الملخص
- ما يهم واشنطن اليوم صار أبعد من مجرد إعادة التوازن للميدان السوري بحضورها المباشر على خط التدخل هو قدرة ردع يبدو لها أنها تآكلت لحد لا يبقيها قوة عالمية تدير العالم
- الخوف من الحرب والقلق من الهزيمة جعلا الضربة المحسوبة فرضية عسكرية أميركية يجري جس النبض لإمكانية سلوكها كطريق لإستعادة قدرة الردع وإعادة التوازن العسكري في سوريا ومعها ووصولا للتفاوض وليس للمواجهة المفتوحة
- الواضح أن قدرات سوريا وقرارها هما عدم فتح الباب للعبة تسويق الضربة المحسوبة ولا تبدو موسكو وطهران بعيدتان عن هذا القرار فيما ذهب حزب الله إلى الإستعداد لحرب حقيقية
- تضيق هوامش واشنطن ويضيق الوقت وعليها إما التراجع عن الخيار العسكري وإما المضي به وهي تعلم انه بوابة الحرب المفتوحة
- المخرج الوحيد من المأزق هو أن تستنجد واشنطن بموسكو لإيجاد مخرج العودة عن التصعيد
- موسكو لا تبدو متحمسة وواشنطن تتخبط وإن ذهبت للتورط فهي ستدفع اثمانا عالية وعليها الإكتفاء بالتصعيد و صرف عائداته في السياسة
- هل تحارب واشنطن ؟
- الجنون وحده يقول ذلك و الجنون فنون
النص الكامل
- عندما أعلنت واشنطن السلاح الكيميائي عنوانا لما اسمته بالخط الحمر كانت تدرك أن بيدها تصنيع ملف سوري إسمه الخطر على أو من السلاح الكيميائي كخيار إحتياطي يشكل عنوان التدخل العسكري إذا وجدت أن ظروف او ضروارته قد نضجت او كليهما
- حسابات الحرب الأميركية على سوريا اجريت منذ البدايات في محاولة لتكرار النموذج الليبي وكان الرهان على الغطاء العربي أن يمهد الطريق وأن يذلل العقبة الروسية الصينية التي لم يكن الحساب الأميركي قد وصل حد توقع بلوغها اللجوء للفيتو
- حسبت الحرب من خارج مجلس الأمن وتداعياتها وخصوصا النتائج المرتبة على دخول إيران وحزب الله على خط الحرب طالما أن كل الكلام الأميركي المعلن يقول أن احد اهم نتائج سقوط سوريا هو تقليم اظافرهما وقد اسهب بارااك اوباما فيما نشرته الصحافة العبريه عن حواره مع نتنياهو في شرح اسباب صرف النظر عن خيار الحرب وجاء إقصاء الثلاثي بانيتا وكلينتون و بتريوس من طاقم الإدارة تعبيرا عن اليقين بلا جدوى ومخاطر الذهاب للحرب
- إذن ماذا تريد واشنطن من إستحضار الكيميائي وصعود سلم الحرب ؟
- بعد الحملة الإعلامية والسياسية والديبلوماسية المكثفة التي قادتها واشنطن ومن خلفها جرت الدول التي شاركت في إجتماع قادة الجيوش في عمان وتداولت سيناريوهات عدة منها منطقة حظر جوي ومنها تقدم بري عبر الأردن وسط ضربات جوية وصاروخية وجرى إستحضار نموذج كوسوفو وكان السؤال إذا كان هذا ممكنا فلماذا لم يتم قبل عام وكانت المناخات أفضل عندما كانت تركيا في حالة صعود وكانت قطر في ذروة أمجادها وكانت مصر في قبضة الأخوان المسلمين وكانت المعارضة السورية بعد تفجير الأمن القومي وسقوط كبار الضباط السوريين شهداء والجيش مرتبك للوهلة الأولى ؟
- الأسباب التي حالت يومها دون الحرب لاتزال قائمة فماذا إذن ؟
- بعدما أنفقت واشنطن يومين كاملين لتسويق جديتها بالذهاب للحرب عادت لتنفق يومين كاملين في الترويج لمصطلح جديد هو أن ما نتحدث عنه هو ضربة محسوبة ومحدودة عقابا على إستخدام الكيميائي ولسنا بصدد حرب ولا تغيير النظام
- الكيميائي كعنوان تستخدمه واشنطن لكنه يحرجها فالعنوان يستدعي منها إنتظار نتائج التحقيق الأممي أولا وتنسيق رد اممي على من تثبت إدانته في تحقيق من هذا النوع
- الواضح أن تاخر واشنطن لطرح العمل العسكري ليس عائدا لتحسن ظروفه ولا تحسن ظروف حلفائها ولا هو نتيجة لتغيير معادلات منعته من قبل بل هو حصرا لتهاوي الخيارات التي كانت واشنطن تثق بفاعليتها وقدرتها على الحفاظ على معادلة توازن عسكري يفرض عقد جنيف لصناعة تسوية سياسية لها فيها مكانة مميزة وتحفظ فوق ماء الوجه المصالح
