اليمن في مواجهة إرهابَيْن.. سعودي وتكفيري!عماد جمعة – خاص الخبر برس
تستمر السعودية في اتباع نهج تدميري في اليمن، كما هي عادتها في كافة البلدان التي تمتد إليها أذرعها “الخيّرة”، ولا ينفك الاعلام السعودي بإتحافنا بتقارير ومقالات مفبركة ومضللة تسعى المملكة من خلالها إلى تهشيم صورة جماعة “أنصار الله” بقيادة عبد الملك الحوثي وإلصاق صفة “الإرهاب” بها حتى تنزع عنها أي صفة ثورية.
ومع تقدم الحوثيين على كافة جبهات القتال مع التنظيمات التكفيرية التي يدعمها آل سعود في اليمن، لا سيما في إب وتعز والحديدة، وآخرها الحصار الذي فرضه الثوار على مأرب التي تعتبر مركز الثروة النفطية في البلاد، ارتفع منسوب الهلع لدى السعوديين. فهم باتوا متيقنين أن زمن التحكم بسياسة هذا البلد الجار وفرض نظام حكم يتناسب وسياستهم بات خلف الشعب اليمني، وأن السقوط السريع لجماعاتها، والذي بدأ بفرار على محسن الاحمر من اليمن، ستزداد وتيرته في الأيام المقبلة.
والخوف الأكبر الذي يعتري حكام السعودية اليوم هو تمكن “أنصار الله” من السيطرة على محافظة مأرب النفطية، فوضع اليد على هذه المنطقة سيمكّن الحوثيين من التحكم بالسياسات الاقتصادية للبلاد، وبالتالي القرار السياسي بشكل كامل.
ومن جهة أخرى، يبدو أن الحوثيين قد استخلصوا العبر من تجارب مماثلة في المنطقة العربية، مثل سوريا ولبنان، واتخذوا قرار مواجهة العدو الأميركي – السعودي حتى النهاية ومن دون أي مهادنة تمكنه من لملمة نفسه وتنفس الصعداء. فاتجاههم للسيطرة على العاصمة صنعاء للضغط على السلطة السياسية، والانطلاق منها لمكافحة الإرهاب كان من أهم الخطوات التي ستؤسس لانتصارات متلاحقة على الإرهاب. وتوجههم مباشرة نحو السيطرة على ركائز البلاد الإقتصادية، من نفط وكهرباء، يشير إلى خطة مدروسة بعناية للحفاظ على وحدة اليمن ومنع تغلغل التنظيمات التكفيرية فيها وعلى رأسها “القاعدة” و”داعش” وفصلها عن سلطة الدولة وتحويلها إلى بؤر إرهاب، كما حدث في محافظتي الرقة ودير الزور السوريتين.
وفي ظل هذا السيناريو المأساوي بالنسبة للسعوديين، كان لا بد من دق ناقوس الخطر وتجنيد الأقلام، فضلاً عن الأسلحة والأموال، لشيطنة الحوثيين ومحاربتهم ومنعهم بأي وسيلة من تحقيق انتصارات عسكرية بوجه الإرهابيين وإعادة الأمان والاستقرار إلى البلاد، والقيام بيمن قوي لا يشبه ذاك الذي تتحكم المملكة بمفاصل الحكم فيه.
ومن أجل تحقيق هدفهم المنشود قام السعوديون ببث كم كبير من الشائعات، بدأت عندما حاولوا الإيحاء بأن إيران تحرّض الحوثيين على السيطة على مضيق باب المندب لاستخدامه كورقة ضغط على دول الخليج ومصر وتهديد حركة الملاحة فيه وفي قناة السويس، ولكن سرعان ما انكشف زيف هذه الادعاءات.
بعد ذلك انتقل الاعلام السعودي للحديث عن سعي “أنصار الله” للإمساك بمقابض الدولة تمهيداً لاسقاطها والحلول مكانها، مدعياً أن المعارك الدائرة هي بين الحوثيين والشعب اليمني وعلى رأسه القبائل المنتشرة في كافة المناطق. ولكن هذه الإدعاءات لن تصمد طويلاً، خاصة بعد أن كشف زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي أبو بكر البغدادي، في رسالته الصوتية منذ أيام، عن مشاركة تنظيمه في القتال ضد الحوثيين، إلى جانب تنظيم “القاعدة” الذي يملك مواقع عسكرية على مقربة من البحر الأحمر والحدود السعودية، والذي تبنى عشرات العمليات الانتحارية في البلاد.
ومن خلال هذه التصريحات والبيانات، بات واضحاً أن الهدف الأهم بالنسبة للحوثيين هو تطهير اليمن من براثن الإرهاب الذي يهدد أمن المنطقة كلها، والحفاظ على البلاد ومنع التقسيم الذي تجهد السعودية إلى تحقيقه.
ولكن في ظل هذه الجهود الجبارة التي يبذلها الشعب اليمني، والتي تصب بالمناسبة في إطار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في المنطقة ككل، نرى أن الحرب السعودية على اليمن لم تتوقف، لا بل ازدات حدتها وباتت مكشوفة أكثر من قبل، فالمملكة زادت بشكل كبير من دعمها المالي والعسكري للتنظيمات التكفيرية، فضلاً عن محاولتها استعادة ولاء القبائل من خلال رفع العطاءات لشيوخها، بعد أن وقفت بمعظمها في صف الثورة اليمنية بزعامة الحوثي، كما تغدق السعودية بالأموال على التيارات والأحزاب الانفصالية، خاصة الجنوبية منها، بهدف تقسيم اليمن والسيطرة عليه.
ولم تكتفي المملكة بمحاولتها السيطرة على الساحة اليمنية الداخلية، بل تعدتها إلى التواصل المباشر مع اليمنيين المقيمين في الخارج، وبشكل خاص الطلاب اليمنيين في مصر، حيث تفيد معلومات مؤكدة واردة من القاهرة، أن اجتماعين عقدا هذا الشهر في السفارة السعودية مع العشرات من هؤلاء الطلاب، تمت في خلاله عملية شراء ذمم بمبالغ مالية وصلت إلى 1500 دولار للشخص الواحد، وذلك في محاولة لتكوين جبهة خارجية معارضة للإنتفاضة الشعبية في اليمن. والغريب أن السفارة السعودية استحصلت على أسماء هؤلاء اليمنيين من إدارة التعليم العالي المصرية، وبعلم الأجهزة الأمنية التي لم تمانع أبداً.
في الخلاصة، بات من الواضح أن كل هذا التصعيد السعودي هدفه الأوحد هو القضاء على أي حلم بيمن موحّد ومستقل، غير تابع لها ولاجندتها، وطمس أي تحرّك إصلاحي يمكن أن يقوم عند حدودها، خوفاً من انتقاله إلى بلاط من يدعي أنه “خادم الحرمين الشريفين”.
*مقالات الخبر برس