سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: كباش حزب الله وسوريا … في زمن التيه الإستراتيجي الأحد مارس 16, 2014 2:38 am | |
| كباش حزب الله وسوريا … في زمن التيه الإستراتيجيالسبت , 15 اذار / مارس 2014 حسن شقير* عجّت الأوساط السياسية المحلية والإقليمية مؤخراً بالتحليلات المستفيضة بشأن الغارة الصهيونية مؤخراً على موقع لحزب الله داخل الأراضي اللبنانية , وذلك لناحية تناول أبعادها وأهدافها , وطبيعة رد حزب الله عليها … وقد دخلت بعض تلك التحليلات في عالم المماحكات وتسجيل النقاط , وصولاً إلى حد الشماتة في بعض الأحيان .. ولكن , وبقطع النظر عن هذا وذاك , وحرصاً على قراءة دلالات تلك الغارة في سياق المشهد العام لما يجري في سوريا والمنطقة من تطورات متسارعة في الميدانين العسكري والسياسي , فإننا سنحاول ربطها مع جملة من المعطيات , ضمن سياق إستراتيجي حالي لمثلث أقطاب دولي معنيٌ في الحرب على سوريا , وذلك في كل من أمريكا والكيان الصهيوني والمملكة العربية السعودية . في المعطيات الصهيونية : ما لم يبح به كبار الساسة والعسكريين في الكيان الصهيوني , عن طبيعة الأهداف الحقيقية لتلك الغارة وخلفياتها , فلقد باح به كبار من محللي السياسة والبحث عندهم , عندما جاهروا ” ..بأن جرح يبرود يجب أن يبقى نازفاً بالسيارات المفخخة باتجاه الضاحية الجنوبية ..” وقد تزامن ذلك مع زيارة نتنياهو لجرحى الإرهابيين في المشافي الصهيونية , وإعلان بني غانتس , رئيس أركان الجيش الصهيوني , بأن هذا الأخير قد نشر قوات نوعية في جبهة الجولان المحتلة .. في المعطيات الأمريكية : أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في تصريح لصحيفة ” ذي نيويوركر ” الأمريكية – ولدى تقييمه لمحاربة أمريكا للإرهاب حول العالم – , بأن ” رؤيتنا للإرهاب يجب أن تُحدد على أساس أنه ليس كل فعلٍ شنيع يحدث في مكان ما من العالم , ومدفوعٌ بعقيدة إسلامية متطرّفة , هو تهديد مباشر لنا , وأمرٌ يجب أن ننخرط فيه ..” ! أعقب ذلك , ومنذ أيامٍ قليلة , إفراج وزارة العدل الأمريكية عن لائحتها الدورية للإرهاب , والتي تلحظ بعضٌ ممن تصنفهم أمريكا من أخطر الإرهابيين في العالم , وقد غاب عن هذه اللائحة وبشكل مستغرب زعيم تنظيم جبهة النصرة المدعو أبو محمد الجولاني , مع أن جبهته لا زالت ضمن المنظمات التي تعتبرها أمريكا بأنها إرهابية …! وقد برز في تلك اللائحة إسم المدعو ياسين السوري , ومعلومات تفصيلية عنه , وعن أماكن تواجده , حيث ذكرت أنه موجود حالياً في إيران ..! في المعطيات السعودية : منذ أيامٍ قلائل أعلنت المملكة العربية السعودية لائحتها للمنظمات الإرهابية .. والتي ضمت تنظيمات القاعدة وداعش والنصرة والإخوان المسلمين وحزب الله السعودي … وقد كان لافتاً فيها إغفالها لتنظيم الجبهة الإسلامية في سوريا , على الرغم من أن معظم فصائلها , أعلنت ميولها ” الجهادية , التكفيرية , الإخوانية ..” والتي اعتبرت إرهابية في اللائحة ذاتها ! السؤال : كيف نقرأ هذه المعطيات في بحر محاربة الإرهاب الذي أُسري في سوريا والمنطقة ؟ وهل هي مرتبطة بالمأزق الإسترتيجي الذي تعيشه هذه الدول في كيفية الحفاظ على أمنها واستقرارها ( الكيان الصهيوني ) , وفي كيفية استنزاف أعداءها في زمن أفولها ( أمريكا ) , وفي كيفية الإحتفاظ بمقعدٍ وازنٍ لها في الخارطة الجيوبوليتيكية للمنطقة ( السعودية ) ؟ الكيان الصهيوني وهلع تصدّع الإستراتيجية الإنطوائية بعد أن أجبرت المقاومة في صيف العام 2006 الكيان الصهيوني من التحوّل قسراً من الإستراتيجية الهادمة والهدّامة إلى الإستراتيجية الإنطوائية ضمن ما أسماه ” إستقرار دول الطوق الأول ” , وبعد أن كادت هذه الإستراتيجية تكتمل في ذراعها السورية , تفاجئ الكيان الصهيوني مؤخراً , بأن مشروعه في إقامة ” الجدار الطيّب ” عند المنطقة الفاصلة في الجولان المحرر , هو في طريقه إلى الوأد في مرحلته الجنينية , وذلك من خلال ما استشعره الكيان من تكتيكات مستحدثة للجيش السوري والقوى المساندة له … حيث فرضت تلك التكيكات عليه رفع السقوف العالية في أكثر من جبهة , امتداداً من الجولان حتى القلمون وسلسلة جبال لبنان الشرقية , وذلك لتفادي تجرّع كأس الإستقرار الذي يمكن لمحور الممانعة أن يحققه في البيئات الحاضنة للمقاومة في المقلبين اللبناني والسوري .. وبالتالي تشكّل ثلاثية ذهبية جديدة في الجولان السوري , بعد أن ذاق مرارتها في الجنوب اللبناني … ومن جهة ثانية ,فإن كسب معركة القلمون والسلسلة الشرقية , ستجعل من عملية كسر التوازن العسكري للمقاومة مع الجيش الصهيوني أكثر سلاسةً من أي وقت مضى , وخصوصاً أن معارك سوريا فرضت على أطراف محور الممانعة معادلة ” ما نملكه فرادى , هو ملكٌ لنا جميعاً ” , وبالتالي فإن ذلك سيضع الكيان الصهيوني بين نارين , إحداهما حارقة أكثر من الأخرى , فإما تقبّل هذا التحول الذي يُهدد وجوديته واستراتيجيته برمتها , وإما يلتف عائداً إلى طبعه الهدام , والذي لا يضمن نتائجه مطلقاً في هذه المرحلة من عمر الصراع مع المقاومة . أمريكا وفوبيا الأفول المريع تأسيساً على المعطيات الأمريكية أعلاها , والتي يُستشفُ منها أن أمريكا في زمن أفولها تعيش هاجس إطالة أمد الإستنزاف لمن كان لهم بعضٌ من اليد الطولى في تسريع أفولها .. وبالتالي فإن معارك القلمون والزارة والجولان , ناهيك عن ريف دمشق وتسريع المصالحات في أكثر من منطقة سورية , تجعل من أمريكا تعيش فوبيا حقيقية من بدء الخروج للجيش السوري ومعه حزب الله من قاع الإستنزاف .. من هنا فإن إغفال إسم المدعو الجولاني من تلك اللائحة الإرهابية , يهدف فيما يهدف إلى الإنعاش العسكري لجبهة النصرة من جهة , وإعطاء هامش دعم إضافي لمن أغفلتهم تلك اللائحة من ما يُسمى بالجبهة الإسلامية التي تتحالف علناً مع جبهة النصرة في أكثر من جبهة سورية ..هذا من جهة , ومن جهة ثانية فإن إنتهاج أوباما سياسة ” النأي بالنفس ” عن تقاتل ” الإرهابيين ” فيما بينهم , بعيداً عن الضرر بأمريكا ومصالحها , ستفشل , وبالتالي فإن ذاك الخروج الممانع من مستنقع الإستنزاف , سيُعقّد مجدداً استراتيجية أمريكا في تلزيمها للأمن الصهيوني , ضمن استراتيجيتها الإنكفائية , والتي تساعد فيها حلفائها في “الحفاظ على أمنهم من خلال ذواتهم ” من جهة, وإنهاك ” أعدائهم ” وضربهم ببعض من جهة ثانية … الأمر الذي سيضعها بين خيارين أحلاهما مرّ , فإما تعود مجدداً لتحمي حلفائها بشكل مباشر , وهذ ما لا تطيقه قدراتها المقيّدة في العالم اليوم .. وإما تترك هؤلاء لمصيرهم , مما قد يجعل من نتائج ذلك عواقب عليها أفدح بكثير فيما لو أعادت التدخل المباشر . السعودية وهاجس فقدان الدور إنطلاقاً من المعطيات السعودية , فإن المملكة , وضمن رؤيتها عن كثب لما يجري على الأرض السورية ومحيطها , من أفعال الجماعات الإرهابية الشنيعة , ومن فشل أعمها الأغلب من خطب ود مختلف الشرائح السورية بكل تلاوينها , وبالتالي انعزال هذه الجماعات , ونظراً لفشل هذه الأخيرة في تقديم نفسها حصان طروادة لما تُسمى بالجماعات المعتدلة ضمن ” الثورة السورية ” في تحقيق الهدف الأسمى في إسقاط النظام والدولة السورية , فضلاً عن كونها اقتربت من إعلان عجزها عن متابعة الإستنزاف لمحور الممانعة ..ولأجل كل ذلك وغيره , دخلت السعودية في قراءة واقعية للمعادلة السياسية الجديدة في المنطقة , وذلك حرصاً منها على ألاّ تجد نفسها خارجها لاحقاً …من هذه الزاوية يمكننا أن نقرأ سرُّ الفضاضة في تلك القائمة السعودية للتنظيمات الإرهابية الخاصة بها … والتي يمكن لها أن تتسع وتضيق بحسب تقاطع الأهداف وتحقيق المصالح . خلاصة القول , فإن حزب الله وسوريا – الدولة , يخوضان اليوم كباشاً استراتيجياً مع الإرهاب , تحت أنظار مثلثٍ دوليٍ يعيش تيهاً استراتيجياً حقيقياً , يمكن لهذا الأخير أن يفقد توازنه في أية لحظةٍ , وفي أية بقعةٍ من العالم .
باحث وكاتب سياسي . | |
|