هل تعلن «دولة الخلافة الإسلامية» في رمضان؟عبد الله سليمان علي – صحيفة السفير
فشل «مجلس شورى مجاهدي الشرقية» في تحقيق مهمته الأساسية المتمثلة بتكريس نفسه كمنقذٍ لدير الزور من خطر «الخوارج»، وأدّى الهجوم الذي شنّه منذ يومين إلى نتائج عكسية، حيث توسعت رقعة سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) مع محافظته على خطوط إمداده مع كل من معقليه الرئيسيين في الرقة وريف الحسكة.
وجاء هذا التقدم لينعش من آمال أنصار «داعش» عن قرب الإعلان عن «دولة الخلافة الإسلامية» بعد تحقيق الربط بين أراضيها في سوريا والعراق.
ووجدت دير الزور نفسها خلال اليومين الماضيين على موعد مع اختبار دموي للقوة، حاول خلاله «مجلس شورى مجاهدي الشرقية» إثبات الجدوى من تشكيله، عبر شن هجوم واسع على مناطق سيطرة «داعش»، ما أدّى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، إضافة إلى حركة نزوح كثيفة من مناطق الاشتباكات إلى المناطق الأكثر أمناً. حيث قام «مجلس شورى مجاهدي الشرقية»، المعروف اختصاراً باسم «مشمش»، بالهجوم من عدة محاور على مناطق سيطرة «داعش»، وشمل الهجوم عشرات البلدات والقرى في أرياف دير الزور، لكنه تركّز بشكل خاص على مدخل دير الزور الشمالي، وعلى الريف الغربي الذي يسيطر عليه «داعش» بشكل كامل، والذي تكمن أهميته في اتصاله الجغرافي مع ريف الرقة، وبالتالي تعني السيطرة عليه قطع خطوط إمداد «داعش» بين معقله الرئيسي وبين أماكن توزع مقاتليه على مسافة تقارب الـ 160 كيلومترا.
وتمكن مقاتلو «مجلس الشورى» من انتزاع السيطرة على بعض البلدات والقرى، أهمها الحسينية وبعض قرى الريف الغربي، مقتربين من إحداث اختراق نوعي وفك الحصار عن دير الزور من خلال وصولهم إلى دوار الحلبية ومعبر الجنينة، حيث تدور هناك اشتباكات عنيفة ستحدد نتيجتها مصير الحصار الذي يفرضه «داعش» منذ حوالي ثلاثة أسابيع على أحياء المدينة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المسلحة.
وقد تضاربت الأنباء حول السيطرة على دوار الحلبية، إذ بينما أكدت مصادر «مجلس الشورى» سيطرة مقاتليه عليه، كانت وقائع الميدان تشي بأن الدوّار ما زال مرصوداً بقناصات مقاتلي «داعش» (أحد القناصين كان يتمركز في مسجد بلدة حطلة) وهو ما دفع بعض النشطاء إلى إطلاق تحذيرات للأهالي لعدم استخدام هذا الدوار في تنقلاتهم، الأمر الذي ينفي سيطرة أي من الطرفين عليه.
وبحسب مصدر ميداني، مقرب من «مجلس الشورى»، فقد تمكن مقاتلو الأخير من محاصرة قريتي الدحلة وجديد بكارة، وسط تأكيدات بأن الرجل الثاني في «داعش» أبو على الأنباري متواجد في إحدى هاتين القريتين.
إلا أن هذا التقدم الجزئي لـ «مقاتلي مجلس الشورى» في بعض القرى لا يمنحهم أي ميزة إستراتيجية تمكنهم من التحكم بجغرافيا المنطقة، أو تقرير مصير «الخوارج»، لا سيما وأن «داعش» أحرز في المقابل تقدماً كبيراً من خلال سيطرته شبه الكاملة على مدينة البصيرة، ذات الموقع الجغرافي المهم لقربها من حقول النفط أولاً ومن مدينة الشحيل ثانياً. وفي هذا السياق علمت «السفير» أن أبا دجانة الزر هو من قاد الهجوم على البصيرة، وأنه بعد اقتحام المدينة أطلق تهديدات واضحة بأن «مصير الشحيل سيكون شبيهاً بهذا المصير» في إشارة إلى انسحاب عناصر «جبهة النصرة» من البصيرة ومحاولتهم التحصن في الجبل القريب منها.