- الواضح أن السبب الوحيد هو أن الهزيمة العارية قادمة إذا بقي كل شيئ يسير كما كان قبل الهبة الأميركية العسكرية وهي هزيمة لا يمكن تحمل نتيجتها سواء على الهيبة الأميركية كقوة لا تزال تتصرف بإعتبارها القوة الأولى المقررة في العالم وصولا لمستقبل حلفائها في تركيا والخليج بعدما تكفلت بهم التطورات بمصر وتتهيأ لإطاحتهم في تونس وغيرها
- الواضح أن واشنطن صارت فجأة عارية مع تهاوي حلف الحرب الإقليمي وبقاء جماعة القاعدة وحدهم كجيش يقاتل في سوريا يضعها امام خيار واحد هو القبول بتعويم نظام الرئيس بشار الأسد و الإعتراف بشرعية نصره وإعتماده حليفا محوريا في الحرب على الإرهاب وإلا إستخدام القاعدة بواسطة بندر بن سلطان لإستنزاف الجيش السوري وحزب الله والبيئتين الشعبيتين المساندتين لهما وجاءت معارك القصير وريف اللاذقية لتكشف محدودية قدرة القاعدة على ما سمته واشنطن إعادة التوازن وبدا ان الجيش السوري يطلق هجوما معاكسا يغير المعادلة في ريف دمشق وحمص وحماة وبالتالي يكون بمستطاعه مواصلة حربه حتى القول إما جنيف بشروطنا اولا حاجة لجنيف
- الهزيمة الأميركية هنا هي هزيمة امام موسكو وبكين وطهران ودمشق معا ولذلك الهزيمة مكلفة فهل الخيار العسكري مكلف مثلها ؟
- إستبعد الخيار العسكري من قبل لأن كلفته اغلى من هدف غير قابل للتحقيق هو إسقاط النظام و أغلى من إنضاج سوريا لتفاوض تتكفل التحالفات الإقليمية الداعمة للمعارضة السورية بتحقيقه أما اليوم فلم يبق سوى إستحضار الخيار العسكري وإلا الهزيمة الكاملة وتداعياتها التي لا تحتمل
- ما يهم واشنطن اليوم صار أبعد من مجرد إعادة التوازن للميدان السوري بحضورها المباشر على خط التدخل وهو هدف حساس ومهم لها لكن ما هو اهم إستعادة قدرة ردع يبدو لها أنها تآكلت لحد لا يبقيها قوة عالمية تدير العالم وتملك سطوة تجعل عدم التجاوب مع طلباتها خسارة لا يمكن إحتمالها
- الخوف من الحرب والقلق من الهزيمة جعلا الضربة المحسوبة فرضية عسكرية أميركية يجري جس النبض لإمكانية سلوكها كطريق لإستعادة قدرة الردع وإعادة التوازن العسكري في سوريا ومعها ووصولا للتفاوض وليس للمواجهة المفتوحة
- الواضح أن قدرات سوريا وقرارها هما عدم فتح الباب للعبة تسويق الضربة المحسوبة وتحملها لمساعدة واشنطن على حل أزمتها ولا تبدو موسكو وطهران بعيدتان عن هذا القرار فيما ذهب حزب الله إلى الإستعداد لحرب حقيقية
- تضيق هوامش واشنطن ويضيق الوقت وعليها إما التراجع عن الخيار العسكري وإما المضي به وهي تعلم انه بوابة الحرب المفتوحة
- المخرج الوحيد من المأزق هو أن تستنجد واشنطن بموسكو لإيجاد مخرج العودة عن التصعيد بداعي الحصول على ضمانات بتحويل قضية الكيميائي إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا خلص التحقيق لإتهام الدولة السورية بإستعمال الكيميائي
- موسكو لا تبدو متحمسة وواشنطن تتخبط وإن ذهبت للتورط فهي ستدفع اثمانا عالية وعليها الإكتفاء بالتصعيد و صرف عائداته بما تيسر في السياسة بتسريع جنيف أو التشاور مع موسكو لتحويله مؤتمرا للشرق الأوسط والسلام فيه ومن ضمنه ملف سوريا وملف إيران والسلام العربي الإسرائيلي
- هل تحارب واشنطن ؟
- الجنون وحده يقول ذلك و سيكون جنونا بلا سوابق مشابهة إلا إذا تحول مدخلا للتسويات تحت مظلة مجلس الأمن بقرار يعقب الصلية الأولى والردود الموجعة عليها وتشترك هي إصداره والإلتزام بوقف النار على اساسه
28/8/2013
ناصر قنديل
nasserkandil@hotmail.com