلحين في مدينة حلب
3 – خرق الحصار الذي تفرضه القوات السورية على مداخل مدينة حلب وعلى المعابر التي يمر منها المسلحون في محافظة إدلب حيث تقصف المدفعية السورية منذ فترة بشكل متواصل معابر يمر عبرها المسلحون الآتون من تركيا الى جبهة خلب.
4 – العمل على ضغوط دبلوماسية على النظام السوري قد تؤدي الى التخفيف من قراره بالحسم في حلب.
5 – قناعة تركيا وقطر ومعهما فرنسا أن دمشق وجوارها أصبحت منطقة من دون جبهة قتال وكل ما يفعله حلفاءهم المسلحون هناك عمليات متفرقة وحرائق متنقلة وهم الذين عولوا على إسقاط النظام خلال شهر رمضان الماضي كما قال وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في باريس يوم 5 تموز الماضي.
6 – تمكن الجيش السوري من كسر العمود الفقري للمسلحين في دمشق وانتهاء مفاعيل ساعة الصفر التي اعلنها هؤلاء في 28 تموز الماضي .
7 – تريد تركيا فتح باب تدخلات عسكرية محدودة في سوريا سوف تصب في مصلحة المسلحين خصوصا في ريف إدلب الوجهة التالية للحرس الجمهوري السوري بعد الانتهاء من معركة حسب ما تصرح به مصادر معتبرة في المعارضة السورية.
8 – تزايد التواجد العسكري للأكراد على الجانب السوري للحدود مع تركيا وهذا ما يرعب الأتراك.
هذه هي الأسباب التركية للتصعيد الحالي الذي تريده تركيا محدودا ومحصورا بشروطها وهي لا تريد حربا لا تستطيع بعدها ضبط الوضع خصوصا مع الأكراد لكن للآخرين أسبابهم لمنع الأتراك من التحرك منفردين ولدعم كل طرف يصيب انقرة بمقتل الانفصال والتقسيم خصوصا أذا كان هذا الطرف كرديا يخوض منذ أربعين عام حربا ضروسا ضد تركيا لم يستطع خلالها الجيش التركي العضو في حلف شمال الأطلسي الانتصار بها او حسمها..
سورية الان - المنار