ماذا عن حماس بعد الرئيس مرسي ..؟

تدلت من مجهولها الى وضوحها المفاجئات ، فكانت جماهير ميادين مصر على اتساع رقعتها الجغرافية والبشرية ، تقول رغبتها بالصوت العالي ، لتغيير حالها الى ما هو أفضل ، فكان لها بعد خمسين ساعة ما أرادت ، فغادر الرئيس محمد مرسي القصر الجمهوري ، كارهاً بفعل قبضة الجيش ، ومنزوياً الى الخلف بفعل الشعب المصري الذي خرج الى الميادين ليقول له " ارحل " .

المشهد مختلف في قطاع غزة ، قبل عام ويزيد عليه أيام ، سمعت عيارات نار في الهواء ، تعبر عن بهجة وفرح شديد ، وانطلقت الاصوات من مكبرات المساجد ، بالتكبير والتهليل والحمد ، وتجمعت الحشود على ضفاف الشوارع الرئيسة في القطاع ، وبعض المسرورين يحملون الحلوى للمارة ، مبتسمين ، نعم هؤلاء كانوا أنصار حركة حماس ، وكانت تلك الليلة الاعلان عن الدكتور محمد مرسي رئيساً منتخباً لمصر ، فلم تمض الليلة تلك بهدوء بل كانت صاخبة وضجيج المسرورين لم تخفه فضائية الاقصى التابعة لحركة حماس .

بعد عام من تلك الليلة ، المشهد مختلف بالكلية ، فالليلة اعلن فيها الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، وزير الدقاع المصري والقائد العام للقوات المسلحة ، عن إبطال الدستور وتكليف عدلي منصور ( ليبرالي ) بإدارة شئون مصر لفترة انتقالية ، الى ثماني نقاط أخرى كلها تصب بترتيب أوضاع مصر ، بعد عهد الرئيس المعزول محمد مرسي ، هذه الليلة قضاها قطاع غزة ، بهدوء غريب ، وشحوب دفين ، باستثناء بعض الابتهاجات المخفية والخائفة من عصي شرطة حماس وعيون الراصدة في أجهزة أمن حماس ، سكون الليلة ، دليل على أن حكام الامر الواقع في قطاع غزة ، غير مسرورين لما جرى ، بينما أوردت وسائل اعلام حماس على استحياء مجروح وانكسار واضح خبر عزل مرسي ، وبعضها لم يخف رفضه لما جرى فكتب " الجيش ينلقب على الرئيس الشرعي لمصر محمد مرسي" بينما فضائية الاقصى كانت من أوائل من نشر كلمة الرئيس السابق محمد مرسي ما بعد عزله والمسرب من الجزيرة مباشر ، والرسميون في حركة حماس التزموا الصمت تماماً ، وبعضهم خرج على الاعلام المشاهد ليقول " المهم أمن واستقرار مصر وليس من المهم أن يكون الرئيس في مصر إخوانياً ".

المشهد في اليوم التالي لعزل مرسي ، لم يكن أيضاً صاخباً رغم صرف رواتب موظفي رام الله ، وكذلك لم تكن الشوارع عامرة ولا الاسواق مكتظة ، بل كانت شبه خالية ، وامتنع السكان عن فتح نقاشات حول ما جرى في مصر ، خشية رصدهم او التربص بهم من قبل عيون أمن حماس ، ولو أن بعض وسائل الاعلام المحلية سجلت حادثة في شمال قطاع غزة لم يتم التأكد منها وهي أن رجال أمن حماس قاموا باطلاق النار على قدم مواطن ، عبر في الشارع عن فرحه بعد خطاب السيسي وعزل مرسي ، نقول الحادثة لم يتم التثبت منها ، ولكن ما هو مثبت أن قطاع غزة أشبه ما يكون قد تحول الى بيت عزاء .

