لو أنصف الناس لاستراح القاضي

لو أنصف الناس لاستراح القاضي

الاربعاء , 12 شباط / فبراير 2014

لو أنصف الناس لاستراح القاضي Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvMTc4MTI1MV84MTQxMzc2MDg2MTY4MjhfNzAzMDMzMDM2X24tZTEzOTIyMTg2MjA1MTQuanBn

لو أنصف الناس لاستراح القاضي Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvMTc4MTI1MV84MTQxMzc2MDg2MTY4MjhfNzAzMDMzMDM2X24tZTEzOTIyMTg2MjA1MTQuanBn

ايهاب زكي
من يتابع سيَّر العظماء يصل بسهولة ويُسر لقاسم مشترك بين أعدائهم مهما اختلفت العصور وتعاقبت الأزمان، فينتمي من يناصبهم العداء إلى فصيلين لا ثالث لهما، جهلاء القوم الذين يعبدون السادة ،والسادة الذين يعبدون الشهوات وتحكمهم الغيرة، لذلك ترى من يقرأون التاريخ هم الأقل تعجباً من ممارسات الصنفين سابقَّي الذكر في وقتنا الحاضر، وأن هذا هو السلوك الطبيعي لهؤلاء، وغير ذلك هو الانحراف عن نواميس الطبيعة وسُنن الله في خلقه، فما الداعي ليبعث الله رسله إذا كان كل الناس أهل بر وتقوى، ويسمعون نداء الحق فيتبعون،وأين عظمة الأنبياء إن لم يكن في دعوتهم جميل الصبر وعظيم التصبر، وأين هي عظمة من صنعوا التاريخ لو كانت حياتهم وادعة خالية من الأعداء داخلياً وخارجياً،هذا ما أسميه بوابة التاريخ وصدر الصفحة.
وبما أن العدالة تقتضي أحكاماً منصفة، فهي بالضرورة تقتضي أن ينزل القاضي من علياء منصته إلى قفص الاتهام، فيأخذ مكان المتهم ويستعير عقله ليفكر مثله، ثم يصدر حكمه بناءً على الظرف الزماني والمكاني لارتكاب المتهم جنايته، لأن القاضي مثلاً إذا كان يرفل في نعيم العيش لن يرى دافعاً أو تبريراً في سرقة المتهم لرغيف خبز، حيث أن أمثال هؤلاء الأوباش يشوهون صورة مجتمع القاضي الوادِع والمسالم ،وسيحكم عليه بعقوبة السرقة القصوى، وقد تصل العقوبة لقطع يده إذا كان للقاضي زوجة نكدة،مارست هواياتها التنكيدية في تلك الليلة الغبراء السابقة لموعد الجلسة، ولن يرى فرقاً بين سارق الرغيف وسارق الملايين ،لذلك فإن من صفات القضاة المعتبرين، هو نظرهم لروح القانون ومراميه بعيداً عن حرفية النصوص الصماء.
ونحن جميعاً حين نتهم النفط بالخيانة أو البلاهة، فلا بد لنا من باب الإنصاف أن نأخذ مكانه في قفص الاتهام لنحكم على دوافعه، أيعيش ليخون أم يخون ليعيش، فحين نتقمص شخصيته نرى عجباً، فحين ينظر الملك السعودي في مرآته حين يكون السيد نصرالله على الشاشة، يرى سحنته التي أنهكتها عمليات الشد وأصابع الصِباغ الاسود، مقابل وجه السيد الذي يفيض بعنفوان الشباب ووقار المشيب، ثم إلى لسانه حيث عجز البيان وصمت الذليل، يقابله فصل الخطاب في لسان السيد وصمت الحليم، ثم يعرف أن مشارق الأرض ومغاربها تنصت حين يطل السيد وتشرأب شوقاً أو مهابةً، فيقارن ذلك بطلته التي يدفع طائل الأموال ليشتري لها السامعون المعلقون، لكنه لا يعرف كيف يشتري لها المهتمون، حيث يتعامل معها الناس على أنها تخريفات معمر لا تنفع إلا للتندر والاعتبار، ثم يرى أن النصر يحاول جاهداً اللحاق بالرجل وأن يكون في طاعته دوماً وأن يبلغ همته، في حين ينظر هو إلى الهزيمة ،تلك العجوز الشمطاء التي تستوطن خدره كأجمل جميلاته، يطعمها الهوان ويسقيها البلادة حتى حملت لدرجة التورم،فتكاثرت له هزائماً وخنوعاً.
ثم تأتيه طامة كبرى، شابٌ أعلن التحدى منذ كان كولن باول منتشياً بالنصر، فتوعده بالهزيمة، في حين أن كل قصور المملكة تقرأ كل ما تحفظ من تعويذات السحر حتى تستعين على التملص من توبيخٍ وتقريعٍ إن واعدها باول بلقاء أو من خلفه، ثم زاد الطين بلة فكشف عوراتنا مصادر عزتنا وفحولتنا قادحاً في ذكورتنا فقال عنَّا أشباه رجال،وحين قررنا اقتلاعه لم تهتز له قصبة، رابط الجأش يتفرس في وجوهنا كأنه يتوعدنا بالموت رغم أن خناجرنا في ظهره،أرسلنا له عبيدنا من جهلاءٍ بؤساءٍ يمقتون حياتهم ويتوهمون الجنة،فأمددناهم بالمال والسلاح ،وفتاوى لشدة غبائهم ظنوها مفاتيحاً للجنة، وظل صامداً ، في حين أننا ترتعد فرائصنا وتصطك ركابنا لو سمعنا أن امرأة قادت سيارة، وتكسر حاجز الخوف وتعلن التمرد، فنهرول بالعقوبات الدنيوية، ونهريق الفتاوى بعقوباتها الآخروية، ثم داهية الدواهي التي اسمها إيران، فكلما قطعت خطوة نحو المستقبل، ننظر إلى أنفسنا فنراها تعود إلى كهوف ما قبل التاريخ بسرعة قياسية، وقلنا في حقها كل شئ مشين، ولم يبق إلا أن نقول أن الله أصلاً ليس هو من خلق إيران ولا خلق الإيرانيين.
والآن بالعودة إلى منصة القضاء، نرى أن المتهم يعاني من فوبيا العزة والكرامة، فوبيا النصر والاستئساد،وشيزوفرينا الفئة الناجية ومحاباة الشيطان، واكتئاب ناجم عن جهلٍ بالمصير وبؤسه، ويعاني من حالة معقدة بين الرغبة في الانبطاح لكل عدوٍ ولو عابر سبيل كـ (إسرائيل) والقدرة على الانبطاح، ولكنه مؤخراً بدأ يقتدر، فبدأت الخلوات اللاشرعية في مواخير تل أبيب، فهل تصلح تلك الوصفة لتبرير الفعال، ومعاداة محور أبى إلا أن يقاوم، قطعاً لا، حتى بروح القانون، وقيل ” لو أنصف الناس لاستراح القاضي”، لكن هؤلاء المتعِبون لا يريدون لنا راحة ،إلا أن نزج بهم في زنزانة التاريخ المنسية، وأن يصبح النفط سجاناً لها،فنكتب يوماً مَلكٌ سجانه عبده.

» سوريا: استشهاد القاضي موفق نفاخ
» إعدام القاضي الذي حكم على صدام حسين بالاعدام
» عاجزون لكنهم يصرخون ...بقلم: شارلوت القاضي
» "كان الناس أمة واحدة فاختلفوا"
» قرار بإسناد وظيفة نائب عام للجمهورية إلى القاضي خلف حسين العزاوي