انتصار سوريا ، ساعة الحساب في الأردن

انتصار سوريا ، ساعة الحساب في الأردن

الجمعة , 25 نيسان / ابريل 2014

أحمد الحباسى تونس
من مساوئ الرقص على كل الحبال في السياسة أن لا يكون لبلد معين أية سياسة ، و من مساوئ الانخراط في المشروع الأمريكي بلا هوادة أن يفقد البلد كل معالمه التاريخية و الحضارية و السياسية ، و في حال الأردن ، مشكلة التناغم و اللعب على كل الحبال السياسية المخاتلة أمر طبيعي و تعبير عن سياسة النظام في أن يكون كالماء بلا لون و لا طعم و لا رائحة ، و بطبيعة الحال ، هذا الاختيار المسبق و المقصود من العائلة الهاشمية له أغراضه و دلائله و نتائجه و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن لا يكون له انعكاسات و ارتدادات و إرهاصات على وضع دول الجوار و على القضية الفلسطينية و على الأمن الجماعي العربي.
النظام الأردني منخرط في المشروع الصهيوني ، هذه من المسلمات و البديهيات التاريخية ، و النظام لا يخفى طبعا علاقته الآثمة بالكيان الصهيوني و لا أهدافه الحقيقية من هذا التحالف المعلن ، و لان هذا الارتباط الهاشمي العضوي بالكيان الصهيوني هو السبب الوحيد في بقاءه و ديمومة مصير العائلة الهاشمية ، فقد كان منتظرا أن يقدم الهاشميون الدعم و المساندة اللامشروطة لمشروع الفوضى الخلاقة الأمريكية في المنطقة و أن يكون الأردن مساحة و فضاء كل الممارسات الأمريكية القذرة المسلطة على العراق و على سوريا و لبنان ، لذلك توسعت دائرة “نشاط” المخابرات الأردنية لتشمل هذه الدول لتصل إلى باكستان و أفغانستان لمساندة المآرب الأمريكية و تنفيذ بعض “الأعمال” القذرة لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .
لا يخفى النظام الأردني عداءه القبيح للنظام السوري ، ليس لان عائلة الأسد قد فعلت ما يبرر هذا العداء ، و ليس لان النظام السوري قد فعل ما يستحق به هذا العداء المتواصل ، المشكلة أن النظام الهاشمي له كراهية و نفور من المقاومة و أهلها ، نفور من الأنظمة العربية القليلة التي ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني و ترفض الوجود الأمريكي في المنطقة من أصله ، و نفور لا محدود من الأنظمة العربية التي ترفض وضع مستقبلها و استقلاليتها السيادية في سلة التنازلات العبثية التي تحصل في المنطقة منذ بداية حلم العودة الصهيونية إلى أرض الميعاد الفلسطينية ، فبالنسبة للنظام كما في كل دول الخليج و كثير من الدول العربية مسألة السيادة لا معنى لها و الأولى أن تكون هذه الأنظمة تحت الحماية الأمريكية في غياب بديل يحمى هذه العروش الهامشية العميلة .
تتباين أراء المتابعين في تقييم الموقف الأردني من الحالة السورية ، و تنطق وسائل الإعلام الأردنية بكثير من الارتباك و الغموض عندما تتناول الشأن السوري ، و بقدر ما يمر الوقت يستشعر الأردن الحرج المتصاعد في كيفية تعامله مع المتغيرات السورية على الأرض و في المجال السياسي ، و إذا وضعنا في الاعتبار ارتباك الإدارة الأمريكية في كيفية إدارتها لهذه المؤامرة و تأثير الموقف الروسي في إعطاء شحنة دافعة للصمود السوري على كل الأصعدة ، و حالة التخبط و “النرفزة” التي تتفاعل في الساحة الخليجية بين قطبي المؤامرة قطر و السعودية أو على الساحة التركية بين المعارضة و حزب العدالة الحاكم الطامع في تواصل هيمنته على المشهد السياسي التركي حتى يتجنب السقوط الدراماتيكي كما حدث في مصر و تونس ، إضافة إلى تقلبات الوضع الشعبي العربي المنادى بالحل السياسي في سوريا ، فمن الأكيد أن النظام الهاشمي يعيش أزمة مصير و أزمة البحث عن صيغة غير مكلفة يخرج بواسطتها من عنق الزجاجة .
لا يختلف المتابعون أن الأزمة السورية قد أثرت بصورة سلبية على الوضع الاقتصادي الأردني ، و لعل تغيير الحكومات الأردنية المتتابع هو إفراز طبيعي لإرهاصات الوضع السوري خاصة و أن الأردن يعانى من تردى وضعه الاقتصادي الذي يجلب إليه متاعب شعبية و أمنية و إقليمية كثيرة ، المواجهات التي حصلت في مدينة” معان “منذ ساعات تؤكد خطورة الوضع في الأردن و مدى تشابك الأسباب التي أدت إلى هذه الاضطرابات ” النموذجية ” اليومية لكن اللافت أن وقوف الأردن مع تنفيذ المؤامرة على سوريا لم يمكنه من المقابل المالي و الاقتصادي المنتظر سواء من الإدارة الأمريكية التي تعانى صعوبات اقتصادية منعتها من تنفيذ رغبتها الجامحة في ضرب سوريا عسكريا و تحمل تبعات هذه الضربة على اقتصادها المنهار منذ خروجها المعلن من العراق سنة 2011 ، أو من بعض الدول الخليجية التي تقف موقف العداء من هذا النظام لأسباب لم تعد مجهولة خاصة بعد رفض دخوله النادي الخليجي رغم انخراطه في كل السياسات و المقاصد القذرة الخليجية تجاه القضايا العربية .
يعتبر كثير من المحللين أن النظام الهاشمي قد حرق كل أوراقه في لعبة الروليت السورية و أن تدخله الثابت من خلال تمرير الأسلحة و المقاتلين إلى سوريا قد مثل الخطيئة الكبرى و أحد الكبائر الهاشمية التي سيكون لها نتائج عكسية تشبه الطامة الكبرى على كامل الوضع في الأردن ، و إذا كان الأردن متعود على القيام ببعض “الأدوار” القذرة في سوريا سابقا دون دفع الثمن نتيجة الغطاء الأمريكي خاصة في فترة حكم الرئيس بوش الأب و الابن ، فان هذه المؤامرة على سوريا بما تعنيه من إرادة واضحة لإسقاط النظام لن تمر بسهولة هذه المرة و ستكون لها ارتدادات شديدة الحساسية و المفعول على نظام هاشمي هش قابل للاشتعال و السقوط في اللحظة المناسبة ، “الأردن يلعب بالنار” ، هذا ما عنونت صحيفة “الثورة” السورية منذ فترة قصيرة ، و من يلعب بالنار عليه أن ينتظر احتراق أصابعه.

» كتب محمد صادق الحسيني: اقتربت ساعة انتصار الأسد!
» انتصار سوريا وانسحاب حزب الله وخسارة السعودية
» عن سوريا وحلفائها: انتصار «لعبة الانتظار السورية»
» انتصار سوريا العراقي - ناصر قنديل
» الاستراتيجية الروسية في سوريا انتصار مزدوج