العدوان على سوريا .. خطة ما بعد الفشل

العدوان على سوريا .. خطة ما بعد الفشل

العدوان على سوريا .. خطة ما بعد الفشل
14/03/11

وكالة أوقات الشام الإخبارية -
غالب قنديل
برزت في الأسابيع القليلة الماضية مؤشرات كثيرة تطال مستقبل الحرب العدوانية على سوريا وهي تصب لصالح ترجيح انتقال واشنطن إلى خطة الاستنزاف الطويل كوسيلة لعرقلة نهوض القوة السورية التي فشلت في تدميرها وإخضاعها منذ العام 2000 حتى اليوم بدلا من الرضوخ لمبدأ أولوية مكافحة الإرهاب والذهاب إلى التسويات المتخيلة وحصيلتها عودة الغرب إلى الاعتراف بالدولة السورية وبدورها المحوري.
أولا يمثل الفشل في النيل من سوريا حصيلة واقعية لأعتى حرب كونية خاضتها الولايات المتحدة ضمن استراتيجية الحروب بالوكالة والنقاش الدائر في واشنطن حول خيارات الإدارة الأميركية والقدرة المفترضة على تعديل النتائج ما يزال حبيس الحلقة المفرغة أمام الحسابات التي تقود إلى الاعتبار من مناعة القوة السورية الشعبية والعسكرية وصلابة الرئيس بشار الأسد وزعامته الراسخة وكنتيجة لمتانة تحالفات سوريا العالمية والإقليمية ( وخصوصا مع إيران وحزب الله وروسيا ) التي جعلت من صمود سوريا عقدة التحول في التوازنات والعلاقات الدولية .
تصل النقاشات الأميركية الداخلية حول سوريا إلى مأزقها كل مرة يطرح فيها السؤال عن الخيارات البديلة التي كان يفترض بالرئيس الأميركي اتخاذها عوضا عن سياسته التي اتسمت بالارتباك والعجز والتخبط والرهانات الفاشلة ففي نهاية المطاف لا يجد المجادلون من المحافظين الجدد وحزب الحروب الاستعمارية سوى خيار الضربة العسكرية الذي جربه اوباما واضطر للتراجع عنه بفعل التوازنات الصعبة والاحتمالات الشائكة والمكلفة ، فجميع الوصفات المطروحة عبر مجلس الأمن ساقطة بالفيتو الروسي الصيني كما برهنت التجربة وجميع التحركات المنفردة كفرض حظر جوي أطلسي على منطقة حدودية ، مآلها فتح خطوط الاشتباك الدولي والإقليمي الكبير استنادا إلى إرادة الدفاع السورية الحازمة وقدرات الصمود السوري الكافي زمنيا لتوليد التداعيات الإقليمية والدولية التي اكتشف المخططون الأميركيون انها حافة هاوية حرب عالمية وإقليمية مباشرة تهدد منظومة المصالح الأميركية في الشرق والخليج وتهدد إسرائيل كما ألمح وزير الخارجية جون كيري في رده على التذمر الإسرائيلي والسعودي من اتفاقية جنيف النووية مع إيران وكما ترد إدارة اوباما على ناقدي سياستها المتهمة بالتراخي في إدارة الحرب على سوريا .
ثانيا استهلكت الإدارة الأميركية في عدوانها على سوريا طاقة الحلف الدولي الإقليمي الذي حشدته للنيل من هذه الدولة العربية التي تنكبت خيار المقاومة والتحرر في وجه الخطط الأميركية الاستعمارية طيلة العقود الماضية وخصوصا منذ العام 2000 .
بعد ثلاث سنوات من الحرب على سوريا تغرق الأزمات حكومة أردوغان في تركيا وقد انتقلت من رأس حربة في مشروع طموح لأخونة المنطقة تحت المظلة الغربية إلى البحث عن خطوط التراجع الممكن إقليميا عبر العلاقة مع إيران حليفة سوريا ، بينما تطارد الهزائم والخسائر التنظيم العالمي للأخوان المسلمين بفعل تداعيات الفشل في سوريا والسقوط في مصر وتعصف الأزمات والخلافات بحكومتي قطر والسعودية ومجموعة الحواشي المتصلة من قوى 14 آذار في لبنان حتى الحكومة الأردنية المدعوة للمزيد من التورط بموازاة التوغل في مأزقها الوجودي مع عودة خطة الوطن البديل في مشروع جون كيري المستعجل لتصفية حق العودة بالمال السعودي الخليجي .
