دام برس – اياد الجاجة :
في التحليل السياسي نستخدم كلمة الانتصار أو انتهت اللعبة أو فشلت وهذه التعابير تلقى استحسانا عند البعض واستهجانا عند البعض الآخر وكل له طريقته بتبرير أسباب تصديقه أو تكذيبه .
وفي الحقيقة إن كلمة انتصرنا أو فشلت المؤامرة تبدأ من مقارنة بين واقعين واقع مضى وواقع حاضر فمثلا عندما نتكلم عن الانتصار في مدينة ما وان الوضع في حكم الانتهاء من يصدق ومن يكذب؟
ببساطة إن من عاش الوضع الصعب في بداية الحرب وعاش تفاصيله على ساحة القتال ابتداءً من التكبير في الليل إلى عمليات الخطف إلى التقطيع وإطلاق النار اليومي بل والساعيّ واستهداف المجموع للحي ثم بدأ التراجع شيئا فشيئا والقي القبض أو قتل من أقام المسالخ وخف الخطف وأصبح الإزعاج بالتكبير أو دق الطناجر مسخرة وأصبحت الناس تخرج من بيوتها دون خوف وأصبحت المواد الغذائية غير مهددة بالانقطاع وكذلك الماء وأصبح الطلاب يذهبون إلى المدارس هذا الشخص الذي يعيش الواقع الحالي يقارنه بالماضي فيقول انتهت اللعبة وفشلت وانتصرنا على الأعداء ،وأما من لم يعش تلك الظروف إلا بالسمع أو انه كان لا يتعرض لشيء من هذا واليوم بدأت المشكلة عنده وفي حيه يقول كلمة الانتصار أو الفشل غير صحيحة.
والصحيح أن نستعرض كامل المناطق في بلدنا ونتعرف على الماضي أن لم نكن نعيشه إلا بالإعلام ونقارنه مع واقعه الحالي عندها نستطيع الحكم ونتفق على الاستنتاج .
قواعد اللعبة للحرب العالمية على سوريا:
كانت قواعد اللعبة بالحرب على سوريا تتضمن شروطا أمريكية تحاول أمريكا عبر إتباعها وسيطرتها على المنظمات الدولية فرضها ،وكانت محاولات الفريق المتصدي والذي يقع عليه التآمر هو تخفيف هذه الشروط ما أمكن مع مراعاة المصالح الأمريكية.
في صمود سوريا لمدة عامين وأكثر أصبح واضحا أن الغرب بكل إمكانياته فشل في تحقيق أي هدف له "قد يقول قائل انه دمر سوريا وخرق النسيج السوري واضعف الجيش ...الخ وهذا صحيح ولكن الحرب لم تنتهي لنستنتج تلك النتائج" .
من خلال مراجعة التاريخ نحاول قراءة نهايات الحروب العالمية:
في الحرب العالمية الأولى كانت الإمبراطورية العثمانية وكانت هذه الإمبراطورية اكبر من أمريكا وممتدة إلى معظم بلاد أوروبا الشرقية بالإضافة إلى الوطن العربي .
كيف انتهت الحرب؟
انتهت الحرب بتفكك الإمبراطورية وانفصال الدول التي تحكمها هذه الإمبراطورية بل وإلحاقها بالدول المنتصرة واستمر التفكك حتى طال تركيا نفسها، ولكن هذا الأمر استمر ثلاث سنوات تقريبا.
في الحرب العالمية الثانية:
الإمبراطورية الألمانية النازية فشلت في الحرب عندما لم تستطع احتلال موسكو وبدأت نتائج الفشل تتراكم شيئا فشيئا وكل الاستراتيجيين يعرفون أن الحرب انتهت بمعركة موسكو 1941 علما أن من كان يقول وقتها أن الحرب انتهت يتهمونه الناس بأنه لا يعرف شيئا لأن ألمانيا كانت تملك قوى هائلة في وقتها .
كيف انتهت الحرب بعد 3سنوات؟
تحررت كافة الدول التي سيطر عليها الألمان والتي كانت تابعة للألمان ولها حكومات عميلة تأتمر بأوامر الفوهرر وتفككت ألمانيا أيضا .
