ماذا كشف حزب الله برده الأخير في شبعا؟يحي دبوق – صحيفة الأخبار
العملية الأخيرة في مزارع شبعا، وتبنّي “حزب الله” لها، أعادا طرح الأسئلة والعمل على فحص القوالب المسبقة التي تحكم التقدير الاستخباري الإسرائيلي حيال الحزب. وإذا كانت العملية نفسها ذات دلالات تدفع الإسرائيلي إلى الوقوف عندها طويلاً، فإن لتبنيها السريع من قبل حزب الله دلالات أوسع وأشمل.
هل أخطأ الإسرائيلي في تقدير النيات، وتحديداً في نية الرد على الاعتداءات داخل لبنان؟
نعم بالتأكيد. الخطأ في التقدير ليس محلاً للنقاش في إسرائيل. النقاش يتركز على ما إذا كانت نيات حزب الله ستتمدّد بما يزيد على الرد، وأيضاً الرد على الرد، وصولاً إلى المواجهة العسكرية الأوسع.
اللواء عاموس يدلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق والرئيس الحالي لمركز أبحاث الامن القومي، حذّر في مقابلة إذاعية، قبل يومين، الاستخبارات من الوقوع في خطأ القوالب المسبقة. ودعا إلى ضرورة العمل على تجنّب التقديرات القاطعة، وتحديداً تجاه “حزب الله”، لأن الخطأ في التقدير في الساحة اللبنانية، يختلف كثيراً عنه في ساحات أخرى.
ولفت يدلين إلى أن على إسرائيل أن تحذّر أيضاً الوقوع في خطأ من نوع آخر، هو الحسابات المغلوطة في ما يتعلق بالأحداث والعمليات التي تطلق عليها تسمية “أحداث موضعية”. إذ إنها قد تتدحرج نحو مواجهة عسكرية أوسع وأشمل، حتى ولو لم يكن في نية الطرفين، إسرائيل وحزب الله، التسبب بها ابتداءً.
وفي الأساس، إن كل عمل عدائي إسرائيلي، يسبقه تقدير لنية الجهة المقابلة، وقدرتها على الرد أو الامتناع عن الرد. وهذا التقدير جزء لا يتجزأ من أي عمل عدائي قد تقدم عليه تل أبيب، وتحديداً في مواجهة حزب الله. لذلك، عندما أقدم الإسرائيلي على تنفيذ اعتداءاته في الأشهر الأخيرة، انطلق من تقدير مفاده أن انشغال حزب الله في مواجهة الخطر التكفيري، في الساحتين اللبنانية والسورية، يمنعانه من الرد على الاعتداءات.
من هنا، إن رد الحزب في مزارع شبعا لم يسقط فقط المعادلة التي أرادها الإسرائيلي والقالب التقديري الذي ينطلق منه، بل كشف عن قصور لدى الاستخبارات الإسرائيلية في فهم آلية اتخاذ القرار في الحزب ومنطقه ورؤيته. وهذا امتداد لمحطات سابقة كثيرة، ثبت فيها أن حزب الله يفاجئ الإسرائيلي، إما في أصل الفعل والرد، أو في توقيتهما، أو في أسلوبهما.
وفي الوقت نفسه، يدرك الإسرائيلي أن ردود حزب الله لا تزال، حتى الآن، تقتصر على التسلل وزرع عبوات، مع أن لديه القدرة على اللجوء إلى أساليب أخرى، وهامشاً كبيراً في الرد على الاعتداءات، لكن ذلك مرتبط بتقدير المصلحة لدى قيادة المقاومة. وهذه المسألة يعرفها جيداً صانع القرار الأمني والسياسي في تل أبيب.
وفي هذا السياق، طرحت صحيفة “هآرتس”، أمس، السؤال الكبير المطروح على طاولة الاستخبارات الإسرائيلية: هل ثقة حزب الله بنفسه أعلى مما قدّرته استخباراتنا؟ وبصرف النظر عن أسلوب السؤال وكلماته الملطّفة تجاه دوائر التقدير الاستخباري في تل أبيب. إلا أنها إشارة إلى ضرورة إعادة النظر في القوالب المسبقة، والبحث في الأخطاء الاستخبارية تجاه حزب الله، وتحديداً تجاه نياته.