"أطلقوا أسرانا"... عنوان لمشهد نادر الحدوث في شوارع العاصمة الرياض حيث علت لافتات تنادي بإطلاق سراح معتقلي الرأي، تبعها احتجاجات سلمية نادت باطلاق "الاسرى" في السجون السعودية، قضية معتقلي الرأي في السعودية لم تجد منفذا للحل، وصحيح أنه وخلال الاشهر الاخيرة تم تحويل عدد من المحتجزين تعسفيا الى القضاء لكن الأحكام والتهم الموجهة إليهم كانت أكثر تعسفا وتراوحت بين الخروج على الحاكم ودعم الارهاب.
قال متظاهرون وناشطون في الدفاع عن حقوق الانسان إن قوات الأمن السعودية اعتقلت عشرات الرجال بعدما نظموا احتجاجا قرب سجن الطرفية في منطقة القصيم في وسط المملكة للمطالبة بالافراج عن أقاربهم.
واضافوا أن الاعتقالات تمت بعدما طوقت الشرطة المحتجين ومن بينهم نساء وأطفال في منطقة صحراوية خارج السجن وابقتهم دون طعام أو ماء قرابة يوم.
وتقول السعودية إن أقارب المحتجين محتجزون جميعا لأسباب أمنية لكن الأقارب يقولون إن بعضهم محتجزون بسبب أنشطتهم السياسية ولم توجه إليهم أي اتهامات.
وقال نشطاء إن الشرطة المسلحة بالدروع والهراوات أقنعت المحتجين عند السجن بالعودة إلى بيوتهم وقالت لهم إن رسالتهم وصلت وسيتم النظر في مطالبهم.
وقالت ريما الجريش وهي محتجة زوجها في السجن عندما غادرنا تبعت قوات الطواريء سياراتنا وطاردتنا وأوقفتنا واعتقلت الرجال. واضافت شاهدتهم يقبضون على خمسة وعندما حاولت التدخل دفعوني وضربوني بعصا.
وقالت إن عشرات الرجال اعتقلوا واخذوا إلى مكان غير معلوم.
وقال محتجون في مكالمة هاتفية إن أكثر من مئة شخص منهم 13 طفلا تجمعوا في الصحراء المحيطة بالسجن الواقع بمنطقة القصيم لكن الشرطة أبلغتهم أنهم سيعتقلون في حالة محاولة مغادرة المكان.
وقالت احدى النساء المعتصمات لـفرانس برس عبر الهاتف نقف هنا امام سجن الطرفية، قرب القصيم (400 كم شمال الرياض)، ولن نتزحزح حتى تحقيق مطلبنا برؤية اقاربنا المعتقلين دون وجه حق.
واضافت رافضة ذكر اسمها لقد حكمت المحكمة على شقيقي بالسجن ثلاث سنوات منذ اربعة اعوام وانتهت المدة وما يزال قابعا في السجن (...) كما توفي شقيقي الاخر ابان فترة اعتقاله بسبب الاهمال الصحي.
من جهتها، قالت الناشطة ريما الجريش انهم يحتفلون باليوم الوطني وازواجنا في السجون يخضعون للتعذيب دون توجيه اي تهم او محاكمات.
واضافت ان زوجها معتقل منذ اكثر من تسع سنوات دون اتهامه باي شيء، انها اعتقالات تعسفية لمجرد الاشتباه فاذا كنت في استراحة وتحدثت في امر لم يعجبهم فسيتم اعتقالك.
واشارت الحريش الى وجود ما لا يقل عن 30 الف معتقل في السعودية حيث تؤكد السلطات عدم وجود معتقلين سياسيين في سجونها.
وتابعت ريما التي يعمل زوجها ممرضا اريد رؤيته، لقد مضى على آخر لقاء معه قرابة ثمانية اشهر، اريد ان اطمأن عليه، موضحة ان بين المعتصمين حوالى 60 رجلا و45 امرأة و13 طفلا.
وفي تجمهر آخر تظاهر عشرات المحتجين أمام هيئة حقوق الإنسان السعودية المرتبطة بالحكومة مطالبين بالإفراج عن أقاربهم المسجونين.
وقال محتج طلب عدم نشر اسمه خشية اعتقاله نحن أهالي المعتقلين ونطالب بحقوق الإنسان المنتهكة بالكامل.
وأضاف هناك معتقلون معذبون وآخرون انتهت محكومياتهم وآخرون لم يحاكموا.. وناس لديهم أحكام براءة ولم يفرج عنهم.
ويأتي الاحتجاج الذي نظمه أهالي المعتقلين أمام سجن الطرفية ضمن سلسلة من التظاهرات الداعمة لقضية معتقلي الرأي ففي تحرك سابق
قالت وكالة يونايتد برس إنترناشونال (يو بي أي) إن أهالي المعتقلين السياسيين في السعودية أعلنوا استمرارهم في النضال السلمي واللجوء لطرق جديدة عبر تعليق اللافتات في الشوارع الرئيسية والجسور في العاصمة الرياض من أجل الإفراج عن أهاليهم الذين يقبعون في السجن منذ سنوات دون محاكمة.
