مسلح يطلق النار على القوات السورية من داخل صف مدرسة في حلب امس (ا ف ب) وأفاد مصدر خاص لـ«السفير» بأن المفاوضات التي بدأها متطوعو مبادرة «أهالي» منذ خمسة أيام، قد تُوجت عند الساعة السادسة والنصف من مساء أمس بدخول شاحنتين محملتين بحوالي 15 طناً من الألبان والأجبان لتكون حمولتهما أول شحنةٍ غذائية تصل حلب عبر أوتوستراد دمشق الدولي منذ محاصرة المعارضة المسلحة للنصف الغربي من المدينة، والواقع تحت سيطرة السلطات السورية، عبر إغلاق طريق دمشق ــــ حلب، ومنع دخول السلع الغذائية من النصف الشرقي الواقع تحت سيطرة المعارضة.
وأكدت المصادر أن المبادرة حظيت بتعاون وتنسيق كامل بين جميع الأطراف، سواء في الغرفة الأمنية في حلب، وغرفة عمليات «خان العسل» المعارضة، والمجموعات المسلحة التي كانت تمنع دخول السلع، مضيفة أنه «من المنتظر أن يتم اليوم إدخال عشرات الشاحنات المحملة بجميع أصناف السلع الغذائية والمواد التموينية بالطريقة ذاتها، وفقاً للاتفاق المبرم بين جميع الأطراف».
بدورها، صرحت غرفة عمليات «خان العسل» في بيان لها، بأنها «أمنت مرور سيارات الإغاثة باتجاه مدينة حلب القسم التابع لسيطرة النظام بالتنسيق مع منظمة الهلال الأحمر لتخفيف العبء عن أهالي تلك المناطق»، مشيرة إلى أنها «تخلي مسؤوليتها عن القافلة فور عبورها من المناطق التابعة لسيطرة الجيش الحر».
وتعود ملكية الشحنات الغذائية إلى عدد من تجار مدينة حلب، حيث أكدت المصادر أن هذه الشحنات ستباع لأبناء المدينة بأسعار مناسبة جداً، و«سيتم اختيار طريقة عادلة ومدروسة لسير عمليات البيع، بعدما قدّم التجار ضمانات بعدم استغلال الأزمة الخانقة التي تعانيها المدينة».
يُذكر أن السلطات السورية الرسمية أفلحت قبل يومين بإدخال كمية من الخضار، عبر طريق خناصر السفيرة، غير أن تلك الكمية كانت عبارة عن حل إسعافي موقت، وتزامن ذلك مع عودة عدد من مخابز المدينة إلى العمل، بعد توفير الدقيق والمحروقات.
وأمس الأول، نجحت منظمة «الهلال الأحمر» السوري في تزويد سجن حلب المركزي بخمسة آلاف وجبة غذائية، في سابقة أولى منذ رزح السجن تحت حصار خانق فرضه المسلحون منذ شهر نيسان الماضي، عندما أعلنت ما أسمته «معركة فك الأسرى».
وقالت مصادر خاصة لـ«السفير» إن جهود «الهلال الأحمر» أفلحت بالتوصل إلى اتفاق مع الميليشيات تقضي بإدخال الوجبات، لكنَّ المحاصرين اشترطوا إدخال وجبات غذائية غير قابلة للتخزين، بل للاستهلاك الفوري، وبناء عليه تكفلت «جمعية الإحسان الخيرية» بتقديم وجبات مطبوخة ساخنة، على أن يتم تكرار الأمر بشكل دوري، مع استمرار جهود «الهلال الأحمر» المبذولة مع جميع الأطراف بغية الوصول إلى حل جذري لمشكلة حصار السجن.
وأوضحت المصادر أن الجهود قد أدت أيضاً إلى الإفراج عن عشرة سجناء ممن انتهت مدة محكوميتهم، ثمانية منهم من السجناء الجنائيين، واثنان من السجناء السياسيين.
وتأتي هذه المستجدات لتشكل بارقة أمل في حل الأزمة الإنسانية التي تعصف بنزلاء السجن البالغ عددهم قرابة أربعة آلاف سجين من بينهم نساء وأطفال، حيث تفاقمت خطورة الأوضاع داخل السجن منذ أسبوعين مع نفاد المخزون الغذائي بشكل تام، وفشل محاولات تزويده بمخزون جديد. وأكدت مصادر داخل السجن أن المسجونين وصلوا إلى مرحلة لا يتلقون فيها إلا كميات ضئيلة من الطحين يقومون بعجنها ثم أكلها بعد تجفيفها.
وسقط خلال الحصار ما يزيد على 200 سجين بين قتيل وجريح من جراء المعارك الدائرة بين الميليشيات التي حاولت اقتحام السجن عدة مرات، وبين العناصر المولجة حماية السجن. كما حاول عدد من السجناء الجنائيين الأسبوع الماضي الهروب، بعد نجاحهم في الحصول على عدد من الأسلحة الفردية بطريقة غير معروفة، ونشبت اشتباكات بينهم وبين عناصر حراسة السجن انتهت بمقتل عدد من السجناء، وإصابة آخرين، علاوة على إصابة أربعة من عناصر الحراسة.
وكانت الميليشيات المسلحة أعاقت محاولة سابقة قامت بها منظمة «الهلال الأحمر» لإدخال فريق طبي ولجنة قضائية ووجبات غذائية لنزلاء السجن. وبالرغم من وجود اتفاق مع الميليشيات يسمح بدخول القافلة إلى السجن، غــــــير أنها تعرضت لإطلاق نار، ما أدى إلى إصــــابةِ قاضٍ وطبيبٍ بجراح، واتهــــمت مصادر مُعارضة حينهـــــا حراس السجن باستــــهداف الموكب، الأمر الذي نفته مصادر «الــسفير».
وعلى الصعيد ذاته، جدد مصدر رسمي لـ«السفير» نفي حدوث وفيات بين السجناء من جراء نقص الأدوية، الأمر الذي كانت وكالة «سانا» السورية نفته نهاية الشهر الماضي، مؤكدةً توفر جميع أنواع الأدوية داخل السجن.
يذكر أن الميليشيات التي تحاصر السجن تنتمي إلى عدة فصائل مسلحة، على رأسها حركة «أحرار الشام الإسلامية» و«جبهة النصرة»، وتبرر تلك الفصائل حصارها بأن «سقوط السجن المركزي والمطار ومعامل الدفاع هي مفاتيح السيطرة على مدينة حلب».
السفير