خديجة الموسويّ.. صمود يأبى الانهيارمريم علي – خاص الخبر برس
ارتبطت الثورة البحرانيّة التي انطلقت في شباط 2011، بالعديد من الأسماء البارزة على الساحة الحقوقيّة المحليّة والعربيّة والعالميّة، ليس فقط عبر مواقفهم التي نادوا بها إبّان الثورة، بل أيضاً في مواجهتم الجريئة لانتهاكات آل خليفة بحقّهم وبحقّ الشعب.
فالحقوقيّ الكبير نبيل رجب سجن عامين لإبدائه رأيه فيما يجري في البحرين، في محاولة منه لكشف حقيقة مطالب الشعب المشروعة، التي امتازت بالسلميّة المطلقة، والحقوقيّ يوسف المحافظة هدّد بالتصفية حتى اضطرّ لمغادرة البحرين، وغيرهم ممن رفضوا أن تكمّ قبيلة آل خليفة أفواههم فحملوا قضيّة البحرين على عاتقهم وعلوا أصواتهم في المحافل الدوليّة.
لم يوقفهم قمع، ولا تعذيب، ولا إهانات ولا سجن، فلم تقيّدهم قيود ولم تحبسهم قضبان، إذ إنّهم اختاروا طريق الحقّ ولو ضحّوا بحياتهم من أجل إظهاره.
وهنا لا بدّ لنا من وقفة عند عائلة بحرانيّة أقلّ ما يقال عنها أنّها عائلة صامدة شجاعة ومضحيّة.. هي عائلة الخواجة، فعميدها الأستاذ عبد الهادي الخواجة الذي أضرب عن الطعام أكثر من مئة يوم لإبراز قضيّة المعتقلين تعسفيّاً في سجون آل خليفة، وها هو يعيد إضرابه مرة ثانية، مجسّداً كلّ مظاهر العنفوان والحريّة والعزّة، وابنتاه اللتان تسيران على خطاه، زينب الحامل في شهرها السابع والتي سجنت بسبب مواقفها وتعبيرها عن رأيها، ومريم التي ما ترددت في القدوم إلى البحرين مع علمها بأنّها قد تسجن..والسؤال من أين تستمدّ قوّة هؤلاء؟ من يقف وراء شجاعتهم وجرأتهم؟ نعم لا يخفى تأثير الأب ولكن بعد سجنهم جميعاً وتجرّعهم مرارات التعذيب لا بدّ من شخص يمدّ لهم يداً من حديد لتوقفهم من جديد، يكون معهم على طول الدرب، متحمّلاً فراقهم ومتألمّاً لألمهم، ولكنّه صامد لأجل القضيّة.. هذا الشخص هو السيّدة خديجة الموسوي، الزوجة التي شهدت اعتقال زوجها وتعذيبه أمام أعينها، والأم التي حرمت من ابنتيها، إحداهما في السجن، والثانية في المهجر وقبل أن تعود إلى حضنها ترمى في السجن.
هذه المرأة المقاومة التي أخذت على عاتقها فضح آل خليفة من خلال منبر الحقّ، وهي تنقل ما يجري على زوجها وابنتيها، تنشر تغريداتها غير آبهة بمصيرها المحفوف بخطر اعتقالها على يد أزلام السلطة الذين قد يحاولون إسكاتها، ففي آخر تغريداتها تصوّر لنا حالها وهي تقرأ خبر تمديد سجن ابنتها مريم، حين يصلها اتصال من سجن جوّ، متوقّعة الأسوأ بعد ورود أخبار تفيد عن تدهور حالة زوجها بسبب إضرابه عن الطعام، تحاول التماسك جاهدة وهي تسعى لأن تفهم كلام زوجها الضعيف صوتاً، القويّ مضموناً، حين يقول لها «أنا مرتاح وراضٍ والأعمار بيد الله».
لكن التماسك لا يعني عدم البكاء، فلوعة فراق الأحبّة والقلق عليهم، لا بدّ وأن يأخذ مأخذه في أي إنسان، فكيف بامرأة؟
لكنّها تنصاع لكلام زوجها فتبتسم وهي تحكي له ما جرى على مريم في المطار، وكأنّها طرفة صارت معها إيماناً منهما بأنّها قويّة، وأنّهم أصحاب حقّ وأخلاقيّات عالية، في حين النظام على باطل ولا أخلاقيّات له، فالخواجة وابنتاه وأمثالهم من المناضلين ينامون مرتاحين، في حين النظام قلق دائم.
يختم عبد الهادي الخواجة اتصاله قائلاً بأنّ الله يحبّنا كثيراً، ويتألم لنا فالنهاية ستكون سعيدة، نحن أحرار رغم القيد وهم سجناء رغم الحريّة، وهنا تقول الموسوي أنّ زوجها هو مصدر قوّتها حين تضعف، وهي تبقى: يا جبل ما يهزّك ريح.
*مقالات الخبر برس