دام برس:
في عصر "النهضة القومية" الصادقة وليس "المزيفة"، كانالحديث عن أمريكا دون نعتها بالعدو يشكل "خيانة" للضمير العربي، لم يكن عميلا،مهما بلغت حقارته السياسية، يجرؤ أن يتحدث بكلمة يمكن أن تحتمل بعضا من"الايجابية"، ربما عدا الأفلام السينمائية، كان ذلك زمن النهوض القومي التحرري بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذي كان سدا عاليا أمام تحقيق وتنفيذالمشروع الاستعماري الصهيوني الطائفي، ولذا كان لابد من الخلاص منه بمؤامرة"ثلاثية" امريكية – اسرائيلية وأطراف عربية دولا واحزاب وجماعات، وكان شعارهاالتخلص من "الاستبداد الناصري" المعارض لمصالحهم ومناطق نفوذهم، كانت مؤامرتهم تدور بالصمت وفي "ظلام" يشبه ظلامهم الفكري – السياسي..
اليوم باتت أمريكا صديقا منقذا مخلصا، مبشرا لدينهم الجديد، الطائفي الاستعماري التقسيمي، ولم يعد يقف أمام خيانتهم العلنية حاجز، مستغلين انهاك الحركة التحررية العربية بعد الاستبداد الرسمي العربي ضدها، وتقليم أظافرها فعلا وحضورا، وسمحوا لقوى الظلام استغلال ظلام الاستبداد الحاكم،ومنحوها كل ما يمكنها من "الظفر" بلحظة "النصر المعد" لتنفيذ مشروعهم الخياني الكبير، ولم يعد الكلام عن هذا الحلف يقال من باب الاختلاف بالرأي، بلأن الصوت والصورة باتت هي دليل رسمي على الانحدار الكامل لبئر "الخيانة الجديدة"..
قبل ايام فقط، خرج الدكتور يوسف القرضاوي رئيس ما يسمى "اتحاد علماءالمسلمين" وهو تنظيم تشكل برعاية قطرية وتمويلها وبموافقة ورضاواشنطن لنشر "الاسلام المعتدل"،
القرضاوي الذي يُستخدم منذ الاحداث العربية الأخيرة، لتمرير مخطط الفتنة السياسية الكبرى، خرج قبل ايام وفي صلاة الجمعة بمسجد مجاور للقواعدالأمريكية في قطر، يدعو أمريكا ويستنجد بها كي تخلص "الأمة" من الأسدونظامه، وكأن الخطبة اياها كانت كلمة السر لانطلاق الحرب الاسرائيلية على سوريافي مظهر ضربات جوية ضد اهداف استراتيجية..
بدأت اسرائيل منذ فجر الجمعة الماضية بالتدخل المباشر في الحرب على سوريااستجابة لنداء "المستنجد بأمريكا – القرضاوي سابقا" قبل اسبوع واحد لا اكثر،تقصف المواقع العسكرية والبحثية السورية، وكانت المفاجأة الكبرى أن تقف ماتسمى بعض اطراف المعارضة السورية المسلحة، القريبة من الشيخ وانصارهالمتأسلمين، فرحة سعيدة جدا بتلك الغارة الاسرائيلية وتقدم "تقريرا تفصيليا" عنأهدافها وحددتها بأنها "صواريخ متطورة" كانت متجه لحزب الله في لبنان، وبعدهابيومين تقصف اسرائيل مركز ابحاث سوري، وللمصادفة الربانية كما يقال، يتمتصوير عملية القصف الاسرائيلية من قبل أدوات المعارضة التي دربتها الجزيرةوامريكا على التصوير، بالتهليل والتكبير لذلك القصف الاسرائيلي..
هل يمكن وصف هذا بالانحطاط السياسي، الحقيقة انه يتجاوز ذلك كثيرا ويصلالى كونه جزءا عمليا من خيانة علنية مكشوفة لا يمكن تبريرها مهما حاولت قوىالردة السياسية أن تحتمي بالدين الاسلامي، فتاريخ الامة ممتلئ بأمثال هولاءالذين احتموا بالدين لتمرير الخيانة، وبات رمزهم المعاصر ذلك المستنجد بأمريكا –قرضاوي سابقا..لا يمكن لوطني او عروبي او ديمقراطي ان يكون جزءا من حلفتقوده أميركا وأداته التنفيذية اسرائيل ووقوده المالي قطر ومن شابهها، هذا هوحلف الشيطان والشر الحقيقي على الشعوب والمنطقة العربية..
المعارضة الديمقراطية السورية تتحمل مسؤولية تاريخية لتبيضصفوفها من قوى الردة والخيانة، وأن تفك أي تحالف مع دول وقوىوشخصيات تحولت لعناصر ثورة مضادة على المشروع الديمقراطيلسوريا، المهمة المباشرة لتلك المعارضة الوطنية تطهير صفوفها من خونة تمكنوا منالاحكام بالواقع بفضل دعم عسكري امريكي – اسرائيلي ومالي قطري سعودي،ولم يعد انكشاف خيانتهم يشكل عارا او عملا مخجلا لهم، بل يفتخرون به ويطالبونه ويكبرون له، معارضة تستنكر نقل صواريخ متطورة الى لبنان يمكن لها أن تضيفقوة ضد اسرائيل في لحظة ما، وهم بذلك تعروا من أي بعد وطني بفضحهم ذاتهمبذاتهم، فقصف اسرائيل لتلك الصواريخ ليس لدعم تلك المعارضة المشبوهة بل لمنعتعزيز قوة حزب الله المتوقع ان تكون موجهة ضد اسرائيل، ولكن "شيخهم المستنجدباميركا"، استبق العدوان الاسرائيلي باعتبار حزب الله شيطاني ودعا للخلاص منه، فاستجابت تل أبيب فورا لنداء "الشيخ" المستنجد بأمريكا – قرضاوي سابقا...
تلك هي ملامح مشروع الشر الجديد وأدواته لضرب كل دول عربية يمكن لها أن تكون دولة قائمة قد يكون لها دور ومكانة خارج اطار الخنوع والتبعية والركوع لأمريكا، كما ركعت صغار الدول وأقزام الحكام وأنصار تيار "الاسلام السياسي"!
اصدر امير البلدة اياها أمرا لـ"الباحث القطري من اصل فلسطيني-الهارب"بتحضير خطاب "النصر"على بشار بـ"الضربة الاسرائيلية"!