ماتت ذاكرتي. فأدعوا لها يا جماعة الخير

ماتت ذاكرتي

أنا الذي قتلتها كما قتل عُطيل ديدمونة
ولأني قاتل فسأحاكم وأعدم
وهكذا أرتاح دفعة واحدة
لقد سئمت كل بازارات العالم
وأنت تعرفون لماذا؟
لأنَّ "حصاني كان دلاَّل المنايا".
ودلاَّل الكلام،
والكلام صار بضاعة هذه الأيام
ولقد "بشمنا" وما تفنى العناقيد،
بشمنا من باعة الكلام، هذه الأيام
الرحمة على غاليلي، فقد كان أشجع منا
قال لقتلته وهو على منصّة الإعدام عبارة واحدة:
"ومع ذلك تدور". ثم تدلى من حبل المشنقة
فدقّي يا طبول العالم
وارقصي، على دقاتها، يا دليلة، فقد انتصرتِ‏
وتناسلتِ وتكاثرتِ، فكان الإزدحام
في جبالنا، في سهولنا، في اليابسة، والبحر أحمر
و"أديب البحر" يبكي إليها كما على البحر، لأنه غدا أحمر، وليس في قاعه مرجان أحمر
إنَّ باعة الكلام، هذه الأيام، ضاقت بهم ساحاتنا،
ولم يبق لدليلة مكان ترقص فيه،
حاملة، على طبق، رأس صاحب الفم الذهبي
إنتقاماً من الطهارة، التي إغتالتها "الدعارة"
فصارت كل بحور العالم، هي البحر الأحمر، لا من المرجان، بل من باعة الكلام، نجباء هذه الأيام.
فأنقذونا، أنقذونا، قبل فوات الأوان، من باعة الكلام.
فدليلة صارت دليلات، والرأس المقطوع على طبق، يصيح
"إنَّ في الحسن يا دليلة أفعى، كم سمعنا فحيحها في سرير".
وبيلاطس النبطي، غسل يديه من دم هذا الصديق،
وكلنا غسلنا أيدينا واسترحنا، مثل بيلاطس النبطي،
فهزي خصرك "يا نواعم" وزيدينا من الكلام، بضاعة هذه الأيام.
وأنا في المدينة، ولا مدينة، ماتت مدينة، من عهرها لا من طهرها، لا فرق، وهكذا، سيداتي سادتي صارت مدينتي التي "بحرها شراييني" مقنّعة حياءً من باعة الكلام الذين تكاثروا هذه الأيام وتقنَّعتُ مثلهم، كي لا يرى أحد دموعي، وخصوصاً باعة الكلام، فيشمت بي، وبقلمي، "صيارفة الهيكل" فُطْر هذه الزمان..
والسلام ختام، تصبحون على خير، فقد صاح الديك،
والتلميذ بطرس، أنكر أنه يعرف معلمه، بعد صياح الديك،
أو قبله، لا فرق! إنما في النهار، حين قرأت ما كتبته في الليل، اكتشفت أن "الزهيمر" أو الخَرَف المبكّر، قد تفشّى، مثل داء الخنازير، ومن الجائز، أو من المؤكد، أن نصفي العاقل قد أصيب به، فلم يبق إلاَّ نصفي المجنون، وهذا أفضل.
إنَّ حصان عنترة العبسي، الذي كان دلاّل المنايا، قد تعب كما يبدو، وسيفه الذي كان "يداوي رأس من يشكو الصداعا" قد تصدّع بدوره، والذي عملت عنده أجيراً في، أيام زمان، بإنتظار وصول أوراقي من الخارج، كي أسافر إليها، يقول لي: يا ولد امْسح الزيت، كنّس الأرض جيداً، "سرّب" معي، يوم الأحد، إلى كنيسة القديس مارون، لعل الله يستجيب لدعائك، فتسافر إلى أقاربك في الخارج، ولكن على "فوقه" من أين لك معرفة بعنترة العبسي "فارسي المحبوب"!؟
فأجيبه: "من قراءة فنجان القهوة على الريق" يا معلمي!
- عجيب أمرك يا ولد!
- وما هو العجيب؟
- لا تفك الحرف، وتعرف عنترة وأشعاره أيضاً!؟
- وأعرف معلّقته على جدار الكعبة الشريفة ومطلعها "هل غادر الشّعراء من متردم، أم هل عرفت الدار بعد توهم".
- وأيضاً!
- جسّ الطبيب لي نبضي!
- قلت إنَّ عنترة له سيف يداوي رأس من يشكو الصداعا.
- هذا صحيح، لكن صداعي مزمن، لا يداويه أي سيف!
- هذا من القهر.. تأخرت أوراق سفرك إلى الخارج يا ولد!
- حظي سيئ فماذا أفعل؟
- دواؤك الصلاة، صلِّ يا بني صلِّ!
- صلّيت حتى بشمت يا معلمي! ولكن عنترة..
- أنت تمزح يا ولد! اترك عنترة تفلح!
- تركته فلم أفلح! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ حظ نحس !!!!!!!!!!.
لأنَّ باعة الكلام لم يتركوه مثلي.

أبو الوعود والعهود المنسي والمتروك
الذي ينام ع الأحلام ويصحى على الخازوق
عنترة بن طفران
الذي ينتظر فيزا إلى أي مكان ليهرب من باعة الكلام وعصابات الشوارع الجرزان