كتب خليل الروسان – موسكو
لماذا تتلقى الإستخبارات السورية الضربات السعودية الإسرائيلية بصمت؟
لماذا تسكت عن اغتيال خلية الأزمة ولم تعلن أن من يقف ورائها هم إسرائيل وأميركا بمساهمة كبيرة جداً من السعودية؟
أين إختفت السمعة العنيفة للمخابرات السورية التي كان يعتقد الجميع بأنها تملك اوراقاً لم تتحرك منها أي ورقة في الخارج حتى اللحظة؟
هل هو ضعف أم تروي أم حكمة؟ أو تفرغ كامل للداخل وتأجيل مدروس لمرحلة العقاب الموجه للخارج؟
وما هي صحة التحليل السياسي القائل أن السوريون واثقون من قوتهم في الداخل لذا ليسوا بحاجة لتوجيه ضربات في الخارج، فهم يضربون أفاعي الإستخبارات الدولية الموجهة ضدهم في الداخل بعصا يمكن توجيهها ساعة يشاء القائد إلى رؤوس نضجت وسيحين موعد قطافها الإستخباراتي في وقت قريب.
لماذا لم تعلن الاستخبارات السورية ولا القيادة السياسية السورية حتى الآن عن تحدي الرد على استهداف أمن سورية وأمن مواطنيها وأمن رجالات الحكم فيها من قبل اسرائيل واميركا والسعودية؟ ليس كل على حدة بل بالإشتراك والتضامن والتنسيق بين أجهزة البلدان الثلاث؟
أسئلة مشروعة فهل أجوبتها معروفة؟
سورية في حرب وهمُّها الأول الإنتصار في معركة غزو الوهابيين التكفيريين لمدنها ثم لكل حادث حديث (...) هذا أمر معروف ولكن...
الزمن غير الزمن، ومسألة المحافظة على سمعة الإستخبارات السورية الحسنة في المجال الدولي ليست بأهمية إيقاف حرب خارجية أمنية على سورية وهذا أمر لا يتوقف بالتمنيات بل بالضربات المضادة.
يقول خبراء دوليون ومنهم روس إن الإستخبارات السورية بعد العام 2001 اكتسبت سمعة شديدة الإحترام وسط المجتمعات الأمنية الأوروبية والجميع ينظر إليها على أنها احترافية وفعالة دولياً وليس فقط في المجال الداخلي، فأين فعاليتها يا ترى؟
وهل لا يزال ضباط الإتحاد الأوروبي والتعاون الخليجي يترددون على مقرات أمنية معينة في سورية لتبادل المعلومات حول الإرهاب؟ في وقت يرسل الأوروبيون الإرهابيين إلى سورية ؟ بالتأكيد توقف هذا الأمر ولكن ...
موضوع ترك الردود السورية الإنتقامية إلى " الزمان والمكان المناسبين " بطل موديله وحان زمن تبديل عادته، وجاري تحديد مكانه لتوجيه ضربات، رداً على كل ضربة تلقتها سورية ( بحسب تقرير بمعلومات خاصة إطلع عليها المعنيون في موسكو وصلتنا منه نسخة ).
الهجوم كبير جداً، والقول بعالمية الحرب على سورية ليس مبالغة، واشتراك مئة وثلاثين دولة في الجهد المساند للغزو الأطلسي (بمشاة من المرتزقة للأراضي السورية) هو أمر معلن أكثر من مرة ببيانات رسمية ليس أقلها وضوحاً التصاريح اليومية لرؤساء وزراء ووزراء خارجية ورؤساء كل من أميركا + فرنسا + بريطانيا + المانيا + ايطاليا+ تركيا + السعودية + قطر + واسرائيل .
النجاحات التي يمكن أن يحققها الغزو الاطلسي على الصعيدين العسكري والأمني ليست هي المستغربة في حالة اللاتوازن العسكري والإستخباراتي والمعلوماتي بين كل تلك الدول العظمى دولياً وإقليمياً، المستغرب أن سورية لا تزال صامدة رغم الحرب العاصفة التي تُشن عليها منذ آذار 2011 وحتى اللحظة.
ليس الغريب أن خلية أزمة جرى اختراق مقرها بخائن، الغريب أن خلية الأزمة التي تلتها لم تتعرض لأي سوء بعد، والغريب أن الأجهزة السورية لا تزال حتى اللحظة تخترق الإرهابيين وقادتهم العسكرييين والسياسيين داخل سورية وخارجها في المجلس الوطني وفي القيادات العسكرية وفي كثير من الغرف السوداء التي تدير الحرب على سورية.
