السيد نصرالله: السعودي لا يملك جرأة الذهاب الى حرب مباشرة مع احد بل يحارب بالواسطة
لفت الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الى ان “الاتفاق حول النووي الايراني له آثار وتداعيات كبيرة جدا، الرابح الاول منه هو شعوب منطقتنا لأن هناك جهات اقليمية ودولية كانت تدفع خلال السنوات الماضية باتجاه خيار الحرب من ايران وهذا الخيار ليس بسيطا ولا سهلا لان ايران ليست دولة ضعيفة او معزولة وكان لهذا الخيار تداعيات خطيرة على المنطقة”.
واشار نصرالله في حديث تلفزيوني، الى ان “اول تداعيات الاتفاق النووي دفع خيار الحرب على ايران الى مدى بعيد”، معربا عن “عدم اعتقاده ان اسرائيل قد تقدم على قصف المنشآت النووية في ايران دون ضوء اخضر اميركي”.
ورأى نصرالله ان “التفاهم الذي انتجه حوار ايران مع الدول الست كرس واقعا دوليا جديدا هو تعدد الاقطاب وما عاد هناك دولة واحدة تحكم العالم”، موضحا ان “ذهاب العالم الى قيادة متعددة الاقطاب يمنع الهيمنة والاستبداد الدولي ويعطي هوامش وهذا يعطي فسحة لدولة العالم الثالث”، معتبرا ان “هناك تحولات كبيرة في السياسة الاميركية في المنطقة والعالم، ومع العلم ان الاتفاق النووي مرحلي لكن البعض سارع للقول ان الاتفاق بين ولي الفقيه والشيطان الاكبر”.
واشار نصرالله الى ان “الحرب الاميركية على العراق فشلت وفي افغانستان، وقد وصلت اميركا الى حائط مسدود، وفي لبنان وغزة فشل مشروع الشرق الاوسط الجديد وحتى الان فشلوا في سوريا كما ان ايران صمدت بوجه العقوبات ولم يستطيعوا اسقاط النظام في ايران، بالمقابل الوضع المالي والاقتصادي في اميركا والدول الاوروبية المأزوم، وبالتالي هناك واقع اوروبي وأميركي جديد”.
ولفت نصرالله الى ان “الولايات المتحدة لا تريد ان تذهب الى حرب وهي تعبت من الحروب، وقد فُتح باب للتفاهم بالنووي وحصل تفاهم مؤقت”، مشيرا الى ان “الاميركيين كانوا يريدون فتح ملفات اخرى عند البحث بالملف النووي مع ايران ولكن الايراني اراد مناقشة الملف النووي، وليس مصلحة الايراني طرح كل الملفات على الطاولة، والايرانيون اصروا على ان يكون التفاهم على الملف النووي”.
واوضح نصرالله ان “خطاب ايران كان دائما ان مشكلتنا مع الاميركيين تختلف عن مشكلتنا مع الاسرائيليين، لذلك الموقف الايراني من اسرائيل حاسم ولم يتغير”، مشيرا الى ان “في الموضوع الاميركي كان الايرانيون يقولون انه عندما يعترف الاميركيون بحقوقنا ويصبحون جاهزين لاعطاء شعوب المنطقة حقوقهم فنحن جاهزون للحوار مع الاميركيين”.
ورأى نصرالله ان “هناك تحول عند الاميركي لكن الايراني لا زال حيثما كان”، معتبرا ان “من المبكر الكلام عن تطبيع بين البلدين وهناك الكثير من الملفات العالقة”، معربا عن “عدم اعتقاده ان الامور ذاهبة للتطبيع قريبا”.
ولفت نصرالله الى ان “ايران منذ سنوات تسعى لفتح الابواب مع السعودية وللتحاور ولكن كل المحاولات لفتح الابواب فشلت، والسعودية هي التي تقفل كل الابواب”، مشيرا الى انه “حصلت مبادرة باكستانية قبلتها ايران لكن السعوديين رفضوها”، مؤكدا ان “ايران لم تقطع يوما العلاقات مع جيرانها ولكن المشكلة عند الفريق الآخر”، موضحا ان “ما يفعله وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف هو استمرار للموقف الايراني وهو يريد طمأنة السعوديين ان لا شيء على حسابهم”.
واشار نصرالله الى ان “قبل وفاة الامير السعودي نايف بن عبد العزيز، وزير الامن الايراني زار السعودية والتقاه وكان يحاول خلق جو للتفاهم لكن الجو كان سلبيا مئة بالمئة”، موضحا ان “السعودية منذ البداية تعاطت مع ايران على انها عدو، وحرب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على ايران كانت بدفع من السعودية وتمويل منها، فشلت الحرب لكن من دفع ثمنها الشعب العراقي والايراني وايضا الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، واول من دفع الثمن بعد الحرب هي دول الخليج بهجوم صدام على الكويت”.
