السعودية توغل و معضلة الرباعي الأقوى في خيار التأزيم

السعودية توغل و معضلة الرباعي الأقوى في خيار التأزيم

الدكتور عامر السبايله
إيقاعات الوصول الى بداية خارطة الطريق في جنيف بدأت بإلقاء ظلالها على جميع دول الاقليم.
الحديث عن السعوديين بات يشغل العالم هذه الايام خصوصاً بعد رفض السعودية شغل مقعدها غير الدائم في مجلس.
بغض النظر عن الذرائع التي ساقتها السعودية و بعدها او قربها من المنطق, فان أغلب المحللين يدركون ان القرار السعودي ناجم عن أزمة مركبة و معقدة تمر بها السعودية و رجالات حكمها على مختلف مستوياتها.
تبدد خيار الحرب على سوريا و تحقيق الولايات المتحدة لأهدافها في المنطقة عبر بوابة التسوية السياسية انعكس سلباً على مجمل المناخات السعودية.
السعودية اليوم تبدو و كأنها تدخل نفق مظلم قد يصعب الخروج منه لاحقاً.
كثير من القراءات اعتبرت ان السعودية أخفقت بالتقاط كثير من الرسائل التي تشير الى شكل التغيير الجذري الذي يجب ان تتبناه السعودية تجاه سياستها في سوريا. السعودية المنتشية من انتصارها في معركة المحور السني السني و التي شكلت من خلالها محور (الاردن السعودية الامارات) على حساب محور (قطر تركيا الاخوان المسلمين) لم تدرك ان الخروج الامن كان يتطلب استدارة سياسية تجاه ملف سوريا و تبعاته الاقليمية,حيث ان خيار التوغل في الأزمة كان سيقود السعودية فعلياً الى حالة من العزلة و يضعها في وضع لا تحسد عليه ..لماذا لا تملك السعودية اليوم القدرة على انجاز الاستدارة السياسية؟
يستغرب الكثيرون كيف للسعودية التي استطاعت الخروج من ازمات مشابهة في ثمانينيات القرن الماضي و حتى في العام 2009 ان تتبنى خيارات تصل في خطورتها الى المجازفة السياسية القريبة من الإنتحار من تهديد الولايات المتحدة و العالم و المضي قدماً في التطرف و المغالاة و دعم فصائل مسلحة و تنظيمات أصولية..
الاختلاف الأبرز اليوم ضمن المعادلة السعودية مرتبط تماماً بحلف القوى المتشكل في الداخل السعودي. فالجناح الخاسر على الصعيد الاقليمي هو التيار الأقوى داخلياً, و فكرة اقصاءه تبدو أصعب يوما بعد يوم.
الأمير بندر بن سلطان لا ينقصه الذكاء اللازم لتجاوز فكرة اقصاءه و اخراجه من المشهد السياسي كما حدث في العام 2009.
الأمير بندر شكل حلفاً داخلياً ضم أقوى أركان الحكم السعودي.
الحلف يبدأ برئيس الديوان الملكي خالد التويجري مروراً بوزير الخارجية سعود الفيصل وصولاً لابن الملك الأكبر متعب بن عبد العزيز. لهذا تظهر اليوم فكرة اقصاء تيار بندر بن سلطان على أنها معضلة حقيقية خصوصاً في ظل الوضع الصحي المتردي للملك عبد الله.
هذا الواقع الجديد يظهر تفرد مثلث الحكم الأقوى هذا بفرض رؤيته السياسية على واقع التحولات الأخيرة في المنطقة, و يبدو أن التقييم السوري لهذه الحالة هو الذي دفع الرئيس بشار الأسد لمهاجمة السعودية كاملة دون التفريق بين تياراتها كما كان سائداً في السابق. اشارات الرئيس الأسد شبه الايجابية اتجهت هذه المرة نحو قطر التي اعتبر الرئيس السوري ان تغيير حاكمها يجعل امامها فرصة حقيقية لتغيير سياساتها العدائية نحو سوريا
للأسف لم تدرك السعودية انها باتت تقدم كل المسوغات لتحولها الى عدو حقيقي للمجتمع الدولي الأمر الذي سيقودها في نهاية المطاف للتعامل مع خصوم سيسعون لإظهارها بصورة الدولة عدوة الحضارة الانسانية.
التأسيس لهذا الواقع بدأ مع كميات التحليلات الاستخبارية الكبيرة التي بدأت تشير علناً الى الدور السعودي في تأزيم الوضع في سوريا و العراق.
اما العزلة الدبلوماسية التي قد تتعرض لها السعودية فرمزيتها جاءت على لسان وزير الخارجية الروسي لافروف تعليقاً على رفض السعودية لمقعد مجلس الأمن.
من الملفت للنظر أيضاً أن البعض أشار الى ارتباط محتمل لهذا التصريح مع تفجير الحافلة الارهابي في سوريا و الذي جاء بعد اقل من 48 ساعة على كلام الوزير الروسي
هذه التطورات الأخيرة قد تنعكس على كافة حلفاء السعودية فالخيار السعودي قد يحمل تبعات قد لا يقوى محور حلفاء السعودية على مواكبته.
الخيار السعودي المتطرف قد لا يرشح السعودية لخسارة حلفاءها و بالمقابل قد يرشح ظهور لقاء مصالح غريب بين وجه التطرف الاقليمي الاخر ضمن المعادلة الاسرائيلية حيث يمثل نتنياهو وجهة نظر رافضة لموضوع التسوية , الأمر الذي دفع بتسيبي ليفني مؤخراً للتحذير بأن رفض اسرائيل لعملية السلام قد يرشحها للتعامل مع واقع فلسطيني مفروض عليها
الأردن – على سبيل المثال – حليف السعودية الرئيسي يقف امام مأزق سياسي حقيقي. الدولة الأردنية التي انتهجت سياسة ارضاء الجميع على مدار الأزمة السورية تجد نفسها اليوم في موقف حرج, فلا هي تقوى على مواكبة الخيارات السعودية المتطرفة و لا هي عملت على تهيئة الظروف للمضي قدما في تحالفات جديدة. ضمن هذه المعادلات الجديدة تظهر الامارات على أنها الأقدر على اعادة ترتيب اوراقها تجاه المرحلة القادمة, حيث تدرك الامارات ان الواقع الجديد يفرض حالة ديناميكية جديدة تستدعي حالة من المرونة السياسية و الذي قد تترجمه الامارات لاحقاً الى مبادرة عربية لرأب الصدع و اعادة ترتيب العلاقات الاقليمية
استمرار السعودية بالابتعاد عن المجتمع الدولي يعني ضمناً فرض واقع جديد على شكل المعادلات في المنطقة, قد يبدأ بفرض واقع جديد على طبيعة التعامل مع ملف المنطقة الشرقية في السعودية و يصل بلا شك الى اماكن أخرى على رأسها البحرين و اليمن.

» هذا هو القائد الأقوى في العالم
» معضلة الأسد في الحرب الأميركية على "الدولة الاسلامية"
» خفايا توغل قوة تركية داخل الاراضي السورية
» فصيل “الجيش الحر” الأقوى…إلى الهاوية در!
» توغل للجيش في المليحة ونحو سجن حلب