«داعش» يعيد التاريخ 90 عاماً إلى الوراءعبد الله سليمان علي – صحيفة السفير
رجع التاريخ إلى الوراء 90 عاماً… فإذا كان العام 1924 شهد إلغاء الخلافة الإسلامية بقرار من الزعيم التركي الراحل كمال أتاتورك، فإنه في الأول من رمضان من العام 2014، أي يوم أمس، قرر “مجلس الشورى في الدولة الإسلامية في العراق والشام” ـ “داعش” بعث الخلافة من جديد، وإعلان قيامها مرة أخرى، وتنصيب أبي بكر البغدادي أول “خليفة للمسلمين” في عصرها الجديد.
ولأن “دولة الخلافة” المزمعة لا تعرف حدوداً لتوسعها وتمددها، فقد تقرر أيضاً إلغاء مسمّى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” على أن يطلق عليها اسم “الدولة الإسلامية”، وذلك في إشارة واضحة إلى أنها لم تعد محصورة في بلد أو بلدين فقط.
وكانت “السفير” انفردت، في عددها الصادر بتاريخ الثالث من حزيران الحالي، بنشر الموعد المزمع فيه إعلان “دولة الخلافة الإسلامية”، حيث نقلت حينها عن مصادر مقربة من “داعش” أن “إعلان الخلافة قيد النقاش بشكل جدي في أروقة التنظيم، لكنه ينتظر نضوج الظروف المناسبة، خصوصاً التطورات الميدانية”، وأكدت أنه “لا خلافة في سوريا وحدها أو في العراق وحده”، بل يجب أن تكون أرض “الخلافة” المقبلة ممتدة من الأنبار في العراق مروراً بدير الزور وصولاً إلى الرقة، لذلك في حال نجح “داعش” في السيطرة على دير الزور وطرد “الصحوات” منها قد يسمح ذلك بإعلان “الخلافة في شهر رمضان”، وهو ما حدث بالفعل حيث لم تعلن “الخلافة الإسلامية” إلا بعد أن ربط “داعش” بين أراضيه في سوريا والعراق، وغدت المساحات مفتوحة أمامه من الرقة إلى الموصل.
وفيما بدا أنه حصاد مبكر لثمرات “غزوة الموصل” والتقدم الميداني الذي أحرزه “داعش” مؤخراً، والذي مكنه من جمع المساحات التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق في نطاق واحد، لاسيما بعد سيطرته على مدينة البوكمال في ريف دير الزور المحاذية لمدينة القائم على الطرف العراقي، ومن ثم اقترابه من حدود عدة دول، منها السعودية والأردن وتركيا، أعلن المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني، في تسجيل صوتي حمل عنوان “هذا وعد الله”، أن “الدولة الإسلامية” باتت تمتلك كل مقومات “الخلافة، والتي يأثم المسلمون بعدم قيامهم بها، وأنه لا يوجد مانع أو عذر شرعي لدى الدولة يرفع عنها الإثم في حال تأخرها أو عدم قيامها بالخلافة، وبناءً عليه قررت الدولة الإسلامية، ممثلة بأهل الحل والعقد فيها من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى إعلان قيام الخلافة الإسلامية، وتنصيب خليفة للمسلمين ومبايعة الشيخ أبي بكر البغدادي، إبراهيم بن عواد البدري القرشي الهاشمي الحسني”.
وأكد العدناني أن “البغدادي قبل البيعة ليصبح بذلك خليفة للمسلمين في كل مكان” وعليه يلغى “العراق والشام” من اسم الدولة في التداولات والمعاملات الرسمية، ويقتصر على اسم “الدولة الإسلامية” ابتداء من صدور هذا البيان.
وبحسب العدناني يأتي إعلان “الخلافة” بعد أن قامت “الدولة الإسلامية” بفرض جميع الواجبات “الشرعية”، مثل تأسيس “المحاكم الشرعية” وإقامة الحدود وفرض الجزية وغيرها، بحيث لم يبق إلا “واجب واحد… أمل يرفرف له قلب كل مجاهد موحد، ألا وهو الخلافة واجب العصر المضيع”.
وإعلان “الخلافة” يعني أنه أصبح من واجب كل مسلم أن يبادر إلى مبايعة “خليفة المسلمين” الجديد، وإلا مات ميتة جاهلية، كما أنه بإعلان “الخلافة” تبطل شرعية جميع “الإمارات” الأخرى.
ورغم أن العدناني لم يخصص بالذكر أي “إمارة” إلا أنه من الواضح أن البطلان يشمل “إمارة أفغانستان الإسلامية” التي يقودها الملا عمر ويبايعها تنظيم “القاعدة العالمي”. وهذا من شأنه أن يضع تيارات “السلفية الجهادية” وتنظيماتها وفصائلها المنتشرة في العالم، أمام الأمر الواقع الذي لا مفر منه، فإما الرضوخ له وإما مواجهته بأدوات ووسائل أقسى وأشرس مما استخدمه بعضها في الحرب ضد “داعش” طوال الأشهر السبعة الماضية.
وقد استشعر العدناني هذا الاحتمال عندما وجه رسالة إلى “الفصائل والجماعات على وجه الأرض كافة” مطالباً إياها بتأييد إقامة “دولة الخلافة” وعدم الوقوف في وجهها، على اعتبار أنه بعد إعلان “الخلافة” بطلت شرعية جميع الفصائل والتنظيمات.
ويؤكد ذلك أن العدناني نبّه “جنود الدولة” أنهم مقبلون على ملاحم تشيب لها الولدان، وفتنٍ وابتلاءات مختلفة الألوان ومحنٍ وزلازل لا ينجو منها إلا من رحم الله، على حد قوله، داعياً إياهم إلى عدم شق الصف “ومن أراد شق الصف فافلقوا رأسه بالرصاص، واخرجوا ما فيه كائناً من يكون”.