«الخط الحدودي».. مشروع قتل في القصير ودفن بين الحصن ويبرود

«الخط الحدودي».. مشروع قتل في القصير ودفن بين الحصن ويبرود

«الخط الحدودي».. مشروع قتل في القصير ودفن بين الحصن ويبرود
14/03/22

وكالة أوقات الشام الإخبارية -
حسين طليس
لم تحمل معركة القصير تلك الأهمية للأسباب الكيدية او التحدي الذي شكلته في حينها، وتلك المواكبة الإعلامية التي رافقتها لم تكن مواكبة لأي معركة عادية، بل كانت فعلياً معركة الفصل، وما زال صدى سقوط القصير يسمع من الزارة والحصن الى يبرود، وغداً في رنكوس.
كانت معركة قطع فعلية، لمشروع يمتد من الساحل على البحر المتوسط، الى ما بعد القنيطرة على كامل الحدود اللبنانية. قوس كاد أن يكتمل لولا ان تم قطعه من نصفه في القصير، وكان يجب ان يمتد ما بعد القلمون الى القنيطرة، وحتى الى الجولان والأراضي المحتلة من بعده، ليكون سلك مكهرب، يهدف لمحاصرة الجميع، سوريا من غربها ، والمقاومة في لبنان من الشرق، تمده الطاقة الإسرائيلية من الجنوب، ودول الحرب على سوريا من الغرب على ساحل المتوسط، ومن تآمر من لبنان من الوسط، فيكون عائقاً في وجه النظام وتحدياً له، كذلك في وجه المقاومة في لبنان وخطوطها على سوريا لقطع الإمداد عنها. هكذا كان المخطط، ولهذه الأسباب ثارت ثائرة الجميع، حين قطع الجيش السوري وسرايا الدفاع، خط التوتر من نصفه عند نقطة القصير، والذي كان من الممكن أن يغذي المعارضة في كافة مناطق سوريا بالطاقة اللازمة لتسيطر.
قتل المشروع في القصير، و هي النقطة التي كان يجب ان تشكل عقدة الوصل ما بين الإمتداد الحدودي نحو البحر المتوسط، الذي يحد مناطق عكار من الناحية اللبنانية، وما بين الإمتداد الثاني من القلمون بإتجاه القنيطرة والذي تشكل عرسال من الناحية اللبنانية فيه مصدر طاقة أساسي ومدّ نوعي. قتل المشروع في القصير حين قطع الخط الحدودي من عقدته، اما ما يتم انجازه اليوم من بلدات القلمون الى تلكلخ وريفها، ما هو الا عملية دفن للمشروع، ومسح لذاك الخط عن الجغرافيا وارض الواقع، ومن الأذهان أيضاً.
في الفترة السابقة لإنطلاق الجيش السوري بعملياته في القلمون وتلكلخ، حاولت المجموعات المسلحة مرّات عديدة إعادة وصل ما قطع، عبر عدة هجمات شنت من القلمون بإتجاه ريف القصير من النعمات وجوسية، كذلك من الغرب انطلاقا من تلكلخ، وتلك كانت اشارة خضراء لإنطلاق الجيش السوري بعملياته بعد أن استشعر محاولات اعادة احياء لمشروع الخط الحدودي. وبعد صد الهجمات التي شنت على ريف القصير بدأت معركة مسح الخط عبر تطهير البلدات الممتدة على هذا الخط من وجود المسلحين فيها، من قارة ودير عطية الى النبك وصولاً الى يبرود أخيراً، كذلك من ناحية الريف الحمصي الجنوبي والغربي الذي أتم تطهيره الجيش في اليومين الماضيين بالسيطرة على الزارة والحصن، آخر معاقل المسلحين وأكثرها أهمية.
شكلت بلدتي يبرود والحصن بدورهما، عقدتين ثانويتين بعد العقدة الأساسية في القصير، وذلك كونهما كانتا موصولتان بمصادر الطاقة من الجهة اللبنانية، عرسال ليبرود، ووادي خالد للحصن، إضافة الى كونهما تتمتعان بموقع استراتيجي وجغرافيا صعبة إضافة الى تحصينات كبيرة أقامها المسلحون فيهما. وفي نهاية الأمر، قطعهما الجيش واستطاع مسحهما أيضاً عن خارضة الخط – المشروع. ولكن ما هو السيناريو الذي كان يمكن ان يقوم لو لم تتداركه سوريا ؟!