كما اشار نصرالله الى ان “السعودي لم يتوقف بل أكمل ولم تهدأ الحرب السعودية على ايران منذ 1979″، معتبرا ان “السعودي لا يملك جرأة الذهاب الى حرب مباشرة مع احد بل يحارب بالواسطة ويدفع امولا ويحارب بالواسطة في سوريا وايران والعراق ولبنان”.
واعتبر نصرالله ان “المشكلة جوهرية بين ايران والسعودية، وكلام الوليد بن طلال ليس رأي اهل السنّة والجماعة، ومشكلة السعودية مع ايران ليست مذهبية فالسعودية سابقا كانت لديها مشكلة مع مصر ومع اليمن ومع سوريا وهذه دول لا يحكمها لولي الفقيه، وليس مذهبها شيعي”، لافتا الى ان “السعودية لا تقبل شريكا بل تريد ان تكون كل دول المنطقة العربية تابعة لها”.
وكشف نصرالله عن “انه استقبل موفدا قطريا منذ ايام”، موضحا ان “قطر في الاوانة الاخيرة ربما تعيد النظر بموقفها في المنطقة واستراتيجيتها، وهي قامت بمبادرة طيبة حول مخطوفي أعزاز ونحن فعلا لم نسبب بمشكلة مع أحد ولم نسء لأحد”، مشيرا الى “اننا دائما دعونا لحل سياسي في سوريا، وبقي خط بيننا وبين قطر دائما لكن بالسياسة كنا مختلفين”.
ورأى نصرالله ان “الخيار العسكري في سوريا غير مجدي واسقاط الوضع القائم غير مجدي”، داعيا بالتالي كل الدول التي لها علاقة بما يجري في سوريا الى “العمل لحل سياسي”، موضحا ان “هكذا بدأنا نبحث مع قطر ثم تكلمنا عن ابعاد لبنان عن المشاكل”.
ولفت نصرالله الى انه “لم تنقطع اتصالاتنا مع تركيا وكانت تحصل لقاءات مع السفير التركي إينان أوزيلديز ولا شيء جديد بعلاقتنا مع الاتراك”، مشيرا الى ان “هناك محاولة واضحة من الاتراك بعد تطورات سوريا لاعادة ترتيب العلاقات لأنه برأي الاتراك خسروا كثيرا فكانت علاقتهم مع لبنان والرئيس السوري بشار الأسد وايران قبل الازمة السورية ممتازة، لكن الان هم خارج سوريا وبمشكلة كبيرة مع العراق وبردت العلاقة مع ايران الى حد شبه قطيعة وفشل مشروع الاتراك بسوريا واين تركيا بمصر والمنطقة؟ فهي تضررت خارجيا وانعكس ذلك على وضعها الداخلي”.
واكد نصرالله ان “موقف ايران العقائدي من اسرائيل لن يتغير، وموقفها من المقاومة لن يتغير، وفي الملف الفلسطيني ايران لا تتنازل عن موقفها”، معتبرا ان “لا افق للتسوية بالملف الفلسطيني الاسرائيلي، فمسار التفاوض لم يوصل الى الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية”.
ولفت نصرالله الى ان “ايران دولة اقليمية كبرى وهي الاشد تأثيرا بالمنطقة اليوم وهي تتشاور معنا وهناك امور قد تتبنى رأينا بالكامل وهذا الامر ليس فقط بالوضع اللبناني”.
واعتبر نصرالله ان “لو علاقة قوى 14 آذار بالسعودية كما علاقتنا بايران فما كان هناك مشكلة بلبنان”، مؤكدا ان “ايران لا تتدخل معنا في الملفات الداخلية ولا تقول لنا ادخلوا الى الحكومة”، موضحا ان”ايران في لبنان تريد ان تتفاهم الناس مع بعضها وان لا ينجر لبنان لحرب، ويا ليت لديهم ولي فقيه بالفريق الاخر”.
واشار نصرالله الى ان “ايران اخذت ما تريد بالاتفاق حول الملف النووي، والطرف الاخر يعتبر انه حصل على ضمانات ان ايران لن تحصل على سلاح نووي وليفرح بذلك، وهذا الاتفاق النووي لن ينعكس سلبا على سوريا ولا على لبنان”.
في سياق اخر، اشار نصرالله الى انه “عندما بدأت الاحداث في سوريا بقينا ثلاثة اسابيع دون اصدار موقف بانتظار جلاء الصورة لمعرفة طبيعة الاحداث، وفي المقابل عندما كنا نحاول توظيف صداقاتنا لتجنيب سوريا وكل القوى في المنطقة الذهاب في المسار الذي حصل لم يبق اي من اطراف المعارضة في سوريا وبعض قيادات جماعة الاخوان المسلمين وبعض الجهات المتطرفة كلها قامت بتهديدنا وكنا لم نأخذ موقفا سياسيا حتى مع ذلك اصدرنا موقفا بالدعوة للحل السياسي وتجنب الخيار العسكري”.
