حمدي قنديل ، لماذا لم يأت إلى سوريا ؟

[size="24"]
حمدي قنديل ، لماذا لم يأت إلى سوريا ؟

أحمد الحباسى تونس

ما يحدث في مصر هو انقلاب عسكري تحول إلى حكم ديكتاتوري يقتل الشعب المصري ، ما يحدث في مصر هو انقلاب على الشرعية ، ما يحدث في مصر هو رجوع حكم حسنى مبارك للسلطة بأشكال أخرى ، جبهة الإنقاذ المصرية هي مجموعة متآمرين ، حركة تمرد هي حركة مرتبطة بالمخابرات الأمريكية ، الإخوان هم أكثر الناس ديمقراطية و إصلاحا في مصر، حكم مجمد مرسى هو أصلح حكم لمصر ، الإخوان يتم اضطهادهم ، القنوات الدينية التابعة للإخوان لا تنطق إلا بالفضيلة ، حمدي قنديل كاتب عميل للموساد .
هذا نزر قليل مما يقال ، هذا ما يكتب في الصحافة ، هذا ما تنقله وسائل الإعلام ، و السؤال ، أو الأسئلة المطروحة ، أين الحقيقة ، كيف نعرف الحقيقة ، و لماذا يجب علينا البحث عن الحقيقة ؟ … ثم ما هو دور الإعلامي و الصحفي في البحث عن الحقيقة المجردة ، مع أن البحث عن الحقيقة في المسائل و الأحداث الدولية أمر يشبه المستحيل خاصة في حالة تشابك المصالح و خفايا النوايا و تداخل الأطراف المتصارعة في المنطقة العربية ، ثم هل هناك مسؤولية أخلاقية تحمل على وسائل الإعلام حتى يقتصر دورها على نقل الحقيقة المجردة دون تعمد تزييفها بحجة لم تعد تقنع الكثيرين تقول ” الخبر مقدس و التعليق حر ” ، ثم في نهاية الأمر ، لماذا لا ينحاز الصحفي في بعض الأحيان إلى مصير أمته و ما يحدث لها حتى من باب التعلق بالمصير العربي المشترك أو من باب أنصر أخاك ظالما أو مظلوما .
]هناك هجوم إعلامي على الأمة العربية ، تحالف إعلامي دولي على القضايا العربية ، ما نقوله ليس من باب الاقتناع بنظريات المؤامرة في كل شيء ، ما نؤكده تتحدث عنه وسائل إعلامية غربية و تتداوله عديد الوثائقيات المدعمة بالحقائق و الأدلة و القرائن ، هذا ما حدث قبل و بعد الحرب على العراق ، هذا ما حدث قبل و بعد “اقتحام” قوات الناتو للجماهيرية الليبية ، هذا ما حدث قبل و بعد اغتيال رفيق الحريري ، هذا ما حدث قبل و بعد انقسام السودان إلى دولتين متخاصمتين ، هذا ما حدث قبل و بعد حرب تموز 2006 ، هذا ما حدث قبل و بعد الاتفاق النووي الإيراني الغربي ، هذا ما يحدث ، و السؤال إذن ، لماذا لم يأت السيد حمدي قنديل إلى سوريا للقيام بمهمته الإعلامية ، المهمة المقدسة التي تدعوه إلى تحرى الحقيقة المجردة حول ما يحدث و ما حدث فعلا في سوريا .
لا يهمنا عماد الدين أديب مثلا ، فهو إعلامي الثلاثة ورقات كما يقال بلغة الإخوة في مصر ، كان مع مبارك ، و قبله مع السادات ، في فترة الرؤية و الشك مع مبارك و مع الثورة ، لاحقا مع الثورة ، لاحقا مع الإخوان ، لاحقا مع تمرد ، لاحقا مع الفريق السيسى ، و ربما مع الاحتلال الأمريكي لو جاء إلى مصر ، هذا هو عماد أديب بهدووووء ، لكن السيد حمدي قنديل ، كان يتحدث بقلب و ضمير المتعلق بالمقاومة ، هذا لم يفرض عليه فرضا ، و حب المقاومة من الإيمان و يولد بالفطرة ، فهل أصبح سماحة السيد حسن نصرالله عميلا للصهاينة مثلا حتى تغير موقف السيد قنديل ، هل أكتشف الرجل أن انتصار تموز 2006 كان انتصارا مزيفا ، هل خرجت وثائق ويكيليكس بما يوهن موقف المقاومة ، ثم هل أن بشار الأسد الذي حاوره السيد قنديل عن المقاومة و عن حلف المقاومة و عن رفضه لوجود إسرائيل و عن وقوفه ضد الولايات المتحدة الأمريكية و عن وجود استهداف غربي صهيوني خليجي لسوريا ليس هو بشار الأسد الذي يقف مع المقاومة و يعاند المشروع الأمريكي الصهيوني الخليجي اليوم في المنطقة العربية ، ألم تعد المقدمة الطويلة العريضة التي قدم بها سماحة السيد أو الرئيس بشار الأسد و قال فيهما ما لم تقله المعلقات السبعة صالحة .
