الرهان التركي و”فوبيا الأكراد”

الرهان التركي و”فوبيا الأكراد”

08 أكتوبر 2014

محمد نور الدين

كشفت معركة عين العرب (كوباني) عن حجم النفاق التركي تجاه الأكراد في تركيا قبل الأكراد في سوريا. قالها رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو بصراحة، إنه إذا كان الهدف إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فتركيا جاهزة للتدخل في عين العرب وكل سوريا، “عدا ذلك فلتواجه كوباني مصيرها المحتوم وهي أن تسقط بيد داعش”، بينما كان رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان يزف البشرى للأتراك بأن عين العرب “على وشك السقوط”.
مطالب أنقرة من رئيس “حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي” في سوريا صالح مسلم، كشفت كم أن “الفوبيا الكردية” تستوطن العقل السياسي والعسكري التركي. أنقرة لا تريد حكماً ذاتياً في عين العرب، حتى قبل أن ترسو الأوضاع في سوريا على حل ما قد لا يكون الحكم الذاتي للأكراد أحد عناصره.
لكن الموقف التركي كان يوجه رسالة شديدة الوضوح والخطورة إلى أكراد تركيا، وهي أنه إذا كانت أنقرة تعارض حكماً ذاتياً لمجموعة كردية في بلد آخر مثل سوريا، وهي معارضة لا تحترم بالتالي سيادة سوريا وحق تقرير المواطنين هناك مصيرهم بأنفسهم، فكيف يمكن للمفاوضات مع عبد الله أوجلان القابع في السجن التركي أن تفضي إلى حل للمشكلة الكردية في تركيا. والحكم الذاتي والتعبير عن الهوية الكردية، هما أحد أهم المطالب الكردية في المفاوضات؟
إنه النفاق التركي بعينه عندما يقول أردوغان إنه، بالتوازي مع اتخاذ قرار الحرب في البرلمان في الثاني من تشرين الأول الحالي، يجري تشكيل لجنة لدفع عملية الحل في الداخل الى الأمام.
تكاد تمر سنتان على بداية المفاوضات مع أوجلان، ومع ذلك لم تلب سلطة “حزب العدالة والتنمية” أي مطلب كردي أساسي. كان واضحاً منذ البداية أن العملية خديعة كبرى للأكراد، والأكراد كانوا يعرفون ذلك ولكنهم ربما كانوا يراهنون، واهمين، على صحوة لن تحدث لدى الإيديولوجيا الحاكمة في أنقرة، والمستمرة هي نفسها تجاه الأكراد منذ مطلع القرن العشرين ولم تتغير حتى الآن.
وهنا يتحمل “حزب العمال الكردستاني” مسؤولية عن هذه الخديعة، عندما علق بعض الآمال على “عملية الحل” والحصول على بعض المكاسب من طرف أقل ما يمكن أن يوصف بأنه طرف خائب وعنصري.
ولم تكن ليلى زانا رمز النضال الكردي بعيدة عن الدفع في هذا الاتجاه الوهمي، عندما قالت إنه اذا كان أحد في تركيا قادرا على إعطاء الأكراد حقوقهم فهو فقط “حزب العدالة والتنمية”. وها هي ليلى زانا والمراهنون معها يرون بأم العين خيبة أملهم عندما تحاصر “داعش” عين العرب من جهات ثلاث والجيش التركي من الجهة الرابعة.
لقد جاءت أحداث كوباني لتضع النقاط على الحروف. لقد خدع أردوغان الأكراد لسنتين متواصلتين فرمى عن ظهر تركيا عبء العمليات العسكرية الكردية ضد الجيش التركي ليأخذ أردوغان نفساً يعينه على استئناف المعركة ضد “الكردستاني”، في كل مكان، ومحاولة استئناف المعركة لإسقاط الأسد في سوريا.
يعطي الأكراد في كوباني نموذجاً في التضحية والدفاع عن الكرامة ضد أعتى قوتين غاشمتين هما: “داعش” والعثمانيون الجدد في أنقرة. وإذا كان الأكراد، في تركيا قبل سوريا، قد تأخروا سنتين، من خديعة أردوغان، في فهم الدرس وتعلمه، غير أن سقوط كوباني لا يعني نهاية النضال، بل سيكون سقوطها ميلاداً لمرحلة جديدة تجعل الجلاد الخائب يندم على فعلته.

السفير

» الرهان السعودي التركي على نتنياهو .... ناصر قنديل
» لماذا ايران فوبيا بدل اسرائيل فوبيا؟ مروان الجنابي
» لماذا التصعيد التركي ضد الأكراد؟
» الجيش التركي بحماية «داعش» و«الأكراد» | أنقرة: أمر ريف حلب لي
» مناورات اميركا في الخليج تهديد لطهران ام جرعة لمرضى الايران فوبيا؟