العملية البرية الإسرائيلية أهداف تكتيكية شبه مستحيلة

[rtl]العملية البرية الإسرائيلية أهداف تكتيكية شبه مستحيلة[/rtl]

[rtl]وكالة أوقات الشام الإخبارية[/rtl]
[rtl]بدأ الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية برية ضد قطاع غزة، تفتقر إلى فرص واقعية لتحقيق أهدافها، وستزيد من تعقيدات حسابات حكومة نتنياهو في التعامل مع الموقف على الأرض، والسياسي لاحقاً.

بقلم عامر راشد
إعلان الحكومة الإسرائيلية عن شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة قبل عشرة أيام، ورد الأجنحة العسكرية الفلسطينية على العملية بهجمات صاروخية وصلت إلى العمق الإسرائيلي لأول مرة، وضع الجميع في حالة انتظار موعد بدء المرحلة البرية من التصعيد العسكري الإسرائيلي، ولم يغيِّر من ذلك شيئاً التجاذب حول مبادرات للتهدئة ووقف إطلاق النار، إذ سبق لحركة "حماس"، وكل الفصائل والقوى الفلسطينية في قطاع غزة، تأكيد موقف قاطع برفض أي صيغة للتهدئة تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل العملية العسكرية الإسرائيلية، بما فيه تجاوز صيغة عام 2012.
التقديرات أجمعت على أن الحكومة الإسرائيلية ليست بصدد اجتياح بري واسع لقطاع غزة، لأنها لا تستطيع أن تتحمل التكاليف السياسية والبشرية لمثل هكذا قرار، سواء لجهة الخسائر التي ستقع في الجانب الإسرائيلي، أو في صفوف المدنيين الفلسطينيين، فضلاً عن التورط في إعادة احتلال قطاع غزة، مع الأخذ بعين الاعتبار تعقيدات العملية عسكرياً، وتحمل النتائج السياسية والقانونية والاقتصادية.
وبالفعل جاء في بيان صادر عن الحكومة الإسرائيلية إن هدف المرحلة البرية الواسعة، في شمال قطاع غزة وجنوبه، يقتصر على "تدمير الأنفاق الهجومية من القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية.. وسحق البنى التحتية لحماس وباقي المنظمات المسلحة في القطاع..". غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا في حال لم تحقق العملية البرية الإسرائيلية أهدافها؟
يبدو السؤال السابق من وجهة نظر محللين عسكريين وسياسيين إسرائيليين أقرب إلى التشكيك بجدوى العملية البرية، وبفرص تحقيقها للأهداف التي وضعتها لها حكومة نتنياهو ورئاسة أركان الجيش الإسرائيلي. فالحكومة الإسرائيلية أقدمت على هذه الخطوة في محاولة لإظهار مقدرتها على اتخاذ خطوات بمزيد من التصعيد العسكري، والإبقاء على إمساكها بزمام المبادرة في الميدان، بسلسة من العمليات الموضعية داخل قطاع غزة لضرب مقدرات الأجنحة العسكرية الفلسطينية هناك.
تسريبات كواليس الحكومة الإسرائيلية تقلص من دائرة أهداف المرحلة البرية، من التصعيد العسكري ضد قطاع غزة، إلى محاولة إجبار القوى والفصائل الفلسطينية في القطاع على القبول بالعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2012 بوساطة مصرية، والقريب جداً من الصيغة التي أعلنتها مؤخراً القاهرة للتهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
ويتناغم الموقف الإسرائيلي مع الموقف الأميركي، وهو ما كشف عنه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في مكالمة هاتفية مساء يوم الخميس الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شدد فيها على ضرورة العودة في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق 2012. كما دعا كيري إسرائيل إلى أن "تحدد بدقة أهداف العملية العسكرية البرية، وتفادي المس بالمدنيين العزل قدر الإمكان"، وفقاً لما نشرته صحيفة (معاريف) الإسرائيلية- 18/7/2014.
الواضح أن كيري انتقى كلماته بعناية، في مكالمته مع نتنياهو، لإظهار حرص إدارة أوباما على عدم إعطاء الحكومة الإسرائيلية تأييداً غير مشروط لعملية برية ضد قطاع غزة، والتشديد على أن العملية يجب أن لا تكون في سقف زمني مفتوح، وأن لا تكون واسعة النطاق أكثر مما ينبغي، من وجهة النظر الأميركية، وأن تقتصر على أهداف من الممكن تحقيقها في المهلة الزمنية الممنوحة، ودون أن تقود إلى تعقيدات توسع نطاق المواجهات البرية، وتقلص فرص التوصل إلى تهدئة خلال أيام قليلة.