قد يتساءل البعض عن أهمية الحدود اللبنانية بالنسبة للمسلحين فيما الحدود الأردنية والعراقية والتركية مفتوحة على مصرعيها أمام عمليات تهريب السلاح والمقاتلين، لكن الحقيقة هي أن الحدود اللبنانية التي سعى المسلحون لتثبيت نفوذهم عليها، هي الحدود الأخطر على سوريا، وذلك بسبب قربها من المدن الإستراتيجية في سوريا وعلى رأسها العاصمة دمشق، إضافة الى حمص وما تمثلانه من عمق للجغرافيا السورية، وعليه يطرح السؤال، أيهما أفضل في عملية الإمداد لمعركة في دمشق وريفها او في حمص وريفها، ان يصل الدعم من الحدود اللبنانية الأكثر قرباً او من الحدود التركية والعراقية والأردنية التي تبعد آلاف الكيلومترات ويحتاج وصولها الى مسير طويل قد يكشف خلاله عملية ايصال الإمداد او قد تقصف القوافل او تقع في كمائن بالمناطق الخاضعة لسيطرة النظام ؟
لبنان من سوريا كالكبد من الجسد، يتوسط الجغرافيا السورية، وتمتد حدوده على شكل مقوص يمنحه ميزة الإنفتاح على كامل سوريا، فمن الشمال بالإمكان الإنطلاق نحو الساحل السوري، ومن الشمال الشرقي نحو حمص وريفها ومنها الى البيداء، أما من الشرق فنحو دمشق ومنها الى العمق نحو دير الزور، ومن الجنوب الشرقي نحو القنيطرة والجولان. في العلم العسكري الإنطلاق من العمق نحو الأطراف، أسهل بكثير من الهجوم من الأطراف نحو العمق، نظراً لكون الإنطلاق من العمق يشتت الصفوف الدفاعية للطرف الآخر ويقطع التواصل بين الأجنحة المدافعة من كافة الجهات، وهذا ما توفره الحدود اللبنانية ولا تمنحه باقي الحدود وقد ثبت ذلك من خلال 3 سنوات من الحرب على سوريا كان أكثر معاركها ضرراً هي تلك التي انطلقت من العمق لا من الأطراف. وهذه اول فقرة من السيناريو الذي كان من الممكن ان يقوم لو سيطر المسلحون على الخط الحدودي.
ثاني فقرات السيناريو، كان عملية تقسيم سوريا، وتقطيع أوصالها، وكما ذكر سابقا فإن الحدود مع لبنان تتوسط جغرافيا سوريا، ولو قامت المعارضة بالسيطرة عليها كان بإستطاعتها ان تقسم سوريا الى قسمين شمالي، من حمص نحو الشمال، وجنوبي من حمص نحو الجنوب، ولذا فإن القصير الواقعة في الريف الجنوبي لحمص كانت العقدة الكبيرة للمشروع. وبذلك فسيتم عزل أهم منطقتين استراتيجتين بالنسبة للنظام، حيث ستنفصل مناطق الساحل السوري في القسم الشمالي، عن دمشق في القسم الجنوبي، فيما تعزل الأخيرة، من دون الإمداد القادم من مرافئ طرطوس واللاذقية. ولهذه الأسباب كانت “الأوتوسترادات” تشكل فيما مضى محاور القتال، من طريق دمشق- حمص الدولية، الى طريق دمشق – حلب، كذلك طريق حمص – اللاذقية، وطريق حمص – طرطوس، في وقت تمتد كل تلك الأوتوسترادات الإستراتيجية، على مقربة من الحدود اللبنانية السورية.
مشروع كان سيغير وجه المنطقة بأكملها، خط حدودي بين الدولتين اللتان تتشاركان توسط جغرافيا القارات ووصلها ببعضها البعض، لبنان وسوريا، دولتين تشكلان محور تلتف منطقة الشرق الأوسط حولهما، وحدودهما كادت أن تكون “فالق” جيوسياسي، يتسبب بخط زلزالي يضرب كامل المنطقة فيفتتها ويجزئها حتى تندثر، لولا أن الجيش السوري وحلفاؤه أدركوا في وقت مبكر ما كان يحضر له. المشروع الحدودي قتل منذ عملية القصير، وما نشهده اليوم من يبرود الى الحصن وما بعدهما، ما هو الا عملية الدفن التي شارفت على النهاية.
سلاب نيوز

» معركة نوى واستعادة نموذج القصير ويبرود..
» معركة نوى واستعادة نموذج القصير ويبرود..
» من الخط الاحمر ...الى الراية البيضاء
» مجلس الشعب يستمع إلى بيان الحكومة المالي حول مشروع قانون الموازنة.. ارتفاع مساهمة الدولة في الدعم الاجتماعي من 386 مليارا في 2012 إلى 512 مليار ليرة في مشروع موازنة 2013
» الجيش السوري يسيطر على ريف القصير الغربي و طلائعة تدخل مدينة القصير