إسرائيل: العدوّ الصعب جداً.. حزب اللهمحمود زيات – صحيفة الديار
ما قاله رئيس الاركان الأسبق في جيش الاحتلال الاسرائيلي امنون شاحاك قبل سنوات.. «نحن الاسرائيليين، نشبه شخصا يسير في الظلام وهو يحمل فانوسا. ولكنه لا يشعله، ويسأل نفسه كيف يمكن بحق الجحيم الخروج من هذا»، يختصر وضع المؤسسات العسكرية والامنية والسياسية للكيان الصهيوني، وهو يدفع بالعديد في الاوساط الصهيونية للدعوة الى البحث عن الطريق.. قبل الوقوع في الوحل، سواء في قطاع غزة ام في جنوب لبنان.
«فانوس» الجنرال الاسرائيلي، كان مطفأ في نيسان العام 2006، اي قبل ثلاثة اشهر من اندلاع الحرب مع «حزب الله»، حيث كان يبحث رئيس وزراء العدو في حينها ايهود اولمرت مع الرئيس الاميركي في ملفي ايران والفلسطينيين، وكان هناك من يحاول إقناع أولمرت بأن يعرض كأولوية عليا ـ الخطر المحدق من لبنان، ولكنه رأى بأن هذا ليس ملحا، ويردد «سنبحثه في المرة التالية»، وبعد نحو ثلاثة اشهر اندلعت الحرب على لبنان، فخاضت اسرائيل حربها الثانية مع لبنان، وفق ما يسميها الاسرائيليون، وهي تتخبط في هزائم بدأت معالمها تظهر منذ الايام الاولى للحرب.
آخر التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية، أن «حزب الله» بنى عدة شبكات مسلحة في منطقة الجولان بمساعدة ايرانية وسورية، ما يعني ان هناك خطرا لعمليات في هضبة الجولان، وان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية لاحظت تحسنا في المستوى التنفيذي لـ«حزب الله»، بسبب تعاظم الخبرة التي اكتسبها عناصره في سوريا، فيما قائد المنطقة الشمالية (المتاخمة لجنوب لبنان) أفيف كوخافي، «قلق من عمليات محتملة في الجولان»، من عدو صعب جداً، هو «حزب الله» .
ونشرت صحيفة «هـآرتس» الصهيونية، تقريرا اعدته قيادة اركان الاحتلال، تناول تقديرات الاستخبارات العسكر ية الصهيونية، في ما خص جبهة سوريا و«حزب الله» في لبنان تقول.. «في الحرب الاهلية السورية هناك تعادل استراتيجي، لا أحد قادر على اخضاع خصمه في هذه المرحلة، والحرب في انحاء الدولة تتركز على معارك محلية للسيطرة، ولا تستطيع ترجيح كفة أحد الاطراف. نظام الرئيس بشار الاسد سيكتفي في المستقبل القريب بسوريا الصغيرة، العاصمة دمشق والممر الذي يصلها مع المدينة الكبرى حلب والمنطقة العلوية شمال غرب الدولة. النظام لا يريد مواجهة عسكرية مباشرة مع «اسرائيل»، لكن هذا الخطر يتزايد من المعسكرين المتشددين، «حزب الله» من جهة النظام، والمنظمات الجهادية من جهة المتمردين، اللذين سيبادران الى عمليات في هضبة الجولان». وتنقل الصحيفة عن التقديرات الاستخبارية الصهيونية، أن «حزب الله» بنى عدة شبكات مسلحة في منطقة الجولان بمساعدة ايرانية وسورية».
ويلفت التقرير الى «إن أحد الاسباب الاساسية للتعادل في الميزان بين الاطراف في سوريا، يتصل بالتحول الذي حدث لدى الغرب تجاه هذا الصراع، من التهديد الاميركي بمهاجمة النظام كعقاب لاستخدامه السلاح الكيميائي في آب 2013، الى الاعلان عن ضربات جوية ضد عدو النظام السوري الاخطر وهو تنظيم «داعش» بعد عام. حتى وإن لم تعترف الولايات المتحدة بذلك فإن سياستها تتسبب فعلياً بازدياد قوة الاسد في وجه أعدائه، خلال عام 2013، حقق معسكر الاسد نجاحات تكتيكية في كبح تقدم المتمردين، وانتقل النظام للتركيز على الدفاع عن سوريا الصغيرة التي فيها المصادر الأكثر أهمية بالنسبة له»، مشرة الى «ان تأثيرات الصراع في سوريا مستمرة في الامتداد الى الدول المجاورة وبالذات لبنان والعراق، حيث لا يوجد أي حاجز فيزيائي بينها وبين جاراتها».
اما بالنسبة للحدود اللبنانية، فيقول تقريرالصحيفة، «فقد اضطر «حزب الله» الى نشر خط من المواقع العسكرية، حيث يوجد باستمرار نحو من ألف مقاتل بهدف منع ادخال الامدادات للمسلحين من سوريا الى داخل لبنان، وإقامة خط المواقع الذي يقوم مقاتلو «حزب الله» بتسيير دوريات على طوله كان رداً على موجة العمليات في لبنان، بعضها في معاقل «حزب الله» في الضاحية في بيروت قبل أكثر من عام»، وتنقل الصحيفة عن «الجيش الاسرائيلي» قوله إنه «يلاحظ تحسناً في المستوى التنفيذي لـ«حزب الله» بسبب الخبرة التي اكتسبها عناصره في سوريا».
بالمقابل، يزعم التقرير الى ان هناك تراجعا دراماتيكيا للتهديد التقليدي على اسرائيل من قبل سوريا، ويورد ان 80 بالمئة من الصواريخ والقذائف لدى الجيش السوري تم استخدامها حينما أطلقت باتجاه أهداف المسلحين. ولم يبق في الجولان مخازن قذائف موجهة نحو اسرائيل، ومناورة عسكرية سورية في اسرائيل غير قائمة والتهديد الكيميائي تمت ازالته بسبب تفكيك هذا السلاح. وهكذا حدث تغير اساسي في التوازن بين اسرائيل، وبين من اعتُبرت عدوتها خلال اربعين عاماً. لكن «حزب الله» يبني ايضاً شبكات مسلحة هناك، وقد سبق أن أطلقت هذه الشبكات «الكاتيوشا» من عيار 107 ملم باتجاه الجولان خلال الحرب في غزة في الصيف الماضي، … يُقدّرون في اسرائيل أن «حزب الله» وبموافقة الاسد، سيستغل المنطقة الصغيرة التي تقع تحت سيطرة النظام شمال الهضبة من اجل المبادرة الى عمليات ضد اسرائيل، مثلما فعل خلال عملية الثأر للضربات الجوية المنسوبة لاسرائيل داخل لبنان وسوريا.
ويخلص التقرير الى القول.. بالرغم من أن الاسد بقي صامداً في الحرب الاهلية الفظيعة إلا أنه حدث في الآونة الاخيرة تحول كامل في نظرة اسرائيل وتعاملها مع الجبهة الشمالية.. قبل عقدين من الزمن كان قلق اسرائيل وقادة المنطقة الشمالية مثل عميرام ليفين وغابي اشكنازي، هو عملية ممكنة من قبل «حزب الله»، ولكن الاحتمالية الاكثر اقلاقاً من ناحيتهم كانت احتمالية اندلاع حرب مع سوريا، لكن اليوم انقلبت الأمور، قائد المنطقة الشمالية، «أفيف كوخافي»، «قلق من عمليات محتملة في الجولان، لكنه يستعد من أجل مواجهة مستقبلية مع عدو صعب جداً، وهو «حزب الله» في لبنان».