مفاعيل صمود سوريا بين رفض حامد كرزاي وقرار طرد بهجت سليمان

مفاعيل صمود سوريا بين رفض حامد كرزاي وقرار طرد بهجت سليمان

الثلاثاء , 27 ايار / مايو 2014

مفاعيل صمود سوريا بين رفض حامد كرزاي وقرار طرد بهجت سليمان Oi8vd3d3Lm1lcGFub3JhbWEubmV0L3dwLWNvbnRlbnQvdXBsb2Fkcy8yMDE0LzA1LzEtNTQ2MDkzLmpwZz9hMjc4M2Y%3D

عابد عبيد الزريعي
الممارسة السياسية بوصفها احد أهم تجليات الوجود الإنساني جدية والتي تستدعي التفكير العميق والتخطيط الدقيق وحك الرأس حتى يبيض الشعر أو يتساقط، كثيرا ما تعبر عن نفسها بمواقف قد تدفع إسماعيل ياسين للغيرة من خفة دمها. ومن بين هذه المواقف التذكير بان بعض عربنا وخلافا لكل خلق الله لا يفهمونها بشكل متأخر وبعد فوات الأوان. فقد أتحفتنا الحياة السياسية وفي مدى ثمانية وأربعين ساعة بخبرين يفصل بين مكان حدوثهما أميال وأميال. الأول رفض الرئيس الأفغاني حامد كرزاي لقاء الرئيس الأمريكي اوباما في قاعدة باجرام العسكرية الأمريكية القائمة على الأراضي الأفغانية.والثاني خبر طلب الحكومة الأردنية من السفير السوري بهجت سليمان مغادرة أراضيها خلال أربعة وعشرين ساعة. وعلى الرغم من تحدي الخبرين لقدرة العقل على المقارنة بينهما.
يستدعي الخبر المتعلق بالرئيس الأفغاني استنهاض الذاكرة والعودة إلى سنين سابقة عندما زار الولايات المتحدة الأمريكية وخلال لقاءه مع مجلس الشيوخ الأمريكي ظهر وهو يقف أمام أعضاء المجلس يجيب على أسئلتهم كتلميذ في امتحان شفوي، وقد رتبت العلاقة بين المكان الذي يقف فيه والمكان الذي يجلس فيه أعضاء مجلس الشيوخ بشكل تراتبي وعلى أساس اعتلى وأدنى، حيث كان مضطرا أن يثني رقبته إلى الخلف كلما نظر إليهم أو تحدث معهم، لقد تبدى الأمر وكأنه محاولة لإذلال رئيس دولة واحتقاره. فهل اختزن العقل الباطن لحامد كرزاي ذلك الموقف وجاءت اللحظة ليرد الفعل على إذلال تعرض له في سابق الأيام من قبل الذين صنعوه واتوا به إلى سدة الرئاسة حتى صار مثلا فيقال:”مثل كرزاي” و” انا مش كرزاي”. هذا يعني ان الرجل كان الرجل ينفذ دوره مرغما وفي ظل المعاناة من إحساس عميق بالاهانة ويتحين الفرصة للانتقام بغض النظر عن شكل وطريقة الانتقام ورد الاعتبار. وعلى الرغم من المنطق الذي ينضوي عليه هذا التفسير إلا انه ليس من النوع الذي يشفي الغليل.وبعيدا عن ردود الأفعال الشخصية يمكن القول ان لقاء الاهانة مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لم يكن حاله أفضل من عديد رؤساء الدول الذين كان بعضهم لا يغسل يديه إذا ما حظي بمصافحة الرئيس الأمريكي، وذلك من اجل الاحتفاظ بملمس البركة لأطول وقت ممكن، وحتى يرد على المتشككين بصحة الواقعة بان يلصق كفه بأنف المتشكك ويقول له شم. فكيف بالنسبة لكرزاي والحذاء الأمريكية تضغط على صدر بلاده وعلى صدره.
بينما اللحظة الراهنة تقول أن أمريكا دخلت في مرحلة جمع عتادها استعدادا للرحيل عن أفغانستان، لكن الأمر المهم ليس هنا فكم من استعمار رحل من بلد وبقي حاضرا ومسيطرا أكثر من حضوره المباشر،الجديد في الموضوع ان أمريكيا ترحل عن أفغانستان في سياق رحيلها من الدور الذي فصلته على مقاسها وعلى مدى زمني تجاوز العقدين.
الرحيل الأمريكي من الدور جعل الأفغان يسارعون في ترتيب أوراقهم للبحث عن موقع في المعسكر الرابح وليس الخاسر. لهذا وجدناها وقبل وصول الرئيس الأمريكي يحزمون أمرهم ويدقون أبواب قمة شنغهاي وبشكل متساوق مع جملة من الترتيبات الإستراتيجية فيما يخص أنابيب الغاز الإيرانية والارتباطات الاقتصادية مع الصين وروسيا مدفوعين في ذلك من وعي بسيط للجغرافيا السياسية مفاده ارتباط مصيرهم بجوارهم الأسيوي. إنها لحظة وعي وإدراك لعالم يتغير ويتحول وفي ظل هذا التحول والتغير وجد كرزاي الفرصة للانتقام لكرامة مهدورة على مدى سنوات بالمعنيين الوطني والشخصي.
أما بالنسبة لخبر الطلب من السفير السوري مغادرة الأراضي الأردنية فيكشف عن حقيقة مؤداها أن صانع القرار الأردني مازال بعيدا عن التقاط لحظة التحول والتغير على الرغم من ملاصقته الجغرافية لسوريا صاحبة شرف الدفع باتجاه هذا التغير.ويبدو انه التقط اللحظة بشكل مخالف للاتجاه الذي تمضي فيه، هذا إذا افترضنا استقلالية القرار وبعده عن أية توجيهات خارجية. فالسيد بهجت سليمان كان قبل ساعات من إصدار القرار بشأنه ضمن قائمة استقبال البابا بما يعنيه ذلك من ان الأمور كانت على ما يرام. وإذا كان الطلب بالمغادرة يرتبط بمواقف وتصريحات أطلقها السيد سليمان وسبق للأردن ان اعترض على ذلك، فان توقيت اتخاذ القرار المتوافق مع تعيين ممثل للائتلاف في الاردن وبعد إسقاط مشروع المنطقة العازلة على يد الجيش السوري وعلى بعد أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية السورية التي تبذل المحاولات من جهات عديدة لتعطيلها، وبعد الفيتو المزدوج الرابع في مجلس الأمن، يطرح عديد الأسئلة حول الهدف من هذا القرار وحول الجهة التي تقف من خلفه. لكن الأهم من كل ذلك ان القرار وكما كتب السيد بهجت سليمان على صفحته في الفيسبوك لا يزيد عن كونه”حج والناس مروحه”.

» ماذا جرى بين سفير سوريا بالأردن "الدكتور بهجت سليمان"
» [ مجزرة "خان العسل" ] -بقلم الدكتور بهجت سليمان
» مصادر: اللواء بهجت سليمان ما زال يواصل إدارة أعمال السفارة في عمّان
» السفير السوري السابق بهجت سليمان يكشف أسباب طرده من الأردن
» بهجت سليمان : صافحت الملك عبدالله وهنأته بالعيد ولم اتبادل معه اي حديث