إذا يحق لنا أن نسأل الأسئلة التالية:
هل نحن متفقون بأننا نخوض حرب عالمية ؟
إذا كانت الإجابة بنعم فنحن إذا سنشهد مشهدا دراماتيكيا متصاعدا يطال كافة الدول التي شاركت بالحرب وينتهي عند الدول الأساس وهي أمريكا .
هذا الاستنتاج المنطقي هو الذي يجعلني دائما أقول بان الحرب أصبحت بوجهها الآخر وبدأت حالة الانتصار بالظهور بدأً من الدول المتدخلة بشكل مباشر وانتهاءً بالدول التي تدخلت بشكل غير مباشر.
قواعد اللعبة بدأنا نشعر بها بوضوح بالمواقف السياسية فالشروط الأمريكية التي كانت موجودة في بدء الحرب والتي كانت سوريا تفاوض من خلالها .أصبحت الآن مرفوضة بالمطلق.
قواعد اللعبة التي كانت تقر بان أمريكا دولة كبرى يطلب منها أن تتدخل كوسيط بين المتحاربين أصبحت الآن مرفوضة كوسيط وقد أعلنها الرئيس الأسد صراحة أن أمريكا لا تصلح لتكون وسيطا .
قواعد اللعبة التي تستند على أن هناك منظمة دولية والدول دائمة العضوية تتدخل من اجل السلم العالمي سوريا أعلنت أن هذه الدول تشارك في الحرب ولا تصلح لتتدخل بالحل.
قواعد اللعبة تغيرت لأن أمريكا كانت تعتبر الدولة صاحبة القرار في العالم وان باقي الدول تتبعها أصبحت الآن تتفاوض للمحافظة على مصالحها وفقدت قدرة التأثير بعد أن قلمت أظافرها.
قواعد اللعبة تغيرت لأن الحلف الأطلسي فقد القدرة على التدخل في سوريا.
إذا نحن الآن أمام معادلة من نوع آخر قادمة لا محال وهو تثبيت الفشل على كل الدول التي حاربت سوريا وهذا التثبيت يعني تغيرا في الجغرافيا .
أمريكا تعرف وأوربا تعرف وتركيا تعرف وإسرائيل تعرف والبعير الخليجي يعرف أن القادم هو تغيير جوهري وجذري يفرضه المنتصر على كامل جبهة الأعداء .
تحاول أمريكا الهروب ولكن لا مفر فمن سهّل لها الهروب من منطقة العرب نفسه ينصب لها فخا في شرق آسيا ومعركة كوريا قادمة لا محال وبالتالي الانهيار على الأبواب.
الجميع يتهيأ لمعركة الفصل ومن يحاول النأي بنفسه الان لن يستطيع الاستمرار ولابد وان تتقسم الإمبراطورية مهما حاول خبراؤها التخفيف عنها ولابد ان يطال التقسيم كل الحلف الأمريكي.
النتيجة:
ستحاول الدول الأذناب عمل المستحيل لكي تهرب تحت عباءة أمريكا وإقناع الأمريكيين بالتدخل واسرائيل هي مرشحة لتكون الضاغط الاكبر على امريكا ووضعها في موقع لا خيار لها فيه وهو شن هجوم مرتقب على سوريا او لبنان بحجة ضرب الصواريخ ويكون التركي اردوغان قد اسنفر كل ادعاءاته على سوريا والسيناريو المتوقع هو وفق تسلسل افتراضي كالتالي:
بعد حوالي شهر تبدأ عمليات التحرير في الجولان .
تحاول اسرائيل توجيه الاتهام المباشر الى سوريا وتقصف مواقع جديدة بالصواريخ وبالرد السوري تبدأ المعارك بالتحول الى معركة بكل صنوف الاسلحة وعندها يتدخل التركي وهذا سيجعل التدخل الايراني محتوم .
يتدخل حلف الناتو دفاعا عن اسرائيل وتركيا وتبدأ عمليات الاستنزاف لحلف الناتو التي ستنتهي حكما بخسارته وانكفائه الى الابد وتبدأ الانهيارات السريعة في كامل امبراطورية العدوان .
نحن السوريون ومقارنة مع ما مضى من ايام ،ومقارنة مع ماكان مخطط لنا ، ومقارنة مع ما تحقق نشعر بكل ثقة اننا انتصرنا في معركتنا الصغرى في الداخل السوري ونحن نتجه حكما للانتصار الاكبر بقطع رأس الافعى .