في حقيقة الأمر ، هناك من كان خطه المهني مع المشروع الصهيوني ، من البداية ، هؤلاء معلومون و لا نحتاج إلى توجيه الأصابع إليهم ، و هناك من كان خطه مع مشروع المقاومة لكن بطريقة مخاتلة مخادعة ، و هناك من هم مع المقاومة قلبا و قالبا و هم قلة قليلة يصارعون تيار العمالة و التآمر الإعلامي العربي ، و أحيانا ينهزمون لان الكثرة تغلب الشجاعة كما يقال ، السيد حمدي قنديل كان يجلس في مقعد المخاتلين المخادعين ، لم تكن له معركة مهنية لنصرة القضايا العربية بل كل ما كان يحدث هو صراع افتكاك مراكز لان النظام المصري السابق قد طوقته منظومة إعلامية لها رموزها و “كتابها” و “فنانوها” و ” أدباؤها” لم تكن مستعدة أن تعطى مكانا للسيد قنديل لأسباب يعلمها صفوت الشريف مهندس بطانة الفساد الإعلامي المصري الذي انتهى بحكم الرئيس مبارك إلى مزبلة التاريخ و بحكام مصر إلى مزرعة طرة
في مصر ، هناك أقلام لا تحتمل أن تركن جانبا ، و هناك أقلام ترفض منطق “التداول السلمي على السلطة الرابعة ” و هناك أقلام تتعامل مع كل الوضعيات و تقبل بكل الأنظمة و اختلاف الليل و النهار في تبدل المواقف ، و هناك أقلا م تنتقل بسرعة من موقف بطانة النظام إلى موقف العداوة مع النظام ، هذه الفئة الأخيرة هي من ينتمي إليها ” قلم الرصاص ” الذي يكتب به السيد حمدي قنديل ، و هذه الفئة تحديدا خطيرة بكل المقاييس لأنها قادرة على الانتقال من “مبدأ” إلى “مبدأ” آخر معاكس بسهولة عجيبة من الممكن أن تقنع المتابعين على اعتبار أن هؤلاء المنقلبين يسوقون أن طردهم قد تم بسبب “مبادئهم ” و أن رفضهم “الركوع” هو سبب إقالتهم و أنهم يدفعون ثمن مواقفهم .
ما ضر “قلم الرصاص” أن يأتي إلى الحقيقة في سوريا ، على الأقل من باب المهنية الإعلامية الصادقة التي كان يتحدث عنها ، ما ضر السيد حمدي قنديل أن ينصف الحقيقة بأن ينقل بكامل الموضوعية و المهنية ما يحدث في سوريا ، أن يشير بصدق إلى أخطاء النظام بنفس الصراحة المطلوبة من الشرف الإعلامي ، أن ينقل الواقع السوري بكل تضاريسه السياسية الإعلامية الاقتصادية الأمنية ، أن يتحدث بعين الشاهد الصحفي الغير متحيز عما يحدث فعلا في سوريا ، أن يبحث عن هذه الجماعات الإرهابية ، عن حقيقة ” الثورة” السورية ، عن علاقتها بالموساد ، عن طبيعة ” الجهاد” الذي يحدث ، عن حقيقة الدور التآمري الخليجي في سوريا ، عن الدور التركي القذر ، عن خفايا الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الجماعات الإرهابية ، عن دور تيار سعد الحريري في نقل المسلحين لقتل الشعب الشورى ، و كان يمكن أن نقتنع لو وجه السيد حمدي قنديل ساعتها أصابع الاتهام إلى النظام السوري بكل ما يحدث .
في عرف الإعلام لا توجد حقيقة كاملة ، لكن الإعلام الصادق يبقى رغم ذلك مهنة البحث عن الموضوعية و الحقيقة ، و في الحالة السورية ، هناك أخطاء فادحة للنظام ، هذا ما يقوله أصحاب الشأن أنفسهم في سوريا ، و ما ينقله الإعلام السوري نفسه ، لكن في سوريا أيضا هناك مؤامرة و هناك أجندة صهيونية تنفذ بأيادي خليجية متآمرة على كل القضايا العربية دون استثناء ، و المال الخليجي هو الوسيلة التي تنفذ المؤامرة الصهيونية ، و حكام الخليج دون استثناء عملاء و خونة لان القواعد الأمريكية ليست وهما ، و السلاح الذي يوجه للصدر السوري ليس وهما ، و “قرارات ” الجامعة العربية ليست وهما ، و ” مقررات ” القمم الخليجية ضد سوريا ليست وهما ، و إعطاء الغطاء السياسي الخليجي لضرب سوريا عسكريا ليس وهما ، و ” نزع” مقعد سوريا في الجامعة العربية ليس وهما ، و فرض الحصار الاقتصادي لتجويع الشعب السوري ليس وهما ، و الإصرار على مواصلة الحل ” العسكري” لإسقاط النظام ليس وهما ، و حتى عمى الألوان الذي أصاب السيد حمدي قنديل ليس وهما أيضا .

» لماذا لا نفاوض - ناصر قنديل
» لماذا على سوريا اراحتهم ؟ ناصر قنديل
» ناصر قنديل:لماذا الحسم متأخر في سوريا ؟
» ناصر قنديل : لماذا؟
» لماذا فلسطين ؟ - ناصر قنديل