هل نذكر سحب المقدم حسين هرموش من تركيا؟
هل نذكر تفتيت المجلس الوطني ؟
هل نذكر مجزرة حي الميدان التي أوقع فيها الجيش السوري مشاة الأطلسي فلم يخرج منهم حي يذكر ما جرى؟
هل نذكر شحنات الأسلحة الهائلة النوعية التي دخلت من تركيا ومن لبنان فاستلمها عملاء المخابرات السورية لا رجال الأطلسي المعروفين بـ : " الجيش الحر " ؟
هل نذكر استحالة اجتماع عشرة من المعارضين الكبار في الخارج دون وجود عشر قضايا خلافية بين كل منهم مع الآخر؟
هل نذكر قول " مديرة محطة المخابرات الاميركية في دمشق المسماة " ايمي " لمحدثيها في الصحافة الأميركية : " المشكلة في المعارضة السورية أننا نعرف أنهم جميعاً على علاقة بالمخابرات السورية والسوريون يعرفون أنهم يعملون أيضا معنا لذا مسألة لمن هو الولاء النهائي تتعلق بكل فرد من أولئك المعارضين في لحظة المزايدة على موقفه والمقابل الذي سيتلقاه ".
هل نذكر أقوال الجاسوس الاسرائيلي أيمن عبد النور في مقابلته مع موقع عربي برس (انظر الرابط) ومع فرانس 24 : " أربعون بالمئة على الأقل من أعضاء المجلس الوطني مرتبطون بالمخابرات السورية ".
ليس الغريب أن تنجح أميركا في استهداف سورية ومعها ثلاثة أرباع دول العالم الفاعلة ومنها معظم دول العرب، الغريب أن الجيش السوري متماسك وقوي وحاضر ومسيطر بالنار على كل الحدود السورية وعلى كل الأراضي السورية، ويسيطر بالتفصيل المتري على تسعون بالمئة من المدن والقرى السورية، ولا يخرج عن سيطرته إلا مناطق يتحصن فيها الإرهابيون من مشاة الأطلسي المرتزقة بين الناس وفي أوساط المدنيين، ومع ذلك ليس هناك منطقة في سورية لا يستطيع الجيش السوري دخولها أو يستطيع الإرهابيون الخروج منها والعودة إليها براحة ويسر.
سورية الكبيرة مساحة (مئة و خمسة ثمانون الف كيلومتر مربع) والكثيفة السكان (24 مليون) والتي تتنوع فيها المناطق الريفية بين الغابات والبساتين الكثيفة وبين جبال ووديان وصحارى ومناطق عشوائية وقرى عشائرية ومحافظات رغم كل دعايات الغرب والشرق عن القمع والديكتاتورية إلا أنها لم تشهد يوماً منعاً لشعائر دينية ولو كانت وهابية تكفيرية، لا في مساجدها ولا على إذاعاتها (معظم شيوخ التكفير من مباركي سفك الدماء من أمثال راتب النابلسي ومن أمثال كريم راجحة وسارية الرفاعي، كانوا حتى ما قبل إندلاع الأزمة من النشطاء العلنيين على الساحات الشعبية والإعلامية السورية ولم يتعرض لهم أحد لا بقول ولا بفعل).
القمع السوري " صيت بلا غلة " والديكتاتورية " اسم على غير مسمى".
كان الأمنيون السوريون يفرحون بصيتهم السيء لأن فيه هيبة أمنية، عند العامة.
ولكن " خاصة " المخابراتيين الغربيين والصهاينة كانوا يعرفون الحقيقة، وكانوا يعرفون بأن القرار السوري في التعاطي مع الداخل هو " التساهل في الغالب الأعم مع المعارضين ممن ليس لديهم فعالية أمنية، وزكزكة المتطاولين في السياسة بالسجن والمضايقات أحياناً، ولكن أحداً لم يكن يتعرض في سورية لمشايخ ملئوا نفوس الناس تكفيراً ومذهبية تحت شعارات الحرية الدينية والدعوة والإرشاد.
مع هؤلاء المشايخ بدأ مشروع الأطلسي لغزو سورية، بالوهابية اخترقوهم، وبالمال الخليجي أقنعوهم، لذا برز شيخ في درعا واختفى ذكر الناشطين المدنيين من على ساحة الفعل الشعبي، وبرز شيوخ في حمص واختفى الناشطون وبرز مقاتلون تكفيريون بقيادة مشايخ تكفيريون في ريف دمشق وفي ريف حمص وفي إدلب وريفها واختفى الناشطون المدنيون والعلمانيون وتراجعوا إلى شاشات التجميل والتحسين والتسويق من فضائيات تخصصت في تنفيذ أضخم حرب إعلامية يشهدها تاريخ العالم من قبل أغلب دول العالم وموجهة الى دولة اسمها سورية ....فهل نستغرب نجاحهم الجزئي في وضع سورية ومستقبلها على محك تاريخي اسمه " أزمة "؟