الربيع - الزمهرير العربي !!! الجزء الثاني

الربيع - الزمهرير العربي!!... (2)

بقلم: مضر جلال خيربك

السعودية تستخدم بأعمالها وسياستها وجهين اثنين، الأول تسامحي إنساني وكأنها منقذة البشرية من الردى، والثاني هو الحقيقي: وهابي تكفيري سلفي إجرامي يحرق كل شيء، فالرياض التي منحت اللجوء السياسي للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، هي التي نثرت مليارات الدولارات لضمان وصول الإسلاميين للسلطة هناك، ولاحقاً ببلدان عربية أخرى...

وينطبق الأمر نفسه على مصر، حيث خرج سعود الفيصل، ليكشف لوسائل الإعلام عرض بلاده على مصر 38 مليار دولار للكف عن إذلال مبارك.وحسب النجاح الجزئي للصفقة المغرية هذه، فقد وُضع مبارك في مستشفى بدل اعتقاله في سجن، ويحاكم بعيداً عن كاميرات التصوير، لكن الموقف السعودي من سوريا مغاير تماماً، وكأنه تصفية حسابات لتاريخ طويل من العلاقة التي نازعت فيها دمشق السعودية: زعامة العالم العربي...

ومن هنا يمكن فهم سر الاستماتة السعودية المفاجئة للإطاحة بالنظام السوري، وإعلان ذلك على لسان وزير خارجيتها المرتجف، بدل الاعتماد على الآخرين أو على ماكينة الإعلام الكبيرة التي تمتلكها كقناة: العربية، وبعض الصحف النافذة في الوطن العربي...

سارعت السعودية لدخول البحرين الملاصقة لها، ثم طرحت مشروع إتحاد بينها وبين المملكة الصغيرة، على خلفية مخاوف من سيطرة (شيعة البحرين) على الحكم، إلا أن دمشق ترى في أحداث البحرين: ثورة شعبية ضد التمييز في المواطنة، واستئثار القلة بموارد البلاد، وترى أن ما يحصل من قمع لأبناء المملكة السعودية وتحديداً في القطيف، هو أمر منافٍ للديمقراطية التي تدعيها الرياض، ويعارض بنود ربيعها المزعوم الذي طرحته في المنطقة بمعونة قطر وإسرائيل وواشنطن...

وبدل أن تلعب السعودية دور الوسيط في الأزمة السورية، كما حدث في اليمن، دخلت طرفاً في الصراع، وخلقت ما يسمى بمبادرة الجامعة العربية حول سوريا، التي صُممت في الرياض على شاكلة المبادرة الخليجية في اليمن، لكنها أشارت لعقم استنساخ الحلول، خصوصاً وأن ماكينة المال والإعلام التي نجحت في قلب نظام الحكم في مصر وليبيا، إضافة إلى السلاح، تفقد دورها إن طال أمدها، وهو ما تعيه دمشق جيداً التي استطاعت اللعب على الوقت مستفيدة من التجارب العربية الأخرى، ولا سيما الليبية منها والتي أدى التدخل العسكري فيها إلى مقتل أكثر من 50 ألف ليبي معظمهم من المدنيين.

الحقد الخليجي الأعمى على النظام السوري مرده إلى خطاب الرئيس بشار الأسد الذي وصفهم فيه: بأنصاف وأشباه الرجال، على خلفية تخاذلهم خلال عدوان إسرائيل على لبنان في تموز 2006.

ورغم أن النموذج اليمني لا يبشر بأي ربيع مزعوم، بعد تنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن سدة الحكم، إلا أن الدبلوماسية السعودية التي خرجت إلى العلن، تاركة نظيرتها القطرية خلفها، تصر على حل مشابه له في سوريا، وإذا فشل الأمر فالحل برأيها يكون على الطريقة الليبية، مغفلة عمداً نتائجه الحتمية: غياب الاستقرار وحرب أهلية فإقليمية ومن ثم دولية لن تبقي ولن تذر...

تطبيق السيناريو الليبي في سوريا سيغير خريطة المنطقة، وستكون له تداعياته المدوية على سائر دول منطقة الشرق الأوسط، في ضوء حلف قوي معلن بين سوريا والعراق وإيران، وقطاع واسع من الشعب اللبناني، سيما وأن العالم قد استفاد من عِبَر ودروس ليبيا، إذ توضحت الصورة على أنها حرب انتقام ومن أجل النفط، ولهذا يُقلَل من استنساخه في سوريا الغنية بزراعتها ومواردها الطبيعية، وموقعها الجغرافي المميز والمهم، وبدورها المحوري الذي يهدد بسحق زعامة الرياض للعالم العربي!!...

وفيما يصعب على الجميع معرفة ما يخفيه المستقبل لدمشق، لكن المؤكد أن الشعب السوري بغالبيته ملتف حول قائدة الرئيس بشار الأسد ولا يرضى عنه بديلاً، والمؤكد أيضاً أن قيادة السعودية للعالم العربي هو أمر صعب المنال، بل ومستحيل، بالرغم من علاقتها القوية بواشنطن والغرب، فالمال لا يكفي دائماً لبسط النفوذ، وبالأخص في حالة تململ العالم وانقسامه حيال اعتماد الخيار العسكري ضد سوريا، وهو بكافة المقاييس ليس الخيار الأنسب للمنادين بالديمقراطية وحق الشعوب في الحياة الحرة والكريمة، عكس ما أنتجه الربيع – الزمهرير العربي...

» الربيع _ الزمهرير العربي ..!!!! بقلم : مضر جلال خيربك
» دعوة اسرائيل للتدخل العسكري في سوريا ...الجزء الثاني
» الجزء الثاني من مقابلة السيد حسن نصرلله مع الاخبار: من مارادونا.. الى البغدادي
» لقاء خاص مع النائب المستقل عمر آوسي ...الجزء الثاني
» الجزء الثاني: أسرار المرحلة المقبلة في سوريا