حزب الله ومعارضوه من الشيعة يتساكنون تحقيقا لمصالح مشتركةبولا أسطيح – موقع النشرة
ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات معارضي “حزب الله” من الشيعة وبالتحديد أولئك الذين يتعاطون الشأن الاعلامي بعدما كانوا في السنوات الماضية خجولين في عملهم. ها هم اليوم ومن معقل “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت لا يتردّدون بفتح ملفات أو الاضاءة على جوانب كثيرة حزبية ومناطقية لا يرحّب بها الحزب، إن كان لجهة إسدال الستار عن خروقات أمنية في صفوفه من خلال الكشف عن عملاء صف أول أو من خلال التصويب على قتاله في سوريا.
ويُعتبر الصحافي علي الأمين، المعارض للحزب، ولقمان سليم، رئيس جمعية “هيا بنا” وهي منظمة لبنانية غير حكومية تموّل الكثير من نشاطاتها السفارة الأميركية في بيروت، الوجهين البارزين إعلاميا بمعارضة الحزب، إلا أنّهما ارتأيا الاستقرار ومنذ سنوات في مناطق في بيروت محسوبة على الحزب، ومزاولة كل نشاطاتهما مباشرة من هناك.
حتى أن سليم لا يتردد بتنفيذ برامج للسفارة الأميركية داخل الضاحية على غرار برنامج تعليم النساء اللغة الانكليزية والذي أشرفت عليه “هيا بنا” في العام 2010. وفي شباط الماضي أشرفت جمعيته على إجراء استطلاع رأي على عيّنة من 600 شخص يعيشون في مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت وبالتحديد في الشياح وحارة حريك وبرج البراجنة وحي السلم، لسؤالهم حول رأيهم بتدخل “حزب الله” في سوريا.
ولا يبدو “حزب الله” منزعجًا من إبقاء الأمين وسليم على حد سواء في مناطقه، وهو وبحسب مصادر مطّلعة على أجوائه، لا يرى فيهما أيّ تهديد بل على العكس يعتبرهما يخدمان “حزب الله” من حيث لا يدريان بتكريس مبدأ “التنوع” في مجتمعه. وتتحدث المصادر عن “ضوابط شرعية” يلتزم بها الحزب التزامًا كليًا بتعاطيه مع معارضيه ومؤيّديه، بعكس معظم الأحزاب والفرقاء اللبنانيين، لافتة إلى أنّ بقاء عدد من معارضي الحزب في مناطقه دليل على الثقة الكبيرة بالنفس التي يتحلى بها “حزب الله” خاصة لجهة انّه غير متخوف على امكانية تأثير ما يقوم به الأمين وسليم على جمهوره الواسع.
ولا تتردد المصادر بالتأكيد على أنّ التعرض المباشر للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يبقى خطًّا أحمر، قد لا يتمكن الحزب حتى من أن يحسب ردات فعل جمهوره في حال تجاوزه.
بالمقابل، يصف مصدر معارض لـ”حزب الله” وضعه في الضاحية الجنوبية لبيروت بـ”ماشي الحال”، لافتا الى انّه “ليس في وضع مريح يحسد عليه كما أنّه ليس خائفا”. ولا يرى المعارض أيّ سبب يدفعه لترك مجتمعه للعيش في بيئة أخرى، “فهذه منطقتنا ولا يمكن تسميتها بمنطقة حزب الله، كما اّنه واذا أراد الحزب التعرض لنا بأذى قد يقوم في ذلك أينما وجدنا”.
ويتحدث المصدر عن “ذكاء” الحزب بالتعاطي مع معارضيه غير السياسيين، أي الناشطين اعلاميا وفي المجتمع المدني، لافتا الى أنّه يستخدم أحيانا “الترغيب وأحيانا أخرى الترهيب بوسائل ذكية غير ميليشياوية خاصة اذا ما كانت حالة الاعتراض غير متمادية”.
ويبقى أنّ “حزب الله” ومعارضيه الشيعة الذين لا يزالون يعيشون في مناطق محسوبة عليه، يتساكنون تحقيقا لمصالح مشتركة، فيخوضون أنواعًا مختلفة من المواجهات إلا أنّهما في نهاية النهار، يتشاركون الأحياء نفسها كما التهديدات المستجدة لجهة العمليات الانتحارية والارهابية والتي عادت تطل في أفق معقل الحزب بعد التفجير المزدوج الذي هزّ جبل محسن.