ســتة ايــام فــي مدينــة الرقـــة.. كيف هي الحياة هناك ؟وسـام قاسـم – دمشق الآن
قرر أحد الشباب المقيمين خارج سورية الذهاب إلى محافظة الرقة لزيارة والدته المقيمة هناك والتي رفضت مرات عدة الخروج من المحافظة رغم ما تواجه من أوضاع مادية صعبة ومعاملة سيئة من قبل تنظيم داعش فيروي هذا الشاب ما حصل معه خلال ال6 أيام في مدينة الرقة..
يقول الشاب : أتيت من دولة الإمارات وخرجت من دمشق نحو محافظة الرقة وقبل الرقة بحاولي 30 كم رأيت النسوة والفتيات يقمن بارتداء النقاب في الباص .. فسألتهم مستغرباً: لماذا تضعون النقاب الآن ؟
فأجابت إحدى النسوة قائلة : اقتربنا على احدى حواجز داعش .. الله يستر !! اذا سألوك يا ابني انت تصلي وتقرأ القرآن .. اجبهم بنعم وراجع السور الأخير القصار … ربما شكوا وطرحوا عليك المزيد من الاسئلة ليتأكدوا انك مسلم …. والا ستواجه مشكلة معهم … فضحكت … والباص ما زال متجهاً باتجاه الحاجز ..
وصلنا إلى الحاجز واذ بشخص يرتدي اللباس الأسود مقنع … يتكلم اللغة العربية الفصحى … ويلتفت يميناً ويساراً ليتأكد من ان النسوة والفتيات الصغيرات يرتدين النقاب وأتى إلي وسألني : أتصلي ؟؟؟ فقلت له : نعم أصلي …
فقال لي : وكم عدد الصلوات ؟؟؟ … قلت له : خمسة صلوات …
فذهب ولم يكلمني …
و يذكر أن هذه الحالة تكررت على جميع نقاط التفتيش لداعش ….
وعندما وصلت المدينة وقبل نزولي من الباص .. سألت أحد الركاب : من هؤلاء ؟؟ هل هم من أبناء المدينة ؟؟؟ فأجاب : لا يا عم… هؤلاء مهاجرين … وذهب كل منا الى منزله دون أن أفهم ما قال…
وأنا في طريقي إلى بيتي رأيت المباني التي طليت باللون الأسود .. ورأيت هناك مجلس شورى ومجالس كثيرة .. ولم افهم شيء … ورأيت الناس تتداول عملة غريبة !!
قبل وصولي إلى البيت بقليل أوقفني أحد الحواجز وإذ به أحد الأشخاص المقربين من عائلتي .. فقال لي : اعطني هويتك ؟؟؟؟
فقلت له : يا ابن عمتي أتريد هويتي ؟؟؟ أتشك بي ؟؟؟ فقال : نحن في دولة الخلافة … لا في دولة الكفر والطغيان ….. فأعطيته الهوية ولم أجادله ابدا وتكرر الموقف ذاته مع احد المقربين في نفس اليوم .
وصلت الى البيت وأنا مذهول ومصعوق مما رأيت واستقبلني والدتي وأخوتي بشكل حار ولم أتكلم عن أي شيء رأيته في هذا اليوم ..
وفي صباح يوم الجمعة ذهبت الى جامع الفردوس في المدينة واذ بالخطيب ليس من أهل المدينة ويقول في خطبته “ومحمد الذي بعث في السيف” !
هنا استغربت مما يقول وما يتكلم وإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعاقب الكافرين والأنصار واليهود دوماً ” بالذبح والنحر “!!!!