وعاد القائد العسكري العام لـ«داعش» عمر الشيشاني إلى الظهور، عبر قيادته المعركة على محور الكسرة الذي شهد اشتباكات عنيفة. كما سيطر «الدولة الإسلامية» على غالبية قرى خط الخابور شمال شرق دير الزور انطلاقاً من مدينة البصيرة ووصولاً إلى قرية النملية وما بينهما، مثل تل ضمان وحريجي وطيب الفال وسكر، وحافظ في الوقت ذاته على الكثير من قرى الريف الغربي، أهمها الهرموشية والكبر والجزرة.
وقد سقط عدد من قادة الطرفين قتلى بسبب معارك اليومين الماضيين، من أبرزهم نائب «القائد العسكري لجبهة النصرة في البوكمال» مثقال العليوي، المعروف أيضاً باسم مثقال الدميمي.
وفي سياق مختلف، علمت «السفير» من مصادر خاصة أن مجموعتين من عناصر «داعش» تمكنتا من التسلل إلى حي الرشدية الذي يشهد اشتباكات شبه يومية بين الجيش السوري وبين الفصائل المسلحة. وأشارت المصادر إلى أن هذا التسلل جاء بعد اقتناع بعض الكتائب أن «الجبهتين» («النصرة» و«الدولة الإسلامية») لا قِبَل لهما بمواجهة النظام، فعملوا على التنسيق مع «داعش» وتأمين عملية تسلل عناصره إلى الحي، وذلك في الوقت الذي سرب فيه مصدر مقرب من القائد العسكري العام عمر الشيشاني أن الأخير توعّد «النظام وجيشه بأيام دم»، وذلك في جلسة عقدت الأسبوع الماضي مع قادة بعض الكتائب المنخرطين في التنسيق معه.
هذه التطورات الميدانية، وخصوصاً اقتراب مقاتلي «داعش» من محيط مدينة الشحيل حيث أفادت الأنباء عن سيطرتهم على سكة الحديد التي لا تبعد سوى 3 كيلومترات عن مركز المدينة، دفعت بأنصار «داعش» إلى مطالبة «أميرهم» أبي بكر البغدادي بالإسراع بإعلان «دولة الخلافة الإسلامية».
وتشير التقديرات إلى أن هذه المطالبة، التي أخذت شكل حملة منظمة على «تويتر» و«فايسبوك»، توحي بوجود تيار داخل «داعش» يريد إعلان «دولة الخلافة الإسلامية» التي كان ألمح إليها المتحدث الرسمي أبو محمد العدناني في تسجيله الصوتي الأخير، وذلك لوضع الجميع أمام الأمر الواقع وحشرهم في زاوية «إما معنا أو ضد الخلافة».
وترى بعض المصادر المقربة من «داعش» أن «إعلان الخلافة» قيد النقاش بشكل جدي في أروقة التنظيم، لكنه ينتظر نضوج الظروف المناسبة، خصوصاً التطورات الميدانية، مشيرة إلى أنه «لا خلافة في سوريا وحدها أو في العراق وحده» بل يجب أن تكون أرض الخلافة المقبلة ممتدة من الأنبار في العراق مروراً بدير الزور وصولاً إلى الرقة، لذلك في حال نجح «داعش» في السيطرة على دير الزور وطرد «الصحوات» منها قد يسمح ذلك بإعلان الخلافة في شهر رمضان، بحسب نفس المصادر.