حزب الله ، لن يرد طبعا

حزب الله ، لن يرد طبعا

أحمد الحباسى تونس
الرد في الوقت المناسب ، هكذا يقول أهل الحل و الربط في سوريا ، في حزب الله ، في إيران تحديدا ، أقول تحديدا ، لان “البقية” من أنظمة العرب لا علاقة لها بالرد و لا بالرد في الوقت المناسب لأنها جزء لا يتجزأ من المشروع الصهيوني باستثناء نظام أو نظامين عربيين على الأقصى ، المشكلة أن هناك من يسخف إلى أقصى الحدود هذه المقولة المتكررة و ينطلق منها إلى التدليل على كونها مقولة للاستهلاك المحلى و أن سوريا مثلا قد تركت الجولان بمحض إرادتها للعدو و لا مجال لكي ترد اليوم … أو في الوقت المناسب .بالأمس ، حصل اغتيال الشهيد حسان اللقيس ، تحدث أغلب المحللين ، بمن فيهم السيد وئام وهاب على قناة المنار على أن الرد سيكون مرة أخرى في “الوقت المناسب” ، بطبيعة الحال ، قناعتنا الراسخة أنه لا سوريا سترد على الانتهاكات الصهيونية و لا حزب الله سيرد على اغتيال الشهيد اللقيس ، بمعنى أن الرد ، و كما هي قناعتنا دائما ، ليس فعلا عاطفيا ظرفيا أو مشكلة مزاج متحول ، الأمر على غاية من التعقيد ، و الذين يقفون على رأس هرم محور المقاومة يدركون حقائق مختلفة كثيرة لا نعرفها ، هذه الحقائق هي من تحدد طبيعة الرد و طبيعة الوقت المناسب ، أول هذه الحقائق المكشوفة ، التي يتغافل عنها كثير من اللائمين الموتورين ، أن سوريا “مفتوحة” على أكثر من جهة إقليمية عربية معادية ، هذه الجهات الإقليمية لها مصلحة معلنة في التحالف مع العدو الصهيوني لإسقاط نظام حزب البعث في سوريا لأنه يحمل عقيدة مقاومة متجذرة ضد إسرائيل ، لذلك ، فمن الصعوبة بمكان أن تقوم سوريا برد عسكري مباشر على إسرائيل دون توفير حماية معينة ، هذا ما تعلمه إسرائيل و ما يجعلها تتجرأ على سوريا .
حزب الله لن يرد على اغتيال اللقيس ، لاحظ الجميع شبه حالة الصمت المطلق التي تبعت عملية الاغتيال ، قناة “المنار ” لسان حال الحزب لم تفرد تغطية خاصة للحدث ، بمعنى أنه لم يكن هناك تصريح واضح في خصوص رد محتمل على عملية الاغتيال ، هذا ما كان متوقعا لعديد الملاحظين ، و هذا ما يفسر ارتباك بعض القراءات السياسية للحدث ، و ميلها إلى كثير من المبالغة سواء في إظهار ما ينسب من ضعف لجهاز أمن المقاومة ، أو من قدرة الحزب على التفاعل مع الحدث بعقلانية شديدة ، في كل الأحوال ، أصبح حزب الله مدركا مرة أخرى أن هناك تحالفا كبيرا لأجهزة مخابرات عربية – صهيونية- غربية يعانى من ضغوط معينة متعلقة بفشل المؤامرة على سوريا يريد إثبات وجوده و قوته بضرب أهداف معينة في لبنان بإمكان تحقيقها أن يضع الجميع على حافة الحرب الأهلية بما يسهل عملية إضعاف الأجهزة الأمنية اللبنانية و يوفر الفرصة لمزيد تمرير الجماعات الإرهابية إلى سوريا .
هناك مؤشرات تؤكد أن المخاض العسير الذي يمر به لبنان هو نتاج حالة من تشابك المصالح الأجنبية فرضت نفسها على الواقع اللبناني ، و لان سوريا لاعب أساسي في المنطقة، فالجميع يسعى لإسقاط هذه الورقة بكل الوسائل بحيث يفقد حزب الله الظهر الذي يستند عليه سياسيا و عسكريا و استراتيجيا ، و عندما تضرب السفارة الإيرانية في لبنان ، و يتم تفجير في الضاحية ، و اغتيال لهذا الكادر الحزبي المهم ، فهذه عناصر بتجميعها يمكن الانتباه إلى أنها ارتدادات لموقف إيران و حزب الله من الصراع الدموي في سوريا و رسائل مهمة من بعض الجهات الإقليمية تحديدا ، إسرائيل في طليعتها ، مفادها أن لهذه المساندة أثمان يجب أن تدفع و أن هذه الجهات المناوئة لها القدرة على ضرب الاستقرار في المنطقة بشكل يؤدى إلى زعزعة حلف المقاومة بما يمكن أن يدفعه إلى التهور حتى يسقط خيار جينيف 2 و تعود لغة المؤامرة و القتل مجددا إلى سوريا .
