هل دقّت ساعة التسوية الكبرى!

هل دقّت ساعة التسوية الكبرى!

09 سبتمبر 2014 at 9:18م

نبيه البرجي
لا السعوديون يربحون ولا الايرانيون يربحون. الدولتان تخسران وتلعبان بالاوراق الاخيرة واليائسة: هل دقت ساعة التسوية الكبرى؟
السعوديون و الايرانيون بذلوا جهوداً هائلة، ان على المستوى المالي او على المستوى العقائدي لكي يشق رجال «داعش» الارض، كما لو ان ثغرة ما حدثت في جدار جهنم، ويصبحون اللاعب الاكبر في المنطقة. باتوا على تخوم المملكة السعودية كما على تخوم الجمهورية الايرانية وبثوا الرعب فيهما. ألا يكفي كل هذا من اجل وقف ذلك الصراع الذي يفضي الى نتيجة واحدة: ان تتحول المنطقة الى ركام. ولقد تحوّلت فعلاً؟
لا بأس ان يتبادل رجب طيب اردوغان وبنيامين نتنياهو القهقهات بعدما اطلقا العنان لاجهزة الاستخبارات لديهما لاقامة علاقات استراتيجية، وبما تعنيه الكلمة، مع تلك التنظيمات الوثنية التي لا علاقة لها بالله، فكيف تكون لها علاقة بالانسان؟
الحدث الآن هو ان الايرانيين ينخرطون اكثر فأكثر في الخط العقلاني، والبراغماتي، للرئيس حسن روحاني بعد سنوات من الصخب الايديولوجي، وفي منطقة يبدو ان التاريخ فيها هو مزيج من الزجاج (الذي يتحطم حتى عندما يهزه الهواء) والدم الذي يأخذ شكل الثور (الثور المجنح) العابر للازمنة كما العابر للاديان..
الحدث الاهم هو ان السعوديين يراجعون مواقفهم، وسياساتهم، بعدما تبين ان «الداعشية» ليست على التخوم بل داخل المنزل، ليقول لنا زميل سعودي عتيق، وعلى صلة بالكثير من التفاصيل، ويصف نفسه بـ«السعودي الحقيقي» الذي يبدأ ليس ضد النظام، انه لا بد من الخروج من «مستودعات الخوف»، واحيانا يستخدم تعبير « اقبية الخوف»، وبالتالي اعادة النظر في السياسات الداخلية والخارجية على السواء، مع السعي الجدي للتفاعل البنيوي والديناميكي مع الحداثة بأبعادها الفكرية بشكل خاص دون التقوقع داخل تأويلات او رؤى تعداها الزمن.
ويسأل الزميل السعودي ما اذا كانت «الجيوبوليتيكا» تعني في القرن الحادي و العشرين التوظيف القبلي للايديولوجيا القاتلة، والاعتماد الذي لا حدود لها على اجهزة الاستخبارات، وعلى الاموال التي يسقط بعضها في الهباء فيما يسقط البعض الآخر في لعبة الضباع. أليس هذا ما حدث حقا بعد كل تلك السنوات من الرهان على ادارة المنطقة ليتبين في نهاية المطاف ان كل ما يمكن فعله الانزلاق اكثر فأكثر من لعبة القبائل الى لعبة الامم..
… بالتالي الحطام السوري كما الحطام العراقي هو الذي في يد السعوديين والايرانيين، ليضيف الزميل السعودي ان هناك داخل العائلة المالكة عقولاً متنورة وتنظر الى البعيد كما الى القريب. هذه لها دورها الآن، والنتائج لم تعد بعيدة، فلا بد من التفاهم مع طهران بعد كل تلك السنوات الطويلة من التأجيج الطائفي والسياسي الذي أتى بما أتى، ولا بد من التواصل مع النظام في سوريا لان البدائل تطفو على السطح، بل انها تطفو على الخراب، دون ان يكون لهذا النظام لا الدور القديم ولا التأثير القديم. وبطبيعة الحال لن يكون، بنيوياً، النظام إياه الذي كان قبل عام 2011.
هذا منطق الاشياء. لا سوريا هي سوريا ولا العراق هو العراق. وإذ بدا ان لبنان اكثر هشاشة من ان يكون مسرحاً للصراع، ودون ان يتوقف الجنون السياسي والاعلامي عند حد، فماذا يمكن لليمن ان يقدمه لهذا الصراع سوى ان يتصومل اكثر واكثر، فيما الاقتصاد يتدهور على نحو كارثي، وسوى ان يستهلك السعوديون والايرانيون امكاناتهم ودون جدوى…
الآن حديث آخر في المملكة. منطق آخر بعدما اظهرت التطورات الاخيرة مدى الاستقطاب الذي يتمتع به ابو بكر البغدادي. لم تعد المسألة تتعلق بملاحقة الخلايا السرية، وهي لا تنام ولا تنكفىء، وانما بمواجهة الطوفان الداعشي الداخلي والذي اذ كان له اسبابه الكثيرة، فهو يستدعي السنوات الكثيرة لاجتثاثه او للحد منه…
المسألة لم تعد تنتظر. تلك الادارة المذهبية والاستخباراتية للصراع والتي آتت بنتائج عكسية تماماً، وهذا كان متوقعا لدى اولئك الذين يرون الاشياء على الارض لا من القصور ولا من الابراج العاجية.
اذاً، انه اللقاء الضروري و الحتمي بين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس حسن روحاني دون الالتفات الى ناقري الدفوف و الى من يحترفون هز البطون والذين يطرب احدهم في لبنان، وهو في ثوب القهرمانة ، بأن ايران، وعقب الانسحاب الاميركي من افغانستان هذا العام، ستكون بين اسنان «داعش» من جهة و«طالبان» من جهة، كما لو اننا لسنا جميعا الآن بين اسنان «داعش» وسواطير «داعش»!
ثمة شيء ما يتغير في المملكة، نحاول ان نتفاءل بالآتي بالرغم من هذا الرقص اليومي مع المجهول (ومع الجاهلية ايضا)، ونأمل بمنظومة امنية لا بأس ان تكون اقليمية بل من الافضل ان تكون اقليمية بعدما ووريت الجامعة العربية الثرى (هل يصلح نبيل العربي ليكون اكثر من حفار قبور؟)…
وليد جنبلاط، واثر «جلسة فكرية عميقة» مع محمد حسنين هيكل قال بتوسيع الجامعة لتضم تركيا وايران ايضا. العرب اظهروا فشلهم الهائل استراتيجيا، لكن الخشية من ان يقترح اردوغان اذا ما اصبح داخل الجامعة اشراك اسرائيل في المنظومة الامنية إياها. شيء من سوء الظن!
الديار

» دقّت ساعة آل سعود
» «الحرب الأهليّة الجهاديّة»… دقّت «ساعة النفط»
» الانسحاب الكبير وملامح التسوية الكبرى .. بقلم : عفيف دلا
» الكارثة الكبرى تقع في سوريا
» إن التسوية الكبرى في مفهومها تعني أن تلعب إيران دوراُ مركزياً بالتنسيق مع الغرب وأمريكا - ناصر قنديل