مسؤول إسرائيلي كبير كشف عن أن قرار الذهاب إلى عملية عسكرية برية في قطاع غزة اتخذ قبل البت بمصير مبادرة التهدئة التي أعلنت عنها القاهرة، وأضاف المسؤول الإسرائيلي، حسب ما أورده المحلل السياسي الإسرائيلي باراك رافيد في مقالة نشرها في صحيفة (هآرتس)- 18/7/2014، فوض مجلس الوزراء الإسرائيلي في جلسة سرية يوم الثلاثاء الماضي رئيس المجلس، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، موشية يعلون، صلاحية تحديد موعد انطلاق العملية البرية وحجمها.
وأشار رافيد في مقالته إلى أن الحكومة الإسرائيلية قامت بخطوات إعلامية للتمويه على الخطوة، في تسريبات لشبكة "بي بي سي" الإخبارية البريطانية ووكالة ورويترز" للأنباء، للإيحاء بأن إسرائيل ليست في وارد توسيع عمليات التصعيد العسكري في الساعات المقبلة، وبأنها تريد إعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية التي بذلتها مصر من أجل التوصل إلى تهدئة ووقف لإطلاق النار. وأعلن عن القرار بعد عودة وفد أمني إسرائيلي من زيارة للقاهرة للتباحث بشأن مضمون وشروط التهدئة، بينما كان قد حسم موضوع البدء بالمرحلة البرية من التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وجرى إبلاغ واشنطن بموعد الهجوم البري.
تطور من شأنه أن ينقل المواجهة المسلحة إلى طور شديدة التعقيد والحساسية، حاولت الحكومة الإسرائيلية أن تضبط إيقاع التصعيد فيها، بالتشديد على أن المرحلة البرية ستكون محدودة، لتحقيق أهداف تكتيكية، والضغط على حركة "حماس" والقوى والفصائل الفلسطينية في غزة للقبول بالصيغة المصرية للتهدئة ووقف إطلاق النار.
محللون سياسيون وعسكريون إسرائيليون ركزوا في تعليقاتهم وتحليلاتهم، من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية، على أن حكومة نتنياهو لا تهدف من وراء المرحلة البرية تقويض سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة، رغم عدم استبعاد أن تلجأ إسرائيل إلى تقطيع أوصال القطاع إلى مجموعة أجزاء لتضييق الخناق على الأجنحة العسكرية الفلسطينية، والحيلولة دون سعي الجانب الفلسطيني لتحسين شروط الهدنة ووقف إطلاق النار.
فرضية يدحضها المحللون الإسرائيليون أنفسهم، بالتشكيك في قدرة الجيش الإسرائيلي على حسم المعركة بسرعة، أو التقليل من فاتورة الخسائر البشرية التي ستقع في صفوفه. والتحذير من أن إيقاع خسائر كبيرة بين صفوف المدنيين الفلسطينيين ستكون له تبعات سلبية كبيرة على إسرائيلي، من الناحيتين السياسية والقانونية، وتوليد استنكار على المستوى الدولي. وفي الذاكرة تقرير لجنة غولدستون عام 2009، الذي اتهم قادة الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
ولو وضعناً جانباً المخاوف العسكرية والسياسية والقانونية، التي يعبر عنها محللون إسرائيليون، لا يترد بعض المحللين في التشكيك بقدرة حكومة نتنياهو على تحقيق الأهداف التكتيكية التي وضعتها للعملية البرية. المحلل السياسي يوآف ليمور كثَّف الملاحظة الأخيرة في مقالة له في صحيفة (إسرائيل اليوم)- 18/7/2014، بالقول: "تحظى الحكومة والجيش بالتأييد الداخلي، لكنهما يعلمان أن التأييد مرتبط بثلاثة شروط من الصعب تلبيتها في ظل الغموض الحالي للمعركة، وهي أن تكون العملية قصيرة، وتحقق انجازات، ولا تؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة..".
شروط تدخل الحكومة الإسرائيلية في مستنقع حسابات عسكرية وسياسية، ستكون واهمة إذا افترضت أنها ستتخطاها وستخرج منها بانجاز كبير على حساب الفلسطينيين، وحتى لو كانت أهدافها مجرد تكتيكية، لأن تحقيق هذه الأهداف شبه مستحيل، وهو ما سيفرض على إسرائيل في نهاية المطاف إعادة النظر في موقفها من أسس التهدئة ومضمونها.[/rtl]

» الهدف الأكبر من العملية الإسرائيلية في جمرايا
» «داعش» خططت لاغتيال بري «قنصاً» وأخطاء تكتيكية حالت دون التنفيذ..!
» مقايضات مستحيلة - ناصر قنديل
» مصادر سورية: معركة المعارضة على دمشق باتت مستحيلة
» حرب السعودية البرية على سورية لا في اليمن..