لن يرد حزب الله على اغتيال الشهيد اللقيس ، بل ليس مطلوبا منه أن يرد على هذه العملية الجبانة ، فالحروب أولويات ، و ترتيب لتلك الأولويات ، و الخسائر الموجعة في الحروب لن تدفع القيادة إلى التهور و الاندفاع الغير محسوب ، لان المشكلة ليست في عملية الاستهداف بل فيما يريده العدو من تلك العملية فعلا ، لأنه لا يمكن القبول بكون العدو لم يفكر في تبعات هذه العملية أو لم يضع في ذهنه هدفا غير معلن يريد تحقيقه ، من هذه الأولويات طبعا أن تخرج سوريا منتصرة في هذه الحرب ، لان هذا أكبر رد و في الوقت المناسب على كل العملاء الخليجيين ، من هذه الأولويات أن تتجنب إيران العقوبات الاقتصادية حتى يمكنها المساهمة بفاعلية في إعادة أعمار سوريا ، و هذا رد و في الوقت المناسب أيضا ، من هذه الأولويات أن تسقط رهانات 14 آذار على هذه المؤامرة و أن يسقط الرئيس ميشال سليمان من الوجدان العربي ليذهب إلى مزبلة التاريخ ، و هذا رد موجع سيعيد خلط الأوراق و التحالفات في لبنان من جديد ، من الأولويات طبعا أن تسقط حماس و هذا رد في الوقت المناسب على خيانة خالد مشعل لمحور المقاومة.
الوضع محتقن و خانق فعلا في لبنان و في المنطقة عموما ، هذا ما يقوله السيد حسن نصرالله من خلال خروجه إلى العلن منذ أيام ، و هذا في حد ذاته رد في الوقت المناسب على عمليات التفجير التي طالت الضاحية و رسالة موجعة معبرة للموساد الصهيوني ، فالمرحلة تستدعى طبعا حالة متصاعدة من التعبئة الذهنية و الأمنية ، لان التحديات مختلفة و متشابكة و تنذر بكثير من الخطر ، لكن من ينظر بموضوعية و عقلانية لمجريات الأحداث المتتالية في المنطقة يدرك حقيقة ناصعة البياض تقول أن حلف المقاومة قد حقق انجازات غير متوقعة ، و بحساب الربح و الخسارة ، فقد خرج محور المقاومة رغم بعض الصعوبات من عنق الزجاجة لان سقوط سوريا في أيدي النازية الصهيونية الغربية قد يكون نهاية القومية العربية و نهاية كل العروبة .
كشفت جامعة بحوث أمريكية عن التوصل لتركيبة كيماوية تغير سلوك البعوض في اللدغ ، حتى يحافظ البشر على ما لديه من مخزون الدم ، بطبيعة الحال ، نحن في حاجة أكيدة إلى هكذا عقار لتغيير سلوك الجماعات الإرهابية و بعض قطاع الطرق من حكام الخليج ، يقال أن أصل فريق حاكم في الخليج هو قاطع طريق ، و نحن في حاجة إلى هذه التوليفة الطبية حتى ندفع عن الشعوب العربية مصاصي الدماء الغربيين ، و لان البعض يفتقر إلى الاحتشام و “الدم” فهم يطالبون المقاومة بالرد في الوقت المناسب و الحال أنهم يقفون في نفس خندق الصهيونية العالمية ، لذلك نقول ، نحن لا نرد ، و لن نرد بالعنتريات ، ردود المقاومة هي النصر الناجز في كل معركة مفصلية ضد العدو ، ردود سوريا هي الخروج الأمن من هذه المؤامرة الدولية القذرة ، ردود إيران هي مزيد من النجاح العلمي و الاقتصادي ، ما أسهل أن نرد على عملية اغتيال ، لكن ما أصعب أن يحقق كامل محور المقاومة انتصار تموز 2006 ، و اللبيب من الإشارة يفهم

» ماجاء في خطاب الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله 30/4/2013 السيد نصر الله: دمشق لن تسقط عسكرياً
» حزب الله ينفي وجود ابن شفيقة "نصر الله" مع المخطوفين ويندد بمجزرة الحولة
» كلمة امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في الافطار المركزي للمقاومة 1-8-2012
» «كتائب عبد الله عزام» توجه رسالة الى الشعب اللبناني وحزب الله
» «أنصار الله» في اليمن على خطّ حزب الله، وانشقاقات داخل البيت السعوديّ