رسائل من «حماس» إلى إسرائيل: هدنة لسنوات.. مقابل فك الحصارفي إطار محاولاتها لفك الحصار المفروض عليها وعلى قطاع غزة، أرسلت “حماس” عبر أوساط أوروبية رسائل إلى إسرائيل تعرض عليها هدنة لعدة سنوات مقابل فك الحصار.
ومن الجائز أن هذه الرسائل تمت عبر الأوروبيين، بسبب القطيعة مع القاهرة التي رعت اتفاق وقف النار بعد حرب العام الماضي، وكان يفترض أن تدير مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين حول سبل فك الحصار عن غزة.
وليس مستبعداً أن تكون هذه الرسائل مؤخراً بين أسباب تحريك مواقف فلسطينية وعربية وإسرائيلية تجاه قطاع غزة، الذي يخشى كثيرون من انفجار الوضع فيه.
وقد كشف موقع “والا” الإخباري الإسرائيلي عن أمر إرسال وثائق بهذا المعنى مؤخراً، وعرض صوراً لهذه الوثائق، باللغتين العربية والإنكليزية. ويبدو من الوثائق أن “حماس” معنية بوقف نار طويل يستمر لسنوات مقابل فك الحصار المفروض على القطاع.
وأشار الموقع إلى أن اتصالات جرت بهذا الشأن بين مسؤولين كبار في حركة “حماس” وبين ديبلوماسيين غربيين، تم خلالها التوصل إلى تفاهمات بشأن طابع التهدئة. وأوضح أن مصدراً سياسياً إسرائيلياً أكد أن اقتراحات بهذا الشأن نُقلت إلى إسرائيل، وأن هذه مبادرة من “حماس” نتيجة الظروف الصعبة في القطاع.
وأوضح موقع “والا” أن بين الديبلوماسيين الغربيين، الذين ذكرت أسماؤهم في هذا السياق، المبعوث الدولي السابق للشرق الأوسط روبرت سيري، والقنصل السويسري بول غارنيي، الذي أصبح شخصية مركزية في الاتصالات مع “حماس”. وقد زار غارنيي غزة قبل حوالي شهر، والتقى عدداً من قادة “حماس”، بينهم موسى أبو مرزوق وباسم نعيم وغازي حمد وآخرين. وهذه ليست الزيارة الأولى لغارنيي لغزة في الشهور الأخيرة.
وخلال المحادثات نفسها أوضح قادة “حماس” لغارنيي استعدادهم لوقف نار لمدة خمس سنوات على الأقل (وفق جهات مختلفة عُرض اقتراح بوقف نار لمدة 15 سنة)، والذي في إطاره تتوقف فيها كل الأعمال العسكرية “فوق الأرض وتحتها”، من جانب “حماس” وإسرائيل. وفي المقابل يُزال الحصار عن القطاع، بما في ذلك القيود المفروضة على التصدير، وتسمح إسرائيل بإنشاء الميناء البحري والمطار. وعرض غارنيي هذه التفاهمات أمام مسؤولين في الاتحاد الأوروبي ممن يقيمون صلات مع إسرائيل.
وفي حوارات مع ديبلوماسيين آخرين، تم تسجيل تفاهمات مختلفة تشكل أساساً لاتفاق التهدئة أو وقف النار. وحسب إحدى مسودات الاتفاق المحتمل، والتي وصلت إلى موقع “والا”، فإن كل أشكال المواجهة العسكرية بين إسرائيل والفلسطينيين ستتوقف، وتتعهد إسرائيل بإزالة الحصار عن غزة، وبفتح كل المعابر حول القطاع والسماح بإدخال كل البضائع والمواد الضرورية إلى غزة. كذلك تسمح إسرائيل بحرية التصدير والاستيراد من غزة وإليها، وتسمح بإنشاء الميناء البحري والمطار. وتضيف المسودة أن التهدئة يمكنها أن تستمر ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، تبدأ من التوقيع على الاتفاق، لكن الطرفين يقرران لاحقاً مدة سريانه.
وحسب “والا” أكد مصدر رفيع المستوى في “حماس” عقد سلسلة من اللقاءات مع شخصيات مختلفة، ديبلوماسيين ورجال أعمال، مع مسؤولين في الحركة بشأن التهدئة طويلة الأجل. كما أنه أكد أن حماس “لن تعترض” على ذلك إذا أزيل الحصار. وأشار إلى أن تنظيمه يدرك أن أمراً من هذا القبيل لن يحدث قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة بعد أسبوع.
وكشف موقع “والا” أيضاً أنه بعد أيام من زيارة غارنيي الأخيرة إلى القطاع، سلمت “حماس” الى مبعوث “الرباعية الدولية” طوني بلير، وثيقة باللغة الإنكليزية عرضت فيها موقفاً معتدلاً. وخلال زيارة بلير الأخيرة للقطاع منتصف شباط الماضي، التقى مع رجال أعمال غزيين سلموه الوثيقة باسم “حماس”.
وحسب الوثيقة، فإن “حماس” لن تعارض قيام دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس، مع الحفاظ على حق العودة (أي عدم إعلان نهاية الصراع والمطالب، ومن دون تجسيد حق العودة). وكذلك فإنها معنية بالحفاظ على الهدوء، وإتمام مسألة إنشاء الميناء والمطار عبر محادثات غير مباشرة. وتشدد الوثيقة، فضلا عن ذلك، على أن حماس ملتزمة بوثيقة المصالحة الفلسطينية واتفاقات المصالحة الأخرى. وتشير الوثيقة إلى أن الحركة معنية بعلاقات جيدة مع الأسرة الدولية، وترغب في التباحث معها في كل المسائل، التي تساعد في الحفاظ على الاستقرار والسلم العالميين. وتطالب حماس بإزالة الحصار وفتح كل المعابر وتسريع إعادة إعمار القطاع.
وتقول مصادر فلسطينية إن بلير سلم الوثيقة إلى ديبلوماسي أميركي رفيع المستوى، فيما قال مسؤول في حماس، لموقع “والا”، إن إسرائيل لم تردّ بعد على هذه الأفكار.
* السفير