أين لبنان من اشتباكات المعارضين السوريين في القلمون؟ترصد الجهات اللبنانية المعنية بالوضع في منطقتي القلمون السورية وجرود عرسال اللبنانية ساعة بساعة مسار الاشتباكات والتطورات الميدانية الدائرة هناك منذ نحو 36 ساعة بين تنظيم “داعش” من جهة و”الجيش السوري الحر” وألوية ومجموعات سورية معارضة اخرى ينتمي بعضها الى “جبهة النصرة”. ويتمحور اهتمام هذه الجهات حول ما اذا كان بمقدور “داعش” حسم الوضع هناك لمصلحته واجبار باقي الفصائل المعارضة على اعلان الولاء له عبر ما يسمى المبايعة لا سيما تلك المنتمية الى “الجيش الحر”.
ووفق ما تناهى الى علم هذه الجهات من معلومات ومعطيات، فإن الصراع بين هذه المجموعات بات مفتوحا على مزيد من الفصول والتطورات خصوصا أنّ “داعش” اخذ قراره بالحسم في تلك البقعة الجغرافية الاستراتيجية بنظره كونها تتداخل مع الساحتين السورية واللبنانية معاً، اضافة الى ان الالوية المحسوبة على “الجيش الحر” تعاني منذ فترة نقصاً في التمويل والتسليح، وتعاني ايضاً التشتت بفعل فقدانها العديد من قياداتها الميدانية، كان آخرهم الملازم اول المنشق عن “الجيش السوري” عرابة ادريس (ابن شقيق احد القادة الاساسيين لهذا الجيش سليم ادريس) الذي كان يشغل منصب قائد ما يسمى بـ”لواء مغاوير القصير”.
مصير العسكريين اللبنانيين الـ26 المحتجزين منذ 2 آب الماضي لدى تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” في جرود عرسال التي هي الامتداد الطبيعي لجرود القلمون السورية حيث ميدان المواجهات والصراع هناك يبدو في واجهة التداعيات التي تعني لبنان حيال الواقع الميداني المتقلب ..
ولم يعد خافيا ان بسط جهة بعينها هيمنتها على هذه البقعة الوعرة من الارض له علاقته وحساباته المستقبلية في مجال التبادل المفترض والجاري الحديث عنه في لبنان وفي اطار مستقبل الصراع هناك، وبالتحديد في جرود عرسال امتدادا الى جرود رأس العين والى جرود بريتال وسواها من المناطق الحدودية اللبنانية، خصوصا ان تنظيمي “داعش” و”النصرة” أظهرا في محطات عدة وبالملموس ان لهما اطماعاً ورغبات مضمرة في التاثير على قرار الاستقرار والاضطراب في الداخل اللبناني، وان لهما ايضا حسابات معينة تنطوي على أخطار جمة.
- ان مصير الوضع في القلمون وصولا الى جرود عرسال له ايضا صلة وثيقة بالامن الوطني اللبناني عموماً، خصوصا بعدما اظهرت تجارب ووقائع عدة لم يمر عليها الزمن ان منطقة القلمون كانت ملاذا لمجموعات وخلايا تخريبية فعلت فعلها الارهابي في داخل الساحة اللبنانية، وخصوصا ارسال السيارات المحملة بمفخخات الموت وعبر ايفاد انتحاريين وما شابه.
وعموماً، فان الجهات اللبنانية نفسها تعتقد ان تنظيم “داعش” يجد الوقت مناسباً اكثر من اي مرحلة سابقة لاستتباع المعارضين الاخرين له، خصوصا مع حلول الشتاء وحاجتهم الماسة الى التمويل والغذاء، لذا فهو لن يرضى بأقل من حسم الوضع في القلمون لمصلحته في نهاية المطاف، وبالتالي على الجهات اللبنانية المعنية ان تتعامل مع مرحلة مختلفة بشروط مغايرة.
* النهار