إيران و الهولوكست ، لنطرح الأسئلة ..!

إيران و الهولوكست ، لنطرح الأسئلة ..!

الثلاثاء , 11 شباط / فبراير 2014

إيران و الهولوكست ، لنطرح الأسئلة ..! Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvbWVwYW5vcmFtYTExMjIwMS5qcGc%3D

أحمد الحباسى تونس
منذ أيام أعاد وزير الخارجية الإيراني طرح مسألة الهولوكوست على الأنظار العالمية على اعتبار أن الصهيونية العالمية قد نجحت تماما في إعطاء بعد عالمي لهذا الفاصل التاريخي في حياة الشعوب كما يقول جون مارى لوبان الزعيم اليميني الفرنسي ،الرؤية الإيرانية لا تحمل عداء لليهود ، هذا أمر طبيعي في كل الدول العربية ، لكنها لم تكن تعترف بمحرقة اليهود كما يقول الرئيس الإيراني السابق السيد محمود أحمدى نجاد ، و كما يقول الكثيرون في الغرب نفسه مثل الكاتب و المستشرق الراحل الفرنسي رجاء قارودى ، في حين أن السيد حسن روحاني يختلف في بعض الجزئيات مع السائد في الأوساط الإيرانية الرسمية و الدينية على حد سواء بكونه ” يعترف ” بما حصل لليهود على يد النازية .
يقول السيد محمد جواد ظريف ، وزير الخارجية ، في مقابلة مع قناة التلفزيون الألماني فينيكس منذ أيام ” أن المحرقة النازية بحق اليهود كانت مأساة وحشية مشئومة ينبغي أن لا تتكرر ، مضيفا ، ليس لدينا شيء ضد اليهود و نكن لهم الاحترام داخل إيران و في الخارج …”، بطبيعة الحال ، هذا التصريح له “أعداء” في الداخل و الخارج الإيراني ، في الداخل لان البعض في المؤسسة الدينية يعانون من قصور في فهم وقائع التاريخ و يخلطون بين إحساسهم من ظلم اليهود في فلسطين و بين ما حصل لهم في فترة معينة من حكم النازية الألمانية ، في الخارج لان الأنظمة العربية و خاصة أجهزة الكذب الإعلامية تبحث عن كل الذرائع الساقطة للهجوم على السياسة الإيرانية الخارجية باستحضار بعض الأرواح الشريرة التي تستنتج عبثا و نفاقا أن هذا الموقف الإيراني هو نتيجة تحول في السياسة الإيرانية نحو الصهيونية و مفاتيح السياسة في الغرب على حساب الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية و من القضايا العربية بصورة عامة .
من الأهمية بمكان أن نطرح السؤال هذه المرة بكامل الشفافية والوضوح، هل يمثل الموقف الإيراني تحولا في السياسة الإيرانية ؟ ثم ما هي السياسة الإيرانية التي يرى البعض تحولا فيها ؟ و هل يمكن للسياسة الإيرانية أن تتحول أصلا ؟ ما مصلحة إيران من أي تحول في سياستها ؟ …أولا ، لا يمثل الموقف الإيراني في جميع تفاصيله المعلنة أي تحول في السياسة الإيرانية ، على أساس أنه موقف مبدئي تقره الإنسانية نحو أي شعب مظلوم في فترة معينة ، نقره للشعب الفلسطيني ، للهنود الحمر السكان الأمريكيين الأصليين ، للشعب الأسود في القارة الإفريقية ، للشعب الأرمنى الخ … و إيران الرسمية عندما تعبر عن “مشاعرها” بهذه الطريقة العلنية فهي تعطى درسا للعالم بكونها دولة تحترم المشاعر الإنسانية و تطبق التعاليم الدينية التي حرمت الظلم و المظلومية ، ثانيا ، السياسة الإيرانية و لئن يمكن أن تتغير في بعض التفاصيل بحكم مفهوم التحول في المواقف الذي تفرضه السياسة في بعض الأحيان لا تتحول في عناوينها الكبرى ،و أحد العناوين هي القضية الفلسطينية .
لا يمكن للسياسة الإيرانية أن تتحول في المطلق ، ليس لان إيران ليست لها مصالح بالإمكان أن تغير سياستها الخارجية أو أن الظروف تفرض عليها مثل هذا التغيير ، المشكلة أعمق من هذا لان الموقف السياسي الإيراني من الهولوكوست هو موقف يتعلق بالمبادئ الإنسانية الكونية المستقرة و مخالفة إيران لهذه المبادئ يجعلها منبوذة فكريا و أخلاقيا في العالم ، لكن إيران بقدر ما يمكنها أن تغير موقفها من مسألة مهمة كهذه أفلحت الصهيونية العالمية في جعلها من أهم المسائل قي العالم بحيث أن هذا الإعلان يخدم سياستها الخارجية و ينزع عن إسرائيل ورقة ضغط سياسية و أخلاقية تستعملها في صراعها المحموم ضد طهران فانه بالمقابل لا يمكنها أن تغير سياستها الواضحة المستقرة نحو المقاومة أو نحو القضية الفلسطينية لان هذه السياسة لها أوجه عديدة تقوم على المساندة السياسية المطلقة و المساندة العسكرية و المساندة اللوجيستية و الإعلامية بما يمثل سلة من الخيارات المتكاملة التي تمثل جوهر الموقف الإيراني .
في المنطقة العربية هناك خياران لا ثالث لهما ، الأول ، خيار المقاومة ، الثاني خيار الخيانة ، إيران تمثل الخيار الأول بطبيعة الحال سواء من حيث مشروعها السياسي أو من حيث كونها جزءا لا يتجزأ من محور المقاومة المتمثل في إيران ، سوريا و حزب الله إضافة إلى السودان و الجزائر بدرجة أقل ، هذا الخيار الذي يقلق الغرب و الخليج بالتساوي هو خيار استراتيجي لا رجعة فيه بالنسبة للجانب الإيراني لأنه لا يمكن رؤية إيران بجانب النظام السعودي مثلا أو حليفا لقطر أو للأردن حتى على سبيل الدعابة السوداء ، و عندما تختار إيران حلف المقاومة فأنها تختار الطريق الصعب الذي يجلب الصداع الصهيوني و التشنج الخليجي المشبوه و بالتالي فان التصريح الإيراني حول الهولوكوست هو تصريح محدود في الزمان و المكان.
لا مصلحة لإيران في تغيير سياستها أو تغيير تحالفها مع المقاومة العربية في أوسع عناوينها لان الشعوب العربية تنظر إليها بعين الاحترام على عكس ما يروجه إعلام الخليج على لسان بعض المأجورين من الأقلام و من الساسة المتعاونين مع المشروع الصهيوني في المنطقة العربية ، و لعل هؤلاء الذين يتنزهون في تل أبيب يوميا على الأقل بالوجدان لا يمكنهم إعطاء الدروس المسمومة للمقاومة و عرينها الإيراني خاصة بعد أن مول النظام الخليجي عملية تدمير معقل مهم من معاقل المقاومة العربية الحرة و هي سوريا ، يبقى أن السياسة الإيرانية كما السياسة السورية تعطيان يوميا للعرب و للعالم دروسا في كيفية التعامل مع الغرب دون التنازل على الحقوق العربية الثابتة و دون المس من السيادة الوطنية .

» عار الدولة المارقة وغسيلها، الأسئلة.. بانتظار المساءلة!
» «إسرائيل» لأميركا: إيران ثمّ إيران ثمّ إيران!
» متى نصدق إيران
» حماس: الرحيل إلى إيران !
» إيران … صندوقان سوريان!