سقط حمد وآل الحكم لابنه تميم، فطرد القرضاوي ولم يدر أن سقوط أبيه سيجعل المسبحة يفرط عقدها، فإذا بسي مرسي يهوي ويرفع صوته أردوغان معترضا على سقوط أحد مؤيديه من التنظيم العالمي للإخوان،
فكان لا بد لقطر أن تعيد ترتيب الأوراق من جديد فكان قرار عودة القرضاوي ليخرج لنا من جعبته الأحاديث الشريفة ليحورها على ما يحلو لقطر فيحرض المصريين كما فعل قبلا بالسوريين.
أما بالنسبة لسورية، خفت صوت قطر وتراجع بعض بيادقها، ليظهر بيدق من بيادق آل سعود هو أحمد الجربا، هذه الشخصية التي لا تنتمي لسورية بقدر ما تنتمي لآل سعود، حيث تغلب عليه الملامح الأعرابية، والأهم من ذلك أن تلك الشخصية كانت المسؤولة عن التسليح السعودي للمعارضة السورية، فهل أدركت قطر أن السعودية سحبت البساط من تحتها، لا يبدو ذلك لأنها لو أدركت ذلك لعلمت هذا من أشهر عندما قامت واشنطن بوضع بندر بوش رئيسا للمخابرات السعودية، فهذه الشخصية مسؤولة عن التيار الوهابي لتنظيم القاعدة واستخدمت عدة مرات في العراق وأفغانستان لخدمة أهداف واشنطن العدوانية، إذن فالدور السعودي في سورية بدأ من اللحظة التي ترأس فيها بندر بن سلطان رئاسة المخابرات السعودية.
بدأ بندر بوش التخطيط للمرحلة الجديدة التي ستقودها السعودية في سورية، فكان أمامه عدة نقاط:
-دخول كميات كبيرة من السلاح النوعي ومنذ أشهر عديدة من صواريخ كونكورس المضادة للدبابات والأخرى المضادة للطائرات، وخاصة في حلب.
-تحرير القصير المعقل الرئيس في وسط حمص، وفقدان السيطرة والتنصت على وسط سورية، وقرب عودة حمص إلى حضن الوطن.
-عدم قدرة مسلحي درعا على إحراز تقدم كبير.
- تدهور وضع المسلحين في ريف دمشق وحمص وانهيار معنوياتهم بشكل كبير.
-فقدان كم كبير من المسلحين المرتزقة المستجلبين من الخارج وخاصة تونس وليبيا.
هذه النقاط جعلت بندر بوش يسعى لاستدراك ما يلي:
-محاولة نشر التململ والامتعاض في جمهور الشعب السوري المؤيد للدولة، فكانت محاولة كسر الليرة السورية من خلال بعض المصارف اللبنانية، وضخ كم هائل من العملة السورية وسحب الدولار وتهريبه من سورية، وهذا ما جعل الدولار يرتفع من أسبوعين إلى 300 ليرة سورية قبل تدخل البنك المركزي، حيث وصل ثمن البضائع إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه، إضافة إلى محاصرة حلب غذائيا ومحاولة تجويع سكانها من خلال الحصار الذي فرض منذ أسبوعين على أهلها قبل أن يفك أخيرا، وذلك أيضا للتأثير على معنويات سكان حلب وهز ثقتهم بدولتهم.
- عقد صفقة أسلحة بقيمة 50 مليون دولار أمريكي مع الكيان الصهيوني لشراء أسلحة إسرائيلية قديمة لتقديمها للمعارضة من سيارات وقذائف ومدرعات منسقة، وذلك بعد رفض فرنسا وبريطانيا تقديم السلاح للمعارضة وتراجع أمريكا على استحياء عن التسليح.
-محاولة تعويض النقص الشديد في المسلحين المرتزقة من الخارج، فكان دخول 1500 مسلح مرتزق من تركيا منذ عدة أسابيع، حيث أبيد جزء لا بأس به منهم، حيث بقي هناك نقص شديد في المسلحين مقابل الكم الهائل من السلاح المهرب، لذلك سعى إلى استجلاب العديد من اليمنيين وتدريبهم من قبل القوات الخاصة الأمريكية حيث وصل عددهم إلى ما يقارب 6000 يمني.
لكن تلك الأعداد ليست ذات خبرة في القتال بعد هلاك العديد من الشيشان والأفغان والليبيين والتونسيين والعراقيين والسعوديين ذوي الخبرة العالية في الإرهاب والخلفية الواسعة في تنظيم القاعدة، فكان لا بد من استقدام قيادة عظيمة الخبرة في تنظيم القاعدة، ولكن أين توجد تلك القيادات؟
أين توجد تلك القيادات برأيكم؟ من الطبيعي أن السجون هي المكان الوحيد لهؤلاء ولكن سجون آل سعود أصبحت شبه فارغة من تنظيم القاعدة بعد أن أخرج قرابة 8000 سعودي وصدروا إلى سورية، إذن فسجن أبو غريب العراقي الشهير يحوي العديد من كبار قادة تنظيم القاعدة وخاصة دولة العراق والشام والتي قضت الدولة العراقية أكثر من عشرة سنوات في جمعهم والتحفظ عليهم، فكان لا بد من هروب هؤلاء السجناء وبأي ثمن من سجن أبو غريب وسجن التاجي، فكان ذلك حيث هرب قرابة 1000 سجين منها، وقد وصل 100 منهم إلى سورية.
المصدر الآخر لقادة القاعدة هو السجون الليبية، فكانت عملية تهريب قرابة 1000 سجين من سجون بنغازي، حيث قام الإخوان في ليبيا ،بحبسهم والتخلص منهم ليخلو الجو لهم ولكن مع سقوط قطر داعم الإخوان المسلمين واستلام السعودية الدفة، بدأت السعودية تلملم مرتزقتها لخوض معركتها الأخيرة في حلب، بتنسيق فرنسي تركي سعودي، فكانت باكورة أعمالهم مجزرة خان العسل، ولكن لماذا خان العسل بالتحديد، لكي يغطوا على جريمة الكيماوي التي استخدمت بعلم المخابرات التركية، مستبقين الطريق على اللجنة الدولية للتحقيق في الكيماوي التي زارت دمشق ووافقت على التحقيق في خان العسل.
والظاهر أن قيادة السعودية للحرب على سورية أفشل من قيادة قطر سابقا للملف، ودليل ذلك اجتماع الجربا في واشنطن مع الأمريكيين وخروج الاجتماع بتصريح أمريكي بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد، فكان تصريح الجربا بعد يوم من الاجتماع بأنه موافق على الجلوس مع ممثلي الدولة السورية في جنيف ودون شروط، في حين أنه قبل ذلك كان يرفض هو والإتلاف الذي يمثله محاورة الدولة السورية!!!
في النهاية نبشر كل مواطن عربي قومي شريف بأن سورية قلب العروبة النابض ستنتصر ،بإذن الله تعالى، وخاصة بعد سقوط ما يسمونه عاصمة الفورة السورية حمص، وإن العين على حلب الجريحة الصابرة التي ستكون حرة قريبا وفي حضن الوطن رغم خطط آل سعود وجبهة نصرتهم وخوارجهم الوهابيين، وإن غدا لناظره قريب.