بعض الغيورين الغزيين من شباب مصر ، قال السنا رجالاً لنكون مثلهم ونعلن عن "تمردنا" ورفضنا لحكم حماس في القطاع ..!! كان صوته خافتاً وخافضاً وجاء سريعاً ولكن الكثيرون الذين تدثروا بشجاعة مرحلية قالوا ما قاله هذا المثقف ، والذين يرفضون حكم حماس في غزة ، ويحملونها مسئولية الانقسام الداخلي ، وما جره على سكان القطاع من حصار وغلاء وانقطاع دائم للكهرباء ، وتوريط الشعب الفلسطيني في أكثر من بلد عربي ، لا زالون يهمسون ، همساً عن رغبتهم بالتغيير ، وانهاء حكم حماس في القطاع ، واللجوء الى الانتخابات العامة ، وتجديد الدماء في الجسم السياسي الفلسطيني ، هؤلاء يريدون تغيير ، بإقناع حماس النزول عن الشجرة ، بعد أن خسرت ، سوريا وايران وحزب الله وأهمها مصر ، وربما رحيل الامير حمد في قطر ، خسارة لحماس ايضاً ، فالذين يفجرون السؤال العريض " ماذا تبقى لحماس ؟ ومنه يتفرع السؤال الاهم :" من تبقى لحماس ؟"، سؤالان ينخران جدار الصمت رغم الخوف الكبير في قطاع غزة .

والذين يعقلون الامور بعيداً عن العصبية العمياء في حركة حماس ، طرحوا قبل عزل مرسي ورحيل حمد وبعد خسارة سوريا وحزب الله وايران ، فكرة ترك السلطة لأبو مازن والعودة الى المقاومة ومنابت حماس الاولى وأصولها ، وخلع ثوب الحكم لأصحابه لما للحكم من اعباء ومسئوليات ليس بمقدور حركة او فصيل بمفرده أن يتحملها .

التيار المؤمن بضرورة ترك السلطة في حركة حماس قد يكون له صوت أعلى مما قبل عزل الرئيس الاخواني السابق محمد مرسي في مصر .

وغير بعيد عن تعب لعبة المحاور التي مارستها حركة حماس وخساراتها المتكررة ، يكبر السؤال عن المصالحة الداخلية ، وتعنت حماس في ضرورة اجراء المصالحة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والوطني ، وبعد أن اغلقت باب الانتخابات على فشل تطبيق بنود المصالحة ، هذا في زمن مرسي ودعم مكتب المرشد العام للاخوان في مصر لهم واستقبالهم في القصر الجمهوري المصري ومن أعلى مستويات سياسية ، عين بعين الرئيس محمود عباس ، ولكن بعد دخول رموز الاخوان ومعهم الرئيس المعزول محمد مرسي ، السجون ، ووضع الكثير من قيادات حماس على لوائح حظر دخول مصر ، وفتح قضية سجن النطرون واتهام قيادات ميداينة في كتائب القسام فيها ، وتضييق الخناق على انفاق الكسب الغير مشروع لرؤوس أموال ورجالات أعمال حماس ، هل تقرأ الحركة ليلة ما قبل سقوطها وعزلها من قبل الشعب الفلسطيني ، وتعود بحميد رغبتها وإرادتها لمطلب الجميع بضرورة انهاء الانقسام واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ووطني وفق ورقة المصالحة الوطنية وعلى ضوء اتفاق الكل الفلسطيني في القاهرة والدوحة ، ام لازال في جعبة حماس ورقة تضغط فيها للبقاء منفردة على كرسي قطاع غزة ، ربما تركيا لم تعد مؤهلة بعد قطع شرايينها في الاقاليم لتغذية اصرار حماس على هذا البقاء .

حماس والوقائع في قطاع غزة مختلفة عن وقائع مصر ، فهي قائدة القوات المسلحة ، وأمرها نافذ على قادة الاجنحة المختلفة ، وصوتها وحده المسموع في الاجهزة الامنية ، ولا يجريء أي في مؤسساتها أن يخرج عن رغبتها لذا هي مطمئنة على وجودها حاكما في قطاع غزة ، ولكن الجماهير المحشورة بأزماتها ، والنيل من كرامتها ، وحرمانها من أبسط حقوقها في الحياة ، قد تنفلت صوب الميادين ولو كانت تدرك انها ستموت تحت سياط رجالات أمن حماس ، فما جرى في مصر غذى بلا شك إرادة هؤلاء لتغيير واقعهم المأزوم . (س.د)

» ماذا بعد تورط حماس في الأحداث السورية والأزمة المصرية؟
» ماذا سنقول للقادة العظماء إذا سُئلنا عن حماس ؟ بقلم : مي حميدوش
» "حماس" ساعدت الإخوان على تهريب مرسي
» حماس : المهم استقرار مصر سواء كان مرسي رئيساً ام لا
» الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ينفي تلقية تهاني من الرئيس الاسد او رفضها