وعلق النشطاء في تقاطع طريق الحائر، وطريق الدائري الجنوبي بالرياض، وطريق التخصصي وطريقي نجم الدين ومكة لافتات كتب عليها "سجناء الحاير السياسي في خطر"، و"أوقفوا التعذيب داخل السجون"، و"فكو العاني"، و"أهالي المعتقلين.. أطلقوا أسرانا".
وبحسب "يو بي أي"، تعد هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها المواطنون السعوديون إلى هذه الطريقة.
وقال شهود في الرياض في اتصال هاتفي مع "يو بي أي" إن السلطات الأمنية السعودية قامت بإزالة اللافتات، إلا انه تم تصويرها ونشرها على عدد من المواقع الإلكترونية.
وشهد الأسبوع الثاني من أيلول سبتمبر وقوع اضطرابات في سجن الحاير السياسي بعد أقل من أسبوع على وقوع اشتباكات بين معتقلين سياسيين وحراس السجن مما استدعى تدخل قوات الطوارئ للسيطرة على الشغب نتيجة مطالبة السجناء بمحاكمتهم أو الإفراج عنهم.
وذكرت المواقع إن المعتقلين بالجناح رقم عشرة في سجن الحائر الذي يضم معتقلين سياسيين تعرضوا لضرب مبرح على يد قوات حفظ النظام، وتم نقلهم فيما بعد إلى الجناح التاسع وتم حرمانهم من العلاج على الرغم من جروح بعضهم ونزف دمائهم.
يذكر أن الملك السعودي قد أصدر بتاريخ السابع عشر من آب / أغسطس الماضي
عفواَ ملكياَ يشمل 1227 سجين ليس بينهم سجناء رأي، بل لم يصدر توجيه بمحاكمة الآلاف من المعتقلين الذين لم توجه لهم تهم حتى اللحظة رغم بقائهم في السجن لسنوات طويلة.
وبحسب إحصاءات غير رسمية فيوجد في المملكة حوالي 35 ألف سجين رأي، يقبع معظمهم في السجن بدون محاكمة أو توجيه تهمة محددة، وبينهم علماء ودعاة.
وفي تصريح سابق نفى وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز وجود "انتهاكات" في سجون المملكة ومنها "الحائر" في الرياض.
إلا أن السجون السعودية تسجل جرائم جديدة وراء قضبانها، حيث لقى مؤخرا أحد السجناء السياسيين مصرعه في سجن الجوف.
وكان المواطن "زياد مبارك البحيران" الشهير بـ"أبو تيسير" قد اعتقل لعامين دون ان يفكر احد في محاكمته او الافراج عنه.
وتوفي "البحيران" في سجن مباحث سكاكا الجوف.
وتبع هذه الجريمة ما كشفه حقوقيون سعوديون عن وفاة 13 معتقلا في سجون المملكة، وطالبوا بضرورة الكشف عن أسباب الوفاة. وأبلغت مصادر حقوقية أسماء السجناء الذين توفوا في ظروف غامضة داخل سجون المباحث في المملكة مؤخرًا، مطالبين رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام بالكشف عن أسباب وفاتهم.
هذه الوتيرة المتسارعة للحراك المساند لقضية سجناء الرأي وغيرها من حراك اجتماعي دفعتالباحث السياسي السعودي حمزة الحسن للتأكيد بأن النظام السعودي يعيش في ورطة والناس يتجرؤون اكثر فاكثر للمطالبة بحقوقهم واطلاق سراح ذويهم الابرياء ، بحيث يمكن وصف ما يحدث في السعودية الان بانه اشبه بانفجار داخلي اجتماعي سياسي ، تعبر عنه الناس في أي فرصة سانحة بصور مختلفة.
واكد ان اليوم الوطني في السعودية شهد تجمعات غاضبة في خميس مشيط وفي الخبر ، كما نظم اهالي القطيف وقفات احتجاجية ضد النظام ، وبالنتيجة فان هناك مشاعر مشتركة تتوحد شيئا فشيئا بين جميع مناطق السعودية اعتراضا على سياسات النظام رغم سياسة التمزيق والتفريق الاجتماعي التي كرسها ال سعود للحيلولة دون توحد الشعب ضد نظامهم .
واستبعد الباحث السعودي حمزة الحسن ان يقوم نظام ال سعود بالاستجابة لمطالب الناس ويمنح الشعب حقوقه المسلوبة ، مالم يتحرك الشارع ووتعالى الاصوات والتحركات الشعبية ، مشيرا الى ان الشعب في السعودية ادرك هذه الحقيقة وان هناك العديد من المناطق التي صمتت طويلا بانتظار وعود الاصلاح ادركت الان ان صمتها لا ينفع وان النظام لا يريد الاصلاح فبدأت تتحرك .
من كان يجرؤ على التظاهر قبل سنتين مضوا؟ من كان يخرج مطالبا بالافراج عن المعتقلين؟ كان أي فعل من هذا القبيل هو ضرب من الجنون والانتحار. اليوم، يرسم عرب الجزيرة مستقبلهم ويخطون تاريخهم المعاصر مع انكسار حاجز الخوف من الحاكم، مع انتشار الوعي بالحقوق المنتهكة أو المعدومة في المملكة السعودية، لابد أنه امتداد لصحوة الكرامة العربية.