رفع الجيش السوري من وتيرة عملياته العسكرية، في منطقة حزام دمشق الجنوبي الذي ضم مناطق مخيم اليرموك والحجر الأسود والحسينية والذيابية بالإضافة إلى ببيلا.
التصعيد الاخير في مخيم اليرموك، لم يكن إلا نتيجة معرفة دقيقة من الجيش السوري واللجان الشعبية الفلسطينية، أن نجاح الطوق الامني المفروض على الغوطة الغربية والشرقية، قلّل من فرص وصول الامدادات العسكرية وقلص من مساحة حركة المسلحين في المنقطة، ما سرّع في بدء عملية تحرير مخيم اليرموك.
العملية بدأت بعد إنذار أخير وجهته اللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية الى المجموعات المسلحة التي تسيطر على المخيم، للاستسلام أو الانسحاب منه أو الموت.
الخطة العسكرية اقتضت البدء بمعارك على ثلاثة محاور، وإطلاق عملية عسكرية على محور رابع، يساعد القوات المهاجمة على الوصل بالقفزة الاولى إلى وسط المخيم، وفق مبدأ السيطرة على حارة بعد حارة وشارع بعد شارع، وتقسيم المخيم الى ستة كتل نار، يسقط بعضها ضمن حصار خانق، ما يسرع في عملية الانهيار الكلي للمجموعات المسلحة.
وشهدت العملية خلال ساعاتها الاولى تقدماً ملحوظاً على كافة المحاور فقد تمت السيطرة على كتل جديدة من الابنية والاقتراب من ساحة الريجة والتمركز قرب البنك ومحلات علي بابا وتثبيت النقاط المحررة، واستهدفت اللجان الشعبية الفلسطينية أماكن تمركز عدد من القناصين ودمرتها من جهة شارع الـ30، وتم استهداف أماكن وتجمعات المسلحين بنجاح، وتدمير مقر لهم بالقرب من الخالصة ونفقان بشكل كامل واستهداف مافيه من مسلحي ما يسمى "جند الله" وأوقعتهم بين قتيل وجريح.
المسؤول العسكري للقيادة العامة خالد احمد جبريل، أبو العمرين قائد العملية العسكرية على الأرض، أكد لموقع "العهد الاخباري"، أن القفزة الاولى أسفرت عن تحرير ثلاثة من أهم المباني من ناحية شارع الـ 30 والتي تربط اليرموك بالـ 30، حيث يمتد أسفلها نفق للامداد. وبذلك تكون المجموعات المسلحة قد خسرت واحداً من أهم نقاط التمركز والتي ستؤدي الى السيطرة الكاملة على ساحة الريجة.
من يشاهد ويسمع عن المعارك في المخيم، يدرك بطبيعة الحال، الاهمية العسكرية لهذه المعركة، خصوصاً المجموعات المسلحة، التي تسعى للسيطرة عليه بشكل كامل، فهو بالنسبة لها قاعدة الانطلاق والنقطة الاستراتيجية لها على أبواب دمشق، وتعتبر السيطرة عليه بمثابة السيطرة على خط إمداد أساسي لمعركة دمشق، التي تسعى المجموعات المسلحة لإعادة تفعيلها.
إن الهدف بالنظرة العسكرية لمعركة اليرموك، هو حصول المجموعات المسلحة على قاعدة لمسلحيها، حيث تحاول محاصرة الجيش السوري داخل العاصمة، وتخفيف الضغط عن مقاتليها في الريف الدمشقي، وبالتالي، فتح نافذة لهم لمحاولة محاصرة دمشق من تلك الناحية، ما سيسهل عملية اقتحامها، بالإضافة لتنشيط الخلايا النائمة في العاصمة، وبالتالي فتح حرب استنزاف وحرب عصابات جديدة على الجيش السوري يمكن من خلالها فتح ثغرة لدخول العاصمة، ما دفع اللجان الشعبية الفلسطينية بمساندة الجيش السوري لبدء معركة تحرير المخيم، وبالتالي القضاء عليها وإفقادها عنصر الارض وإخراجها من المخيم، ما سيؤثر سلباً على مقاتليها المنتشرين في الريف الدمشقي، حيث يسعى الجيش السوري لضرب عصفورين بحجر واحد، أولاً تدمير قوى المجموعات المسلحة في مخيم اليرموك، وبالتالي توجيه ضربة معنوية كبيرة لها، ومن وجهة ثانية إفقاد المقاتلين من الريف أي مد ودعم عسكري، ما سيسمح للجيش السوري بالقضاء عليهم بشكل أسرع، وإنهاك قواهم.
وبالتالي فإن المعركة التي تدور رحاها اليوم في المخيم، هي عامل استراتيجي مهم في استئصال قوى المجموعات المسلحة، وإنهاك قواها وإبعادها عن ابواب دمشق، وإراحة العاصمة من الضغط العسكري للمجموعات المسلحة.
معركة مخيم اليرموك ستغير مجريات الواقع على الأرض وستمنح الجيش السوري قدرة على المناورة وقدرة أكبر على الحركة، وسيكون لها مردود على مجريات المعركة في سوريا بشكل واضح.