في هذا المناخ تعيش دول الحلف الأطلسي وحكومات حلف العدوان في المنطقة تحت كابوس ارتداد الهزائم إلى أمنها الداخلي باستدارة الجماعات الإرهابية نحو البلاد التي انطلقت منها مزودة بالخبرة وبالقدرات القتالية والتنظيمية الجديدة التي اكتسبتها في سوريا .
من هنا تنبغي الإشارة إلى حدود التدابير والإجراءات الغربية والسعودية المتسارعة تحت عنوان مكافحة الإرهاب الذي قامت جميع دول العدوان بقيادة الولايات المتحدة بدعمه وبتغذيته وبتغطية دوره في سوريا وعلى الرغم من الانعكاسات السلبية التي تحملها التدابير الدولية والإقليمية على قوة الجماعات الباقية على الأرض السورية فهي لا تتضمن انخراطا جديا في خطة مشتركة مع الدولة الوطنية السورية لمكافحة الإرهاب وتجفيف موارده.
ثالثا خطوط الاستنزاف الأميركي لعرقلة نهوض القوة السورية ولحماية إسرائيل من خطر انعكاس التعافي السوري السريع في مضاعفة قوة محور المقاومة تبدو واضحة للعيان :
1- إبقاء العقوبات الاقتصادية والمصرفية وتدابير الحصار السياسي المتخذة ضد الدولة الوطنية السورية عربيا ودوليا لعرقلة جهودها للنهوض في جميع المجالات وفي هذا السياق ياتي التمسك بواجهات العدوان كالائتلاف المتعارض وما يرتبه من مفاعيل وتدابير.
2- توظيف جميع ادوات التأثير الخفي والعلني الأميركي والخليجي لمنع أي انفتاح مصري على الدولة السورية ولعرقلة كل تعاون محتمل بين دمشق والقاهرة في أي من المجالات إضافة لعرقلة وتأخير أي تحولات لبنانية محتملة تفسح في المجال امام تعاون صريح بين الدولتين سياسيا واقتصاديا وامنيا .
3- إدامة الدعم المالي والعسكري للفصائل الإرهابية العاملة ضمن ما يسمى بالجبهة الإسلامية والتي اعتمدت لتلافي حرج تبني فصائل القاعدة المكشوفة (النصرة وداعش ) والتي قد تخرج بعض تشكيلاتها عن السيطرة الأميركية السعودية .
4- الإبقاء ما امكن على جميع منصات الحرب الإعلامية والسياسية التي تستهدف سوريا لعرقلة المصالحات الشعبية ولمواصلة التحريض الطائفي والسياسي ضد الدولة الوطنية .
5- تبني توجه إسرائيل لإقامة شريط حدودي في الجولان وقيام تعاون أميركي اطلسي سعودي أردني لتكوين قوة عميلة تحت يافطة ما يدعى بالجيش الحر تتولى هذه المهمة وهذه هي حصة إسرائيل من حصاد الحرب الفاشلة وسوف يكون خط الاستنزاف الرئيسي على هذا المحور.
6- عرقلة وتعطيل جميع الجهود الهادفة لمحاصرة عصابات الإرهاب على الأرض السورية وإبقاء المجال مفتوحا لإعادة توجيهها نحو الشرق في الضغط على روسيا والصين وسائر الدول المناوئة للهيمنة الأميركية في المنطقة والعالم .
الشرق الجديد

» نتائج الفشل السعودي في سوريا
» مصر و سوريا و الفشل الامريكي_ غالب قنديل
» كيف سترد سوريا على العدوان الغربي المحتمل ؟
» صامتون عن العدوان على سوريا ...ريّا عاصي
» ما هو المأزق الأكبر لحلف العدوان على سوريا ؟‎