الأسد على حدود المواجهة..

الأسد على حدود المواجهة..

محمود عبد اللطيف – عربي برس

يؤكد الرئيس الأسد على جملة المواقف السورية في تعاملها مع وجود الإرهاب في أراضيها، حديث الأسد لقناة BBC البريطانية تزامن مع عمليات عسكرية ضخمة في الجنوب أدت إلى نتائج هامة على الصعيد العسكري، و يأتي في مقدمة للمبعوث الأممي ستيفان دي مستورا الواصل إلى دمشق ليبني على أساس مبادئ موسكو مرحلة جديدة من خطته التي لم ترقى بعد إلى مستوى المبادرة القابلة للنقاش، و في الأمر أيضاً الاتصالات التي أجراها مساعده “رمزي رمزي” من خلال تواجده في سوريا، وبعيداً عن الإعلام كان المبعوث الاممي قبل لقائه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش قمة ميونخ للأمن، و التي ناقش الحاضرون فيها بشكل جماعي أو من خلال الاجتماعات الجانبية القضايا الرئيسية في العالم و التي يتصدرها ملفان هما الأزمة السورية و نظيرتها الأوكرانية مع الفارق في خصوصية كل من الملفين، إلا أن الغرب يصرّ على استخدام النفط كورقة للعب ضغطاً على الدول الداعمة للحكومة السورية و المناطق الشرقية من أوكرانيا.

في الحديث عن المناطق الجنوبي يقرأ المشهد على إن التغير العسكري بات واضح المعالم هناك، الضربات الموجعة لإسرائيل عبر تغير شكل الجغرافيا العسكرية هناك أثبتت أن المجموعات المرتبطة بالكيان الإسرائيلي بيادق رخصية يمكن القضاء عليها بعمليات الجيش المعتمدة على التكتيكات غير المتوقعة، ضرب جبهة النصرة في الجولان السوري المحتل و المحرر عبر فصلها عن مناطق العمق الجنوبية واحدة من العمليات التي لم تتحسب إسرائيل أن يبدأها الجيش السوري، فكان من المتوقع بالنسبة لتل أبيب أن يدخل الجيش نحو الجولان مباشرة، لكن اختيار الطريق الأطول بتطويق النصرة بقطع الإمداد القادم من الأردن أربك المخابرات الإسرائيلية، مما سيدفعها للتفكير بالطريقة الأمثل للرد على التقدم، وربما تكون من خلال اعتداء جديد على الأراضي السورية، فهل سيكون لدى إسرائيل القدرة على تحمل مثل هذه الحماقة أم إنها ستجبر على التخلي عن فكرة إنشاء جدار بشري عازل عبر جبهة النصرة يقيها مستقبلاً من عمليات الجيش العربي السوري والخلايا المقاومة.

في الشق السياسي من الحدث السوري و تحولاته تقرأ تصريحات الرئيس الأسد، ويقرأ فيها الفارق بين الخيالات السياسية و العسكرية التي يرسمها المحور المعادي لسوريا و الواقعية التي يقود من خلالها الرئيس السوري بلاده على حدود المواجهة في أكثر من شق، السياسي منها معقد درجة البساطة في حال قررت الدول الداعمة للإرهاب و المستضيفة للكيانات السياسية أن تتخلى عن ازدواجية المعاير وتعترف بشرعية الأسد رئيساً وصل عبر انتخابات تشريعية أجريت بحضور مراقبين من دول عدة دعتهم سوريا، في حين أن ملكاً مثل سلمان بن عبد العزيز وصل إلى سدة الحكم بموت أخيه وبايعه الشعب (السعودي) عبر مصافحة الصور المعلقة في البراويظ الفاخرة، وهذا المشهد المعبر عن الديمقراطية السعودية يكشف مدى سلطوية الأسرة الحاكمة على شعب المملكة، و التي تشخصن موقفها من الأزمة السورية برحيل الأسد من منصبه، ليكون من السهل في وقت لاحق إقامة (طائف) يختص بالسوريين لقسم البلاد و لبننتها على أسس طائفية، وليس من الغريب في شيء أن يتم الحديث عن اللعب في السوق النفطية اليوم لإعادة النفط الى انتكاساته بعد محاولات النهوض بالأسعار من قبل السوق، ويقف وراء الضغوط السعودية قرار أمريكي لزيادة الضغط على الدول الداعمة لسوريا، و من تعقيدات المشهد أن تطالب الحكومة السورية بتحديد أنواع أسلحتها في مواجهة الميليشيات المسلحة في حين أن الميليشيات تزود بكل أنواع ومنهجية القتل من قبل غرف العمليات، ومن السخيف أن تكون الأمم المتحدة ممراً لداعمي الإرهاب نحو التصعيد مع دمشق، ومن المعيب أن تحارب أمريكا المبادرة الروسية في السر و تدعي دعمها، ومن المربك للمبعوث الأممي ستيفان دي مستورا أن يكون مخلصاً لمهمته ومتحملاً للضغوط الأمريكية عليه، كما إن دي مستورا أمام موقف لا يحسد عليه، فما إن يلتقط ما يمكن أن يطور خطته لتصبح مبادرة حتى يتغير أمر في الأزمة السورية يضعه أمام مهمة صعبة بإقناع السوريين بتجميد القتال خاصة و إن الجيش العربي السوري يتجه نحو إكمال الطوق على حلب، وقلب المعادلة بسرعة فائقة في المناطق الجنوبية، مما يعني أن تجميد الاعمال القتالية في الأراضي السورية سيكون فرضاً من الجيش العربي السوري بدلاً من حدوثه عبر عملية ترعاها الأمم المتحدة، وهنا لا بد أن يسأل دي مستورا نفسه ما التالي، وماذا نقدم للسوريين مقابل أن تعطى أمريكا هامش الوقت اللازم للسيطرة على ناصية العملية السياسية في سوريا من جديد.

» الأسد يقود سوريا على حدود المواجهة
» هل باتت المواجهة مع إسرائيل على الأبواب؟
» روسيا تعلن المواجهة مع الغرب
» قادة تل أبيب: المواجهة مع "حزب الله" وشيكة
» السعودية والنفط: الخيار الأخير والأخطر في المواجهة