إتفاق أميركي ــ إيراني قبل الميلاد؟

إتفاق أميركي ــ إيراني قبل الميلاد؟

نبيه البرجي
في دمشق، ترك الاخضر الابراهيمي وراءه هذه الكلمات: الاتفاق الاميركي – الايراني سيرى النور قبل عيد الميلاد!
هوذا الحدث الذي قد يفضي الى اعادة هيكلة العلاقات الاستراتيجية في المنطقة، فالاميركيون والروس يتقاطعون في هذه النقطة الحساسة وهي ان الارهاب الذي لم يخلد الى النوم، كما كان يوحي مسؤولون عرب يشغلون مناصب استثنائية، تحوّل الى قوة ضاربة لها بناها اللوجيستية والعملانية العابرة للحدود…
اذاً، لا بد من رؤية استراتيجية مختلفة، ودون ان يجد الرئيس فلاديمير بوتين صعوبات حقيقية امام تلك المهمة التي طالما اعتبرت مستحيلة، اي اقناع الرئيس باراك اوباما بأن ايران لا تشكل، في اي حال، خطراً على المصالح الاميركية في المنطقة، فيما يؤدي استمرار القطيعة معها الى ارتفاع مستوى الاحتقان الايديولوجي، وبالتالي اتاحة الفرصة امام التنظيمات المتطرفة لكي تلعب على الخشبة، وتفرض حضورها على مجتمعات المنطقة التي يدرك الاميركيون مدى هشاشتها وقابليتها للتفكك.
قبل هذا كان للديبلوماسية الروسية ان تضطلع بدور محوري في اقناع طهران بأن الحصار دمر الاقتصاد الايراني، وقد يدمر المجتمع الايراني اذا ما بقي يتصاعد بالوتيرة المعروفة، ودون ان يبقى سراً ان ادارة اوباما رفضت كل ضغوط اللوبي اليهودي للتجاوب مع خطة بنيامين نتنياهو ضرب ايران، ولو اقتضى الامر اللجؤ الى القنابل النووية التكتيكية لكي تعيد الايرانيين مائة عام الى الوراء.
لا بل ان الروس يقولون ان اوباما كان حازماً في ثني نتنياهو الذي فكر في وقت من الاوقات في ان ينفذ عملية منفردة لا بد ان تستدرج الولايات المتحدة الى التدخل لان الصواريخ الايرانية ستتساقط في كل الاتجاهات. رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي استقبل وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل سمع منه كلاما واضحا وهو ان الولايات المتحدة ستمنع تنفيذ اي عملية عسكرية لا يتم التنسيق معها بشأنها لان المصالح الاميركية في الخليج خط احمر، احمر جداً..
بعبارة اخرى، وضعت ادارة اوباما تلك الـ«لا» العملاقة امام اسرائيل التي يفترض ان تبقى حيث هي، على شاطىء المتوسط وبعيدة عن شواطىء الخليج…
مثل هذا الامر يدركه مرشد الجمهورية علي خامينيئي الذي عندما قرر احلال حسن روحاني محل محمود احمدي نجاد لم يكن يقصد احلال رجل هادىء ومثقف محل رجل صاخب وشعبوي، بل كان يقصد شق الطريق امام فلسفة استراتيجية، وديبلوماسية، مختلفة..
وبالفعل فإن الرئيس روحاني كان يرغب في زيارة المملكة العربية السعودية علّ ذلك يفتح صفحة جديدة في العلاقات، ويؤدي الى استيعاب الايقاع الهستيري للتعبئة المذهبية، لكن المملكة كانت قد اتخذت قرارها، فهي لن تفتح ابوابها امام حسن روحاني الا اذا اقفل ابوابه في وجه بشار الاسد…
هذا لم يكن مقبولا، بطبيعة الحال، من الايرانيين الذين طالما ابدوا ذهولهم حيال تلك المحاولة التي بذلها احدهم لشراء فلاديمير بوتين، وهو الذي يفكر في بعث الامبراطورية الروسية المقدسة، دامجا بين مواصفات بطرس الاكبر وايفان الرهيب..
ولا ريب ان الموقف السعودي شق الطريق امام الديبلوماسية الروسية لكي «تشتغل» على خط واشنطن – طهران، وبعدما بدا ان النظام السوري الذي لم يفلح الدفع القطري في زعزعته سيتعرض، في المرحلة المقبلة، للدفع السعودي بالخبرة الطويلة، وبالامكانات المالية الهائلة، وبشبكة العلاقات الشديدة التعقيد، والشديدة الفاعلية.
ذات يوم سيقال انها اللحظة التي تغيّر فيها وجه الشرق الاوسط، ودون ان تكون هناك مبالغة في التوقع. قد يكون ما تنطق به سوزان رايس، مستشارة الامن القومي، هو الذي يعبّر بدقة عن الموقف الاميركي الذي اذ اعتبر ان تفكيك الترسانة الكيميائية السورية انتصار تكتيكي ومن دون اي خسائر، فهو يرى ان استعداد ايران للتعاطي بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، وبالتالي وقف الخط البياني التصاعدي في عملية التخصيب، انما يجسد تحولا استراتيجيا لا بد ان ينعكس ايجابا على مجمل المصالح الاميركية.
هذا مع اعتبار ان الاميركيين الذين طالما فاخروا بمصطلح «الفوضى الخلاقة» لاحظوا كيف تتفجر دول الشرق الاوسط، من سوريا الى العراق فمصر، ودون ان يكون هناك افق، ودون ان تكون هناك من ضوابط تجعل لعبة الدومينو تذهب في اتجاه اخر او تتوقف عند حد معين، لا بل ان التنظيمات الاسلامية المتطرفة راحت تتحدث عن مثلث دمشق – مكة – القاهرة، ومع يعنيه ذلك بالنسبة الى المصالح الحيوية للولايات المتحدة.
هذه مسألة ثانوية من تنازل لمن. الثابت ان ادارة اوباما فوجئت برد فعل الرياض التي طالما اشتكت من السياسات الحادة التي تنتهجها ايران والتي حملت السعودية حتى على الترويج لضربة عسكرية ضدها، فها ان الايرانيين يبدون الاستعداد للانفتاح والتفاهم حتى على المسألة الاكثر حساسية بالنسبة اليهم، اي البرنامج النووي، وبعدما كانت المملكة قد هددت، ولاغراض تكتيكية معروفة بطبيعة الحال، بامتلاك القنبلة اذا ما اصبحت بأيدي الايرانيين..
بوب ودورد سأل اذا كانت المملكة تخشى ان تكون ايران بديلا عنها في العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، فما هو البديل لدى المملكة اذا ما ادارت ظهرها للاميركيين؟ حتما لا يستطيع السعوديون الذهاب بعيدا في هذا الطريق، وهم الذين يعرفون ما تعنيه «العلاقات المقدسة» مع واشنطن. لكن ودورد يقول «اننا كلنا نتغير». استطراداً، أليس من الافضل ان يعود الشرق الاوسط الى الوعي بدلاً من تسليمه الى مصاصي الدماء؟
على امل ان تضاء الشموع ليلة الميلاد بشرق اوسط يتفلت من ايدي المجانين!!
الديار

» إتفاق إيراني ـ قطري ـ عراقي على الحل السياسي في سوريا
» إتفاق أميركي تركي لتدريب «المعارضة السورية» وتجهيزها
» تعاون أميركي روسي إيراني
» تعاون أميركي روسي إيراني - ناصر قنديل
» «طوق الياسمين» يُفشل «انتحاراً جماعياً» في ليلة الميلاد في دمشق