واوضح نصرالله انه “لم يكن لدينا اتصال مباشر مع المعارضين ولكن مع دول توصل الى هؤلاء المعارضين، والرئيس الأسد كان جاهزا للحوار ولاصلاحات كبيرة ولكن في المقابل كان جواب الكثيرين في المنطقة ان الامور تنتهي خلال شهرين او ثلاثة ولا داعي للحوار”.
واشار نصرالله الى ان “هناك دول بالمنطقة كانت تسير لاسقاط النظام السوري عسكريا وليست جاهزة للحوار، تطورت الاحداث في سوريا ولم نتدخل عسكريا، في البلدات التي يسكنها لبنانيون في القصير عندما كان هناك وجود للجيش السوري لم نتدخل لكن عندما اضطر الجيش للانكفاء اهل المنطقة لجأوا الينا وكان هناك 30 الف لبناني امام خيارين او يتركون قراهم واما يأخذون قرارا بالدفاع عن قراهم واخذوا القرار الثاني، وهنا يُسجل ان الدولة في لبنان لم تسأل عن اللبنانيين، وحتى الدولة تركت الحدود مفتوحة واغلب السلاح الي دخل الى المسلحين في القصير كان يدخل من البقاع والشمال”.
واوضح نصرالله ان “الناس بالقصير اخذت قرارا بالدفاع عن نفسها وارادوا تدريبا فدربنا وارادوا سلاحا فأعيطناهم، في البداية كان الناس من البلدة يقاتلون ولكن في ايار 2013 عندما تطور الموقف ووصل الى ان هؤلاء اللبنانيين المقيمون ما عاد لديهم القدرة للدفاع عن انفسهم واصبحت القصير قادة لآلاف المسلحين ووضع مشروع لاجتياح المنطقة، ولو لم يتدخل “حزب الله” لاجتاحت الجماعات المسلحة كل القرى في القصير ووصلت الى الحدود اللبنانية”.
ولفت نصرالله الى ان “هدم مقام السيدة زينب من المسلحين لكان تسبب بفتنة في المنطقة ونحن ارسلنا 40 الى 50 فردا فقط الى المنطقة لمساعدة من هناك للدفاع عن المقام”، مؤكدا ان “تدحرجنا في سوريا كان منطقيا وواقعيا”.
واشار نصرالله الى انه “في الاماكن الاخرى لم يكن لدينا قوات، ولكن تدرج الوضع”، لافتا الى ان “عشرات اللبنانيين قُتلوا مع المسلحين في سوريا، ولكن نحن نعلن عن قتلانا، وكنا بحاجة الى اعلان تدخلنا فنحن لا “نستحي” بالشهداء ونعتز بهؤلاء الشهداء”.
واوضح نصرالله ان “صورته مع المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية السيد علي خامنئي كانت قبل معركة القصير بسنتين”، مؤكدا “اننا لم ندخل الى سوريا بقرار ايراني بل بقرار ذاتي وما قيل عن طلب ايراني منا للتدخل غير صحيح”.
ولفت نصرالله الى ان “واقع الجيش السوري وطبيعة المنطقة دفعاه الى الانكفاء عن بعض المناطق، ولا صحة للكلام الى ان النظام سحب جيشه لاستدراجنا للتدخل”، مشيرا الى ان “اغلب المناطق الحدودية والقرى والمدن المحاذية لحدود العراق وسوريا سيطرت عليها الجماعات المسلحة وتحولت الى معسكرات وتم ارسال السيارات المفخخة الى العراق وبالتالي منذ بدء الاحداث السورية زادت الاعمال الامنية في العراق”.
واكد نصرالله انه “لو تخلينا عن واجبنا في القصير والقلمون فعشرات ومئات السيارات المفخخة كانت دخلت الى لبنان، وقد ذهبنا الى سوريا لمنع هذا الامر”، لافتا الى ان “السيارات التي انفجرت بلبنان جاءت من يبرود عبر عرسال”، متسائلا “اذا سقطت سوريا بيد الجماعات المسلحة ما هو مستقبل لبنان؟”.
ولفت نصرالله الى ان “رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والنائب عقاب صقر متورطان في ارسال مقاتلين وسلاح الى سوريا”، قائلا:”اسأل الفريق الاخر ما الضمانات التي يقدمونها لو انتصرت المعارضة؟”، مشيرا الى ان “نسبة التأييد في الشعب اللبناني لتدخلنا في سوريا اعلى من نسبة التأييد لحركات المقاومة من 1982 الى التسعين، سيأتي يوم نُشكر فيه على تدخلنا بسوريا”.
كما لفت نصرالله الى ان “بعض الجماعات في سوريا ما عادت تسيطر عليها المرجعيات الاقليمية ولكن الاخرى تسيطر عليها هذه المرجعيات”.