اقتصاد ((الربيع العربي )) (1) حتى يبقى بشر و حجر في سوريا

عندما يقرأ المراقب الاقتصادي (أو السياسي) تفاصيل السيناريو العسكري الذي وضعه أحد خبراء جامعة الـMIT في الولايات المتحدة والمقترح نظرياً تنفيذه ـ اذا حصل ذلك عمليا ـ للتدخل المحتمل لاسقاط النظام في سوريا، يتساءل: أي كم من البشر وأي كمية من الحجر ستبقى في سوريا التي يعاني شعبها واقتصادها الآن ـ حتى دون هذا التدخل ـ فكيف سيكون الحال بعده؟
مثلما يمكن التساؤل أمام هذا السيناريو العسكري المدمر: هل ان من ضمن أهداف الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، من الحرب الدائرة، تدمير سوريا واعادة بنائها بمئات مليارات الدولارات، مثلما يجري الآن التخطيط لاعادة بناء ليبيا على المدى البعيد البعيد، بآلاف مليارات الدولارات؟
وهل انه من ضمن أهداف امتناع الولايات المتحدة عن مساندة الانتفاضة في سوريا (والمسماة من أصحابها « ثورة» ومن النظام «اعمال ارهابية») لا بتسليح الانتفاضة، ولا باقامة منطقة عازلة، ولا بالسماح لتركيا بالتدخل، ان تطول الحرب الى سنوات وسنوات ولا يبقى في سوريا سوى ما ينطبق على القول المأثور: بدل سبحان الحي الباقي.. سبحان الباقي بالحي!
أم ان الولايات المتحدة وأوروبا المستعجلين على قطف ثمار المأساة، قد تسرعان الأمور بالسيناريو العسكري المقترح الذي قد يدمر في النهاية ما تبقى مما لم يستطع النظام ولا الانتفاضة تدميره، وبعمليات جوية مذهلة في تفاصيلها نسردها فيما يلي فقط على سبيل الشفافية وكما وردت في السيناريو الذي وضعهBRIAN HAGGERTY أحد خبراء الدراسات الاستراتيجية في جامعةMIT الأميركية:
1 ـ قصف 450 هدفا داخل سوريا من ضمنها 20 مركز قيادة ومراكز رادار، و150 مواقع صواريخ SAM و205 مخابئ طائرات، و27 بطارية صواريخ ارض ـ أرض، و12 بطارية مواجهة للسفن الحربية.
(ملاحظة: يعني ذلك عمليا تدمير القوة العسكرية السورية، وبما يؤكد ربما النظرية القائلة ان من ضمن اهداف تداعيات أحداث 11 ايلول في الولايات المتحدة انهاء القوة العسكرية العربية: انهاء جيش العراق، انهاء جيش سوريا، اشغال جيش مصر بالنزاعات الداخلية، نزع سلاح لبنان باختصار أي ما أسميناه يوما في هذا الزاوية: كسر كل السكاكين من حول اسرائيل).
2 ـ علما ان السيناريو العسكري الذي وضعه خبير الـMIT في الولايات المتحدة، يعتبر ان تنفيذه يحتاج الى 200 طائرة هجومية و100 طائرة مساندة، بما يوازي ـ حسب نص السيناريو ـ عدة مرات عدد الطائرات التي استخدمت في ليبيا، اضافة الى 600 ـ 700 صواريخ «كروز» (مقابل 211 «صواريخ كروز» فقط استخدمت في ليبيا، عام 2011 و802 صواريخ «كروز» استخدمت في غزو العراق عام 2003) وعلى ان تواصل الطائرات المقاتلة طلعاتها الجوية باستمرار بحثاً عن مواقع اطلاق الصواريخ السورية.
3 ـ ويقترح السيناريو عمليات الانطلاق اما من الغواصات الاميركية في البحر المتوسط، أو قاعدةINCIRLIK الاطلسية في جنوب تركيا، أو القاعدة البريطانية في قبرص.
لنصل في الختام الى «بيت القصيد» وهو: اليس من واجب الانتفاضة كما واجب النظام في سوريا، وبغض النظر عن أي اعتبارات مهما كان شأنها، مساندة مهمة الأخضر الابراهيمي وصولا الى «طائف» سوري يبقي على ما تبقى من البشر والحدر.
واذا كان الجواب: لا. سيحق عندها الإجابة: رئيس السلطة الفلسطينية اجتمع مع رئيس وزراء اسرائيل ووقع معه معاهدة (بغض النظر عن جداوها) بالرغم من كل ما فعلته اسرائيل بالشعب الفلسطيني. وقادة فرنسا والمانيا وبريطانيا اجتمعوا وتآلفوا في وحدة أوروبية، متجاوزين ليس مجرد فساد وقمع نظام (كما هي الصورة التي نقلتها الانتفاضة عن النظام السوري والذي اعترف بنفسه بجزء كبير منها واعدا باصلاحها) وانما تجاوزت تلك الدول الأوروبية أكثر من 40 مليون قتيل وشهيد في حرب عالمية كبرى ووحدوا كلمتهم وقادتهم.
فهل من مجيب؟
لا سيما في وقت توقعت قبل أيام «القناة 10» التلفزيونية الاسرائيلية اندلاع حرب في المنطقة في السنة العبرية الجديدة التي تبدأ هذا الأسبوع، وان هذه الحرب، كما ادعت القناة الاسرائيلية، ستكون نزهة بالنسبة الى اسرائيل، وان الجيش الاسرائيلي يجري تدريبات واسعة استعدادا لهذه الحرب، وان من يتجول في «الجهة الشمالية» سيرى آلاف الجنود الاسرئيليين يجرون تدريبات عسكرية مكثفة لما تسميه القناة الاسرائيلية «الحرب الثالثة مع لبنان»!
ذو الفقار قبيسي
الديار