حرب السعودية البرية على سورية لا في اليمن..بين النفي والتأجيل واعتبار التدخل البري آخر الخيارات السعودية في عاصفة حزمها على الأراضي اليمنية، تدرك الرياض صعوبة بل واستحالة تحقيق أهدافها في كسر شوكة الحوثيين، في ظلّ سيطرة اللجان الثورية والجيش المتحالف معها على الأرض، وفي قرارة نفسهم يقرّ منظرو «غزوة سلمان» بأنّ حدود مقدرتهم تتوقف على الأجواء اليمنية، وربما بحدّ أدنى الواجهات البحرية وما تحمله من مغامرات لا يمكن تقدير نتائجها، أما التوغل البري فيحمل في طياته إمكانية تحوّل الأرض اليمنية إلى مقابر جماعية للقوات الغازية، ولعلّ تجربة العدوان السعودي في تسعينيات القرن الماضي على اليمن ليست مشجعة.
تضارب التصريحات السعودية يكشف غياب النية السعودية بالتدخل البري في اليمن، فالمتحدّث باسم التحالف السعودي أحمد العسيري يستبعد أيّ تدخل برّي في الوقت الراهن في خطط المملكة، رغم الطلب المتكرّر من عبد ربه منصور هادي ووزير خارجيته، فيما سفيرها في واشنطن عادل الجبير يؤكد أنّ الحرب السعودية في اليمن ستكون برية في نهاية المطاف.
إذاً الحرب السعودية البرية ليست في اليمن رغم الضجيج والوعيد، بل في ساحة أكثر حرارة وأكثر التصاقاً بحليفتها وبأداتها المطيعة، فمن البوابة الأردنية التابع المطيع لأوامر المملكة، تخوض السعودية بالتنسيق مع حليفتها التاريخية «إسرائيل» حربها البرية باستخدام خلاصة مقاتلي «القاعدة» بمسمّيات مختلفة والمزوّدين بالأسلحة المتطوّرة من دبابات وصواريخ مضادّة للدبابات ومصدرها الرياض، بالإضافة إلى دعم تواجد «جبهة النصرة» في درعا وما تكشفه معارك بصرى الشام من رمي الطائرات الأردنية للأسلحة والذخيرة للجماعة أحد الشواهد على الدخول السعودي المباشر في الحرب على سورية بقواتها «القاعدية» تحت مسمّى «النصرة» بعد تآكل التشكيلات المنضوية تحت مسمّى «الجيش الحرّ».
ربما يفسّر الدخول السعودي البري المباشر في الأزمة السورية الخطوة الأردنية بإغلاق معبر نصيب الحدودي بحجة اشتداد المعارك قرب المعبر، فهل يمكن لعاقل متابع للتصريحات الأردنية أن يقتنع بأنّ نيران الأزمة السورية لم تصل إلى المعبر قبل الخطوة الأردنية؟
يبدو أنّ وراء الأكمة ما وراءها، فبعد الفشل الذريع للمجموعات المسلحة المتواجدة في الجنوب في التقدّم، وبعد عمليات مثلث الموت التي أنهى فيها الجيش السوري حلم إنشاء منطقة عازلة على تخوم الجولان المحتلّ، جاءت الخطوة الأرد ـ سعودية بإغلاق المعبر تمهيداً لنقل مقاتلي «القاعدة» من المعسكرات الأردنية إلى الداخل السوري معسكرات كشفت عنها كبريات الصحف العالمية ولعلّ ما نقلته »واشنطن بوست« عن مصادر خليجية رفيعة عن توسيع السعودية منشآت التدريب في الأردن بعد تراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما في تهديداته ضرب سورية.
الخطوة الأرد ـ سعودية قابلها ردّ سوري سريع بإغلاق المعبر من الجانب السوري بشكل تامّ حتى إشعار آخر واعتبار أيّ عبور عبره غير شرعي ما يمنح الجيش السوري مشروعية ضرب أيّ قوافل تمرّ عبر المعبر.
ليس بغريب أن تزجّ السعودية بمقاتلي تنظيم «القاعدة» في الساحة السورية، فمملكة آل سعود تمتلك المخزون الأكبر من هؤلاء المقاتلين الجاهزين للقتال تدريباً وفكراً في ظلّ عجز جيشها والجيش الأردني وأيّ قوة أخرى على التحرك بفاعلية على الأرض السورية، وهو ما يفسّر إصرار الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي على التكرار والتأكيد بأنّ القوة العربية العسكرية المشتركة المزمع تشكيلها، والتي اتفق عليها العربان في قمتهم بشرم الشيخ، لن تستخدم في سورية، وهي تصريحات ليست من باب الوازع الأخلاقي المعدوم منذ عقود بل لإدراكها مقدار العجز عن المواجهة على الأرض السورية.
منذ بدء الأزمة السورية والسعودية تحارب على الأرض السورية عبر النسخة السورية من تنظيم «القاعدة»، وما إن ثبت فشلها وعجزها حتى أدخلت النسخة السعودية الأصلية والتي يبدو أنّ مصيرها سيكون كمصير سابقاتها… فأرض الشآم تأبى هضم المشتقات القاعدية السعودية وما لفّ لفيفها.
سعد الله الخليل – «توب نيوز»