فأكملت الصلاة والخطبة وبعد أن انتهينا سألت أحد الأشخاص : ما الذي يتكلم به هذا ؟؟؟ وهل هو من أهل الرقة ؟؟؟ فأجابني : هذا تونسي الجنسية …
فقلت له وانا ابتسم :الجمعة القادمة سأغير الجامع …
فضحك وقال لي : الجوامع كلا مهاجرين
قلت له : ماذا تقصد بالمهاجرين ؟؟؟
فقال داعش في الرقة تقسم الى ثلاث اقسام :
القسم الأول : وهو المهاجرين ويتكون من عدة جنسيات عربية وهم الحاكمين والذين يأمرون وينهون … ورواتبهم تقدر كحد أدنى بين 3000 و 6000 دولار شهرياً مع حصول كل فرد منهم على سيارة نوع فخم وسلاح ونساء .
القسم الثاني: وهم الأنصار وهم الذين جاؤوا من الذين ناصروا داعش إن كان من العشائر وضعاف النفوس وتترواح رواتبهم لكل شخص 100 دولار شهريا .
القسم الثالث : المبايعين ويعتبرون بالمرتبة الثانية بعد المهاجرين وهم الذين بايعوا داعش من الكتائب المعارضة ولهم بالنصيب مثل المهاجرين أو أقل من ناحية الراتب .
هنا لم اتكلم أي شيء وعدت الى البيت مقهوراً … وسألت والدتي: مالذي حدث في غيابي فالبارحة وأنا قادم أوقفني اقربائي ولم يتعرفوا علي ابداً فما الذي حدث ؟؟
فأجابتني والدتي وقالت : يا بني هنا يقومون بتجنيد الناس بهذه الطريقة :
داعش تبحث عن الشباب العاطلين عن العمل أو الشباب الذين ليس لهم وظيفة أو راتب وتعطي كل شخص 100 دولار شهرياً واذا كانت له امراة تعطيه 100 دولار زائدة وعلى كل ولد لديه 50 دولار شهرياً ومنزل وسيارة وسلاح ..
الوضع المعيشي بالرقة:
يعتبر لابأس فيه ولكنه يميل للأسوأ بسبب غلاء الأسعار ومعاملة الدواعش للمواطنين من ناحية التشديد وامور كثيرة … وما زالت الدولة السورية تعطي الرواتب للموظفين الموجودين في الرقة وفي بداية كل شهر يأتي رئيس قسم المالية حسب كل وظيفته ويعطي الرواتب للموظفين الذين ما زالوا على رأس عملهم ….
فقلت لها حدثيني اكثر عما يحدث فقالت :
بين كل فترة وأخرى تقيم داعش حواجز طيارة وبشكل كثيف ومريب وتدقيق بشكل كبير على حواجزها إما بسبب هروب بعض عناصر داعش عن تلبية الجهاد كما يدعون أو بسبب اغتيال أحد عناصرها وهو الشيء الذي لوحظ زيادته بشكل كبير في الفترة الأخيرة .
سألت عن الوضع التعليمي في المدينة فإذا بي اسمع أنه تم إغلاق كافة المدارس والجامعات وتم سحب الأختام من المدراء من قبل داعش
وتم تغيير المناهج ومنع الطلاب والطالبات الذين لم تتجاوز اعمارهم الثلاثين عاماً من الخروج من المدينة كي لا يلتحقوا بالجامعات الأخرى…
وافتتحت داعش كلية طب في محافظة الرقة والدراسة فيها 3 سنوات فقط …
و البست العارضات البلاستيكية في واجهة المحلات وغطت وجهها بحجة ان هذا مخالف للشريعة واصبحوا يحاسبون الأهالي على كل شيء.. كما قاموا بمنع الشباب من ارتداء الجينز ووضع قصة شعر واحدة واي شب مثير للفتنة يحلق شعره على الصفر كيف لا يفتن بأحد ( حسب زعم داعش )….
خرجت من المدينة وكأنني كنت في عصر أبا جهل أو لا اعلم بأي عصر كنت فقد كانت أسوأ ستة أيام قضيتها في حياتي الطويلة في مدينة الرقة المحتلة لكن كلي أمل بأن أعود إليها قريباً لأراها